ان حرية الشعوب ، والارادة الوطنية (الشعبية) لا الحزبية ، روح لا يمكن قتلها بهراوة ، او غلق طريق او استخدام مياه ساخنة وحتى العيارات النارية، فأنها لا تنفع ، نعم … تؤدي الى سقوط ضحايا … نعم تسبب معاناة فوق المعاناة الموجودة اصلا… نعم تؤثر الى حد ما في زخم التظاهرات…. ولكن لاتستطيع ان تغير الحقيقة الراسخة في الاذهان…هناك فساد مستشري في مفاصل الدولة… هناك ظلم واقع على جميع فئات الشعب…هناك وكلاء وتجار يبيعون ويتاجرون بدماء الشعب… خسر العراق لغاية الان 3 محافظات …كردستان ينهب بثروات البصرة… الفاشلين والجهلاء يتولون مقاليد الحكم … المؤسسات الحكومية عبارة عن خراب في خراب وهي عبارة عن بنك مفتوح لتمويل الاحزاب والمتسلطين على هذه الوزارات من العوائل والعصابات …
وانقل عن مجموعة من المتنفذين في الاحزاب الحاكمة انهم كانوا يتوقعون من هذه التظاهرات ان تكون (موديل) او امر وقتي يضمحل بالتقادم ، حيث ذكر لي احدهم نقلا عن راس الهرم في الحزب الحاكم ان هذه الفقاعة سوف تستمر لعدة ايام ومن ثم تضمحل كسابقتها، وللاسف الشديد ان الاعم الاغلب من عامة الشعب لا يشعر بحجم الخطر المحيط بالوطن، ولعل ان ثقافة الهجرة و الهروب بدأت تترسخ في اذهان الكثير، حيث ومن خلال عدة نقاشات في الشارع ومع بعض الاصدقاء، فأن الفكرة هي ان يهرب عامة الشعب وبالاخص فئة الشباب واصحاب الشهادات الى بلاد الغرب ، ولحين استتباب الامن وعودة الحياة الى طبيعتها في عموم العراق.
والطريف في الامر ان احدهم قال لي ، انه سيعود ويستقلد منصب حكومي بعد 10 او 15 سنة، حاله حال ساسة العراق ، لانهم خرجوا سابقا لاجئين “يستجدون رغيف الخبز” والان يمتلكون ارصدة في المصار العالمية وعقارات وحياة مرفهة ، فلما لا يحذون حذوهم ، والبقرة الحلوب (ثروة العراق) مباحة للجميع.
اذن وعلى الرغم من ان التظاهرات اوصلت صوت الشعب المغلوب على امره ، ولكن لا يمكن الاستمرار بالتظاهرات الى اجل غير مسمى ، فكل الاصلاحات (المزعومة) لا تكاد تكون حبر على ورق ، بل انها تضر في احيان اخرى، كما هو الحال في سلم الرواتب الجديد، حيث تم سرقة مخصصات واضافتها الى ذوي الدرجات الخاصة، اقول ان التظاهرات انتهى وقتها …ولم تعد ذات جدى….
المرحلة القادمة يجب ان تكون محددة المعالم والاهداف وصارمة وواضحة …الاعتصام في ساحة التحرير …هل تعلم اخي القارئ ان ساحة التحرير هي المدخل الى المنطقة الخضراء من خلال جسر الجمهورية، هل تعلم ان قطع هذه الساحة بالاعتصام يؤدي الى شلل مكاتب حكام المنطقة المشؤومة … لا يستطيعون الدخول الى مكاتبهم في حال غلق هذه الساحة…فلو كانت لدى الجماهير قوة حقيقية واصرار وعزيمة فعليهم بالاعتصام المدني ….
وللحديث تتمة …