23 ديسمبر، 2024 1:39 ص

التطبَيع: وسيلة لأحكام السيطرة على الاوطان العربية وسرقة ثرواتها

التطبَيع: وسيلة لأحكام السيطرة على الاوطان العربية وسرقة ثرواتها

ان التطبيع مع الكيان الصهيوني، على الرغم من كونه، اعتراف عربي بهذا الكيان بلا مقابل، ما سيؤدي الى شرعنة الكيان الصهيوني وجرائمه بحق الفلسطينيين. ان التطبيع يرتبط بالاستراتيجية الكونية الامريكية في المنطقة العربية وجوارها الاسلامي. أن واحد من اقوى الاسس التي تم بها او من اجلها اقامة هذا الكيان او زرعه في قلب الوطن العربي؛ هو التآمر على الاوطان العربية بما توفر لهذا الكيان في سنوات التأسيس الاولى، وما توفر له لاحقا على مدار السنوات التالية، وما توفر له في العقدين الأخيرين؛ من ادوات التآمر على العرب حتى هذا الحين. من الطبيعي ان تكون هناك اسباب اخرى لإقامة هذا الكيان، والتي من ابرزها ومن اهمها؛ هو ايجاد وطن لليهود؛ حسبما جاء في وعد بلفور سيىء النوايا والصيت والهدف؛ نزولا وتعاونا وتحالفا استعماريا لا شرعيا مع ارباب الحركة الصهيونية العالمية من المؤسسين الاوائل لهذه الحركة، في تخادم نفعي ومصلحي، تبادلي. أن التطبيع مع هذا الكيان هو في الاول والاخير؛ يقع في خانة اعادة تشكيل الاوطان العربية جغرافيا وسياسيا، بالشكل الذي يفقدها هويتها العربية اي التعامل مع اي دولة من الدول العربية، كونها كيان او دولة وشعب منفصلان عن جسد الامة العربية و الاسلامية، بتجريد هذه الدول من ارثها التاريخي والديني، ومن وحدتها الجغرافية، ومن تاريخها المشترك، ومن تكاملها الاقتصادي؛ حتى تكون وحدات لا تمتلك قوة التأثير والفاعلية، وبالتالي من السهولة التعامل معها، والسيطرة غير المنظورة عليها وعلى مقدراتها وثرواتها. هنا يكون للكيان الصهيوني اليد الطولى في جميع الاصعدة الاقتصادية والتجارية والصناعية والمالية والثقافية. وبالعودة الى ما سربته الصحف العبرية قبل سنوات من الان وهو تسريب مقصود.. من أن أكثر انظمة الدول العربية، كانت تقيم علاقات سرية مع هذا الكيان، وزيارات لمسؤولي رفيعي المستوى في هذه الانظمة الى الكيان الصهيوني ، هذه العلاقات؛ تم بها او في اثناءها الاتفاق مع مسؤولي هذه الدول العربية على تغيير الوضع القائم في المنطقة العربية، بالصورة التي يتم بها تصفية القضية الفلسطينية. وزارة المالية الاسرائيلية وعلى لسان وزير المالية الاسرائيلية، يسرائيل كاتس، كشف، بعد التطبيع الاماراتي والبحراني والسوداني؛ عن مشروع سكك الحديد الذي يربط المملكة العربية السعودية وبقية دول المنطقة بميناء حيفا. هذا الخط؛ يمتد من ميناء حيفا الى بيسان ليعبر جسر الشيخ حسين الذي يرتبط مع الاردن ومن هناك الى مدينة اربد شمالا الى السعودية ومن ثم الى بقية دول المنطقة. يقول عنه وزير المالية الاسرائيلي؛ من ان هذا الخط سوف يجعل من الاردن؛ مركز استلام اقليمي، ومن الكيان الصهيوني معبرا بريا الى البحر الابيض المتوسط، ومن ثم الى أمريكا وأوربا. يصف وزير المالية الاسرائيلي هذا الخط من انه سوف يجعل المنطقة تنعم بالسلام والاستقرار والتقدم والرخاء؛ فهذا القطار الذي سوف ينقل البضائع والركاب، سيقلل من تكلفة