بعث الشارع العراقي في تظاهراته الأخيرة التي اقتلعت بعض السياسيين الفاسدين من مناصبهم وعلى رأسهم نوري المالكي رسالة الى طهران عبروا من خلالها العراقيين عن رفضهم للتدخلات الإيرانية في الشأن الداخلي العراقي ورفضهم لدعمها للرموز السياسية الفاسدة كالمالكي.
حيث أظهرت التحقيقات وقوع فساد عارم في عهد حكمه للعراق – خلال الولايتين – أدى هذا الفساد إلى فقدان أكثر من تريليون دولار من موازنة العراق خلال تلك السنوات بما فيها ضياع موازنة سنة 2014, وكذلك ثبت أن المالكي ومع مجموعة كبيرة من القيادات الأمنية والعسكرية والسياسية ساهموا بشكل كبير في سقوط الموصل ودخول تنظيم داعش الإرهابي الذي تسبب بانهيار امني كبير في العراق الأمر الذي أدى لوقوع الكثير من المجازر التي راح ضحيتها العراقيين وكذلك تسبب في هجرة ونزوح ملايين العوائل العراقية.
وهذا بطبيعة الحال كله كان في مصلحة إيران, فدخول داعش للعراق ساعد دخول إيران بصورة مباشرة للعراق خلال تشكيلات من الحرس الثوري وفيلق القدس وتحت قيادة قاسم سليمان الذي كان يدير مكتب القائد العام للقوات المسلحة العراقية أيام حكم المالكي, وكذلك بروز المليشيات الموالية لإيران التي ساهمت وبشكل كبير على تهجير العوائل السنية العراقية وارتكاب المجازر وتحويل العراق إلى ساحة صراع طائفي بشكل خدم مصلحة إيران ومشروعها الإمبراطوري التوسعي في المنطقة, كما ساهم رموز الفاسد وأبرزهم المالكي على جعل العراق سلة إيران الغذائية طيلة الفترة السابقة خصوصاً وان الأخيرة ترزح تحت وطأة العقوبات الاقتصادية الدولية, وذلك من خلال فتح الحدود أمام التجارة الإيرانية وأيضا تصدير النفط لها وبدون أي ” عدادات ” والذي استفادت منه إيران في دعم اقتصادها المنهار, ويرافق ذلك الصفقات التجارية وعلى كافة المستويات وخصوصاً القطاعين العسكري والكهربائي وبمليارات الدولارات التي لم يستفيد منها الشعب العراقي أي شيء.
هذا الأمر الذي جعل إيران تقف موقفاً سلبياً من التظاهرات العراقية حتى إنها أرسلت قاسم سليماني إلى العراق مرة أخرى من اجل الإشراف على ضرب تلك التظاهرات والسعي لتحويل مسارها بما يتناسب مع مصلحة إيران, حيث الترويج لدعوة إقامة حكم رئاسي يراد منه إعادة تنصيب أحد المفسدين التابعين لها رئيساً للعراق, وما يلفت النظر في هذه التظاهرات هو موقف الشيعة المناهض لإيران والرافض لتدخلاتها في العراق وهذا الموقف يتناسب مع رغبات إخوتهم السنة وهو تطور يسهم وبشكل كبير في إذابة الخلافات الطائفية التي أوجدتها إيران, وقطع الطريق أمام مخططات الفتنة التي ضل يرسم لها قادة إيران في العراق من أجل مصلحتهم.
فهذه التظاهرات العراقية قلبت الطاولة على إيران وضربت مصالحها وأطاحت بالسياسيين الفاسدين التابعين لها, حتى جعلتها تدخل على الخط وتكشف حقيقتها التي كانت تتستر عليها باسم الدفاع عن المذهب والدين والمقدسات, وكما يقول المرجع الصرخي في بيان ” من الحكم الديني ( اللاديني ) … إلى … الحكم المدني ” …
{{… 2ـ أعزّائي احبّائي لقد وفَّقَكم الله تعالى لكسر حاجز الخوف والانقياد المذلّ لسلطةِ فراعِنة الدين وكهنوتِها …وقد قلبتُم مَكْرَ الماكرين على رؤوسهم حتى صاروا مهزومين مخذولين يبحثون عن أي حلّ ومخرج وبأقل الخسائر الممكنة.
3ـ لقد توعّدوا بالتظاهرات وهدّدوا بها وروّجوا وأججوا لها وسيّروها… لكن انقلب حالهم فجأةً فصاروا مُعَرقِلين لها ومُكَفِّرين لها ولِمَن خَرَجَ فيها ،
4ـ فَشِلَ مكرُهُم بسببِ وعْيِ الجماهير وتشخيصِهم لأساس وأصلِ ولُبِّ المُصاب ومآسي العراق في تحكُّمِ السلطةِ الدينية بأفكار وعقول البسطاء والمغرَّرِ بِهِم وتحكُّمِها بمقدَّرات البلد بكل أصنافها وبتوجيهٍ مباشر من إيران جار الشر والدمار.
5ـ بعد أن انقلب السحر على إيران الساحر بفضل وعيكم وشجاعتكم وإصراركم فادعوكم ونفسي إلى الصمود في الشارع وإدامة زَخْمِ التظاهرات والحفاظ على سلميّتها وتوجّهها الإصلاحي الجذري حتى كنسِ وإزاحة كلِّ الفسادِ والفاسدين وتخليصِ العراق من كل التكفيريين والتحرر الكلي من قبضة عمائم السوء والجهل والفساد حتى تحقيق الحكم المدني العادل المنصف الذي يحفظ فيه كرامة العراقي وإنسانيته وتمتُّعِه بخيراته بسلامٍ واَمْنٍ وأمان…}}.