23 ديسمبر، 2024 10:53 ص

التطبيع مشروع اقتصادي أكثر مما هو سياسي

التطبيع مشروع اقتصادي أكثر مما هو سياسي

وقعت الامارات والبحرين ميثاق تطبيع وتبادل علاقات ثنائية بينها وبين اسرائيل, والحقيقة ان هذا التطبع -ذكرناه في مقال سابق- ليس مستغربا ولا جديدا, هو مجرد ظهور من الكواليس الى العلن.
من ناحية تجارية اقتصادية فان مشروع التطبيع سيعيد ترتيب طريق الحرير, فموانئ الخليج – حسب ما اقره التطبيع- سترتبط بمسار بري عن طريق الاردن وصولا الى ميناء اشدود الاسرائيلي, وستكون كل الدول التي يمر بها الطريق مُطَبِعة مع اسرائيل.
اول المتضررين من مشروع التطبيع ومن الطريق الجديد هو مصر, فالوجهة التي ستمر بها القوافل التجارية ستختصر المسافة, فبدلا من الاستمرار بالإبحار والالتفاف حول القرن الافريقي, والدخول من مضيق باب المندب ومنه الى قناة السويس فبالحر المتوسط وهي رحلة طويلة جدا ومكلفة, ستقصد تلك القوافل موانئ الخليج ذات السعة العالية والمتطورة في عملية الشحن والتفريغ, لتنقل شحناتها برا الى اسرائيل ومن ثم اعادة شحنها عبر البحر المتوسط الى اوربا وامريكا.
العراق وايران وروسيا وتركيا ستكون متضرر كبير أيضا من هذا التطبيع, فموانئها لن تكون مقصدا للقوافل التجارية العالمية بالنسبة للعراق وايران, فيما سيموت الطريق البري الواصل الى اوربا عبر روسيا وعبر تركيا.
كذلك ضمنيا سيكون الاكراد العراقيين والسوريين من ضمن الجهات المتضررة من هذا التطبيع, فلن تكون اراضيهم مهمة لمرور التجارة بعد ان تتحول الى الطريق البري الخليجي, وهو طريق منبسط وغير وعر وسيكون مسير القوافل فيه اسرع وأكثر مرونة.
مسالة مهمة لابد ان نذكرها هنا, وهي إن العراق اذا اراد التغلب على هذا المشروع, فعليه عقد اتفاقية مع الاردن ومصر والاستفادة من ميناء العقبة الاردني لتحقيق امرين, الاول هو فتح سوق جديدة للعراق في افريقيا, والامر الثاني هو اختصار الطريق لنقل البضائع عبر قناة السويس باتجاه البحر المتوسط ومنه الى اوربا وامريكا, وعليه فان الحكومة العراقية مطالبة بالإسراع في تنفيذ ميناء الفاو, وانشاء ربط سككي مع الاردن وتوسيع شبكة الطرق والعمل على إرساء الامن لإنجاز هذا المشروع.