النقل ويوفر فرص العمل، ويؤدي الى انعاش الاقتصاد الاردني، والاقتصاد الفلسطيني، وبقية الدول العربية الواقعة على خط سيره، اضافة الى العراق مستقبلا. الامارات اتفقت مع اسرائيل على تشغيل او احياء حط انابيب نقل النفط من الامارات الى ميناء عسقلان، وهي الانابيب التي بناءها شاه ايران لنقل النفط الايراني الى الكيان الصهيوني في حقبة حكم شاه ايران؛ ان هذا الخط ربما في وقت لاحق سوف يتم مده الى الاراضي السعودية لنقل النفط السعودي من هناك الى ميناء عسقلان. وهذا هو ما يفسر لنا؛ الاتفاق الاماراتي الصهيوني على انشاء صندوق الاستثمار والتنمية برأس مال قدره ثلاث مليارات وهي وبكل تأكيد مليارات اماراتية؛ حسبما تم الكشف عنه من قبل الكيان الصهيوني وعلى شكل معلومات قليلة من دون تسويق هذه المعلومات كاملة. فأن الاهم والاخطر يظل هناك خلف الباب المغلق لغرفة التآمر على الشعوب العربية وفي مقدمتها الشعب العربي الفلسطيني. الامارات العربية كانت قد لعبت دورا محوريا واساسيا في بلورة وانضاج هذه المشاريع حسب ما يقول وزير المالية الاسرائيلي؛ وهذا القول هو تجن على الحقيقة في حرف مجرى واتجاه صيرورة هذه الاحداث بتجريدها من الفاعل والموجه الحقيقي لها، والذي هو او هما امريكا والكيان الصهيوني وما الامارات العربية او غيرها من دول التطبيع ما هما او هم الا ادوات توظيف لتشغيل هذه المشاريع او غيرها من المشاريع التي سوف تأتي تبعا او لاحقا حين تكون الظروف مؤاتية او العمل على انضاجها وتهيئة بيئتها السياسية وما التطبيع الا واحد من ركائز هذه التحولات الدراماتيكية. من المهم هنا الاشارة الى ان هذه السكك الحديدة كانت وقبل ما يقارب الاربع سنوات قد سربتها الصحف العبرية. ان هذه المشاريع وكما يقول او يصفها الوزير الاسرائيلي؛ سوف توفر فرص عمل، وتكون عندها مراكز استقطاب لقوى العمل وهنا المقصود، الشعب الفلسطيني بالدرجة الاولى او في الصدارة، وهي عملية في منتهى الخبث؛ الغاية منها هو احداث تغيير ديموغرافي في الاراضي الفلسطينية وبالذات في الضفة الغربية، أذ، حينها، عندما يتم تحويل صفقة القرن الى واقع على الارض اي حصر الفلسطينيين في غيتا وهات محاطة بالأمن الصهيوني الذي يضيق الحياة على الفلسطينيين في هذه الغيتا وات بحجة المحافظة على الامن الصهيوني، ويسلب منهم راحة العيش بسلام وامان مع فتح ابواب العمل والحياة والراحة على بعد قريب منهم. ان هذا في جانب مهم منه، بل الاهم والاخطر منه؛ هو جوهر التطبيع وتداعياته في الذي يخص القضية الفلسطينية، حسب التفكير والتخطيط الاسرائيلي الامريكي في آن واحد. المخطط هذا، سوف يصطدم لامحالة مع المقاومة الفلسطينية كما كانت في كل تاريخ مقاومتها خلال ثلاثة ارباع القرن؛ لخطط هذا الكيان الذي يمارس الاجرام والظلم والتعسف في كل تاريخ وجوده على ارض فلسطين بلا هدنة او توقف ولو لبعض يوم على مسمع ومرأى العالم بقواه الدولية الكبرى، المؤثرة، والمتحكمة بمصير دول وشعوب الكرة الارضية من على منبر مجلس الامن الدولي. الكيان الصهيوني، ومنذ الوجود الاول له والى الآن ما هو الا اداة لتنفيذ المشاريع الاستعمارية الامريكية، واجندتها ومخططتها التي