23 ديسمبر، 2024 4:26 ص

التطعيم بشرائح الكترونية

التطعيم بشرائح الكترونية

تعد بصمة الابهام في مقدمة الأدلة لتحديد هوية الانسان ، وقد اكتشفها العالم التشيكي جون ايفان بركنجي ، وقد كان متخصصا بعلم التشريح عام 1823 . فاستطاع ان
يثبت بالبحث العلمي عدم إمكانية تطابق بصمة شخصين في صورة واحدة . وهكذا استخدمت بصمات الاصابع للتعريف بهوية الانسان واستخدمت على نطاق واسع لاكتشاف الجرائم .
وفي الخمسينات من القرن الماضى، نجح العالمان جيمس واطسون وفرنسيس كريك من جامعة كامبريدج فى اكتشاف التركيب الكيميائى للحمض النووى DNA، المسؤول الأول عن تحديد الصفات الوراثية بين الكائنات الحية ، فاصبح هذا الاكتشاف من افضل الوسائل للتعريف بهوية الانسان ، اضافة الى معرفة الانساب .
وبعد التطور الكبير في استخدامات الكومبيوتر ، تم اعداد شرائح صغيرة جدا تزرع في جسم الانسان لتحديد هويته ، حيث تحتوي على كل المعلومات المتعلقة به طبيا وبايولوجيا واجتماعيا .

سعت بعض الشركات السويدية لزرع مثل هذه الشرائح في اجسام موظفيها (طواعية) وروجت لذلك باعتبارها افضل وسيلة لحماية بياناتهم من التلاعب و التزوير ، فكان دافعًا للعديد من الشركات لاستخدامها .

وحذت بعض الشركات والمؤسسات العالمية حذو السويد فقامت بزراعة الشرائح الالكترونية تحت جلد موظفيها لتسهيل مهامهم، ووضع تحركاتهم تحت الرقابة بشكل دائم.
وتعتقد هذه الشركات أن استخدام الشرائح الإلكترونية لموظّفيها أفضل لها من استخدام بصمة اليد أو العين وغيرها ، لحماية موظفيها من تهكير المعلومات التي تسرب اسرار ونشاطات الشركة وتضعف من منافستها .

تُصنع الشرائح الإلكترونيّة من مادة السيليكون، ويتم تسجيل كل المعلومات الشخصية عليها وزرعها بجسم الإنسان . وهناك جهاز خارجي يتحكم فيها . ويتاح له معرفة أيّ شيء يحدث للإنسان فى كل لحظة من حياته !
.
وأتاحت هذه الشرائح للموظفين فتح أبواب الشركة، والدخول إلى حساباتهم الشخصية على أجهزة الكومبيوتر والتسوق ، وتشغيل الآلات المختلفة التي تحتاج إلى كود شخصي (شفرة) ، وكذلك الدخول لحساباتهم البنكية أو الخزانة الشخصية و أجهزة الكومبيوتر أو الهاتف المحمول .

لا يقتصر استخدام الشرائح الإلكترونية على الشركات فقط؛ بل توسّع استخدامها لأغراض مختلفة مثل منع الحمل للسيدات لفترة قد تصل الى ستة عشر عاما . وكذلك التحليلات المرضية ، والمواصلات وحالات الفقد والتوجيه والمراقبة وكل النشاطات اليومية لحاملها .

بعد اجتياح فيروس كورونا بدأت دعوات التلقيح ضد هذا الوباء ، خصوصا في امريكا واوروبا وكانت فرصة مناسبة لزراعة الشرائح الرقمية على نطاق واسع بحجة تطعيم الناس واعطائهم المناعة من خلال هذه الشرائح . ولتتعرف السلطات من خلالها على الوضع الصحي لكل شخص وتحصل على معلومات كاملة عن اللقاحات التي تناولها .

ان شريحة ID 2020 المقترحة ‏تحت مسمى لقاح ، هو مشروع هوية عالمي موحد ، سيتيح “للأخ الأكبر” معرفة تحركات كل شخص ومكان تواجده في كل لحظة . وفي حالة الضرورة يتم عزله عن المجتمع عند الضرورة بتعطيل او ايقاف العمل بالشريحة .
كما تُتيح هذه الشريحة للمتحكم فيها معرفة بيانات شديدة الخصوصية لحاملها . ومن هنا تأتي خطورة مثل هذا المشروع على الافراد وتصبح الحرية الشخصية في خطر نتيجة المراقبة واحيانا التوجيه من خلال هذه الشرائح . وهذا يخلق شعورا دائما بالمراقبة والخوف . مما يجعل الناس أكثر توترًا في حياتهم الطبيعية اليومية .

ليست الخصوصية وحدها معرضة للخطر بل ان هناك مشاكل صحية اخرى تترتب على حامل هذه الشرائح حسب رأي الجراح الروسي فلاديمير خوروشوف، الذي صرح بأن «زرع الشرائح الإلكترونية يشكل خطرًا كبيرًا على حياة الإنسان» .

لن تكون هذه الشرائح مفاجئة لنا ، حيث يحمل كل شخص جهازاً يرسل معلوماتٍ عن تحركاته وسلوكياته اليومية إلى شركات غوغل وأبل وفيسبوك ، ولكن هذه الرقائق الإلكترونية المزروعة تحت الجلد تجعلنا في محنة أسوأ بكثير من مجرد اختراق الهاتف ، حسبما صرح احد الاشخاص الحاملين لهذه الشريحة . واضاف انه ليس من السهل التخلص من تلك الرقائق المزروعة تحت الجلد “أو وقفها عن العمل”.
ويضيف بالقول: “شعرت كما لو كانت هذه الرقاقة جزءاً من جسدي، لذا كان هناك شعورٌ حقيقيٌ بانعدام الحيلة”.

وما يزيد هذه الشرائح خطورة انه يمكن ارسال اشارات الكترونية الى تلك الشرائح للتأثير على التفكير او السلوك الطبيعي لحاملها ، ويمكن ان يتحول الانسان بواسطة هذه الشرائح إلى “روبوت بيولوجي” كما سيصبح كل انسان مرتبط ببنك معين وحساب محدد وعند الضرورة يقوم “الأخ الأكبر” باغلاق البطاقة وحرمان الشخص من المال لدرجة انه يمكن حرمانه من التصرف بامواله ، وحتى حياته .

وعلى العموم فان استخدام التقنيات الجديدة يجب ان ينظر اليها ليس من الجانب العلمي او العملي فقط وانما من جوانب انسانية ، عاطفية أو نفسية لكونها تتعلق بخصوصيات لايمكن التخلي عنها بسهولة . لا سيما عندما يتعلق الأمر بالتصرف بجسم الانسان ، وتحديد حركته .

اننا نرى على وجه التأكيد ان مطالبة اي شخص بزرع شريحة تحت جلده سيكون في كل الأحوال انتهاكًا لحقوق الانسان ، والتجاوز على خصوصيته ، وسلامته وحرمة حياته.