كفل الدستور العراقي, المصوت عليه من قبل الشعب عام ,2005 حرية التجمع والتظاهر السلمي في البند ثالثا من المادة الثامنة والثلاثون منه.
التظاهر هو حرية شخصية لأي فرد القيام بها, اعتراضا على امرا ما, اورفضا لسياسة معينة, على أن لا يخرج التظاهر عن إطاره السلمي, والأخلاق العامة, وصيانة حرمة الأملاك العامة والخاصة, كما لا يحق لأحد إجبار أحد آخر على التظاهر أو عدمه.
يشهد العراق ومنذ الاول من شهر تشرين الاول لعام 2019, مظاهرات عارمة اجتاحت مدن الوسط والجنوب العراقي منادية بالإصلاح السياسي, ورافضة للفساد والمحاصصة, التي اتت على كل صغيرة وكبيرة في مفاصل الدولة.
لا شك أن من ينكر مستويات الفساد في العراق فهو واهم ومجانب للحقيقة, وكذلك المحاصصة بلغت حدا جعلت الشعب العراق يتم تقسيمه على اساس الانتماء والولاء.
شهدت التظاهرات –وللأسف- على مدى أيامها عنفا وعنفا مضاد شوه صورة التظاهر, وأساء إليه, ورغم أن الحكومة شكلت لجنة للتحقيق بالأمر إلا إن نتائجها لم تكتمل قضائيا بعد.
أطلق بعض المتظاهرين, وسَوَّقَ بعض الاعلاميين, التظاهرات على أنها ثورة شبابية لقلب نظام الحكم, واندفع كثيرُ من الشباب المتحمس مع هذا التوصيف.
الحقيقة إن توصيف التظاهرات بأنها ثورة هو إساءة للتظاهرات نفسها, وذلك لاختلاف العنوانين وطريقيهما, فالتظاهرات عادة وحسب التعاريف, ومواثيق الامم المتحدة, ومنظمات حقوق الانسان, هي حركة تجمع سلمية, هدفها رفض أو تأييد حدث ما, وتعد نوع من المشاركة السياسة, فيما تعد الثورة حركة -مسلحة عادة- لتغيير شكل الحكم, وطبيعة النظام, وهي تعد نوع من المنافسة السياسية.
السبب الذي يجعل جماعات الضغط تنجع في هدفها هو توحيد المطالب, ووجود هيئة تنسيقية متفق عليها, للتفاوض مع الجهة التي يتم التظاهر ضدها, مع تحديد مدد زمنية لتنفيذ تلك المطالب.
ما يحدث في تظاهرات العراق هو تشتت للمطالب, وغياب للرؤية الواضحة لما بعد التظاهر, وأيضا غياب تام للجنة التنسيقة التي تأخذ على عاتقها التفاوض لأجل إقرار المطالب, وقد شجع هذا الغياب على تعدد الشعارات, وبروز أسماء كثيرة –سلبية او ايجابية- للتحدث باسم التظاهر والمتظاهرين داخل وخارج العراق, وهو أمر ينذر بخطر كبير على التظاهرات خشية أن يتم سرقتها من قبل جهات داخلية أو خارجية.