تواجه بها تغييرات العالم كي تكون الغلبة لها في اي صراع دولي بحيازة اكبر قدر من المصالح على حساب مصالح الشعوب العربية؛ بالسيطرة على ما تختزنه الارض العربية من مصادر الطاقة، النفط والغاز وما له علاقة بهما؛ انتاجا، وتسويقا، وتسعيرا، والجهات التي يتم التصدير لها؛ منعا حين تعاقبها امريكا اقتصاديا وسياسيا كما هو جاري الآن، او ما هو قد جرى في السنوات الاربع الماضية، أو انفتاحا عليها حين تحظى بالرضا الامريكي اي تقبل ان تكون تابعا لسياسة الامريكية سواء في الاقتصاد والتجارة والمال والاعمال أو في ممارستها للمرونة الإجبارية؛ في المنافسة او الصراع على مناطق النفوذ والهيمنة مع امريكا. الدول العربية ؛ تختزن في باطن ارضها اكثر من نصف احتياطي النفط والغاز في الكرة الارضية؛ لذا، ان من يجعل منها مناطق نفوذ له بل اكثر من مناطق النفوذ اي احكام الطوق والسيطرة عليها وعلى ثرواتها بطريقة مهذبة ومقبولة سياسيا ودبلوماسيا؛ على قاعدة الشراكة الاقتصادية والصداقة والتعاون، انما ما تحت هذه القاعدة يختلف الواقع كليا؛ أذ، على دروب التطبيع؛ يتم ربطها بمشاريع اقتصادية وتجارية ومالية، يكون الكيان الصهيوني طرفا فاعلا فيها أو طرفا كلي الفاعلية فيها، او طرفا مشاركا كلي المشاركة فيها، وضامنا؛ بتغلغله في المجتمع العربي في الدول المطبعة، عن طريق امساكه بخيوط وركائز اللعبة الاقتصادية والتجارية والمالية، وايضا السياسية؛ بشراء ذمم المأجورين في الحقل السياسي، أو في الجانب الثاني وبالتزامن والتوازي؛ يتم اشراكهم اقتصاديا وتجاريا وما إليهما في هذه المشاريع المفترضة؛ ليشكلوا منهم طبقة كمبرادورية ترتبط مصلحيا وسياسيا بدولة المنشأ ومركز القرار الاقتصادي والسياسي( امريكا والكيان الصهيوني). أن هذه (الشراكة والصداقة والتعاون؟!..) بين الدول العربية المطبعة وامريكا والكيان الصهيوني؛ ماهي الا شراكة وتعاون مع الشركات الامريكية والتي هي بدورها تعمل بتنسيق وتعاون وشراكة مع الشركات الصهيونية. في هذه الحالة وكما تجري الان الاوضاع واتجاهاتها على هذا المسار ولو انه لم يكن واضحا الان كل الوضوح، لكن السنوات القادمة كفيلة بإظهاره على ارض الواقع واضحا ومجسما وفاعلا؛ بجعل الدول العربية المطبعة؛ توابع؛ تتعقب خط السير الامريكي الصهيوني على كوكب الارض بالضد من مصالح شعوبها، وبالضد من مواقف هذه الشعوب؛ بتصفية القضية الفلسطينية؛ بإنجاح صفقة القرن على ارض الواقع، و كما سبق الاشارة الى هذا في اعلاه.. اللتان اي التصفية وصفقة القرن؛ سوف، في جميع الاحوال؛ يواجهان مقاومة صلبة من الشعوب العربية وفي المقدمة بل في اول هذه الشعوب هو الشعب الفلسطيني، متمثلا بالفصائل الفلسطينية المقاومة، التي سوف لا محال تتصدى لهذه المشاريع التصفوية..من المهم هنا؛ الاشارة الى قول نتن ياهو في وصفه لعمليات التطبيع، في قرأته الخاطئة لواقع الشعوب العربية في رؤيتها لهذه الخيانة وبيع الاوطان العربية من قبل مسؤوليهم، وتنازلهم عن شرف الانتماء العربي المصيري لقضيتهم المركزية، قضية فلسطين. يقول نتن ياهو: ان التطبيع مفيد للأمن والقلب والجيب.. قول بليغ قال ما لم يقل حتى الآن بفصيح العبارة.