ان ما يؤلم في هذا الزمن العربي الرديء؛ ان ما كان يعتبر في السابقات من الاوقات العربية، من المحرمات ومناطق الخطر على كراسي المسؤول العربي، اصبح في هذا الانحدار العربي، مباحا ولايشعر من يبوح به بوقاحة وفي العلن، باي خطر يهز كرسيه، كرسي الطاغية والمستبد. ان الحاكم العربي في النظام الرسمي العربي في السابقات من الايام، من هذا الزمن العربي الانبطاحي، ايً كان مكانه وموقعه في اي دولة عربية كانت، لم يجرأ اي منهم على الاقتراب من تلك المناطق حتى ولو بالتلميح او بالاشارة الضمنية او في استبطانها في اي تصريح كان وعلى اي منصة وفي اي مكان كان. أن من أكبر هذه المحرمات ومناطق الخطر على اي مسؤول عربي من الطغاة السالفين او من الطغاة المخضرمين والابديين، ومن اية طينة قدوا ومن اي معدن جبلت سيرورتهم السياسية؛ هو التطبيع مع الكيان الصهيوني و التسليم بالمسلمة التي لابديل عنها في عالم اليوم وعالم الامس والغد معا ألا وهي النضال الفلسطيني والعربي من اجل حقين لاتبديل فيهما او الغاء وهما؛ حق العودة للفلسطينيين الذي شردوا من ارضهم في اكبر عملية تهجير ونزوح في تاريخ البشرية، واقامة دولتهم وعاصمتها القدس الشرقية، وبالسيادة الكاملة على الجزء القليل المتبقي من ارضهم في الضفة الغربية وقطاع غزة. في السنوات الاخيرة وبالذات في السنة التى انصرمت من هذا العقد وهذه السنة التى نحن، لم نزل في اشهرِها الاولى؛ توالت عمليات التطبيع المجاني مع كيان غاصب ومجرم وكذلك التصريحات التى وصل في البعض منها ومن افياه رموز النظام الرسمي العربي، ان يدعوا العرب الى طمئنة الاسرائيليين على حاضرهم ومستبقبلهم في المحيط العربي، حتى يكون في الامكان وضع حل للقضية الفلسطينية وانهاء الصراع في المنطقة العربية. السيد يوسف بن علوي قال في مقابلة له على قناة CNN: ان الدول العربية اضاعت معظم مواردها وخططها بحثا عن المزيد من الاسلحة وبناء الجيوش، وعلى العرب بدلا من هذا؛ ان يعيشوا بسلام مع اسرائيل. وفي مكان اخر من ذات المقابلة قال: اعتقد اننا تجاوزنا التطبيع، اسرائيل تحتاج الى العيش بسلام مع العرب. وفي منتدى دافوس وخلال كلمة له باعمال المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الاوسط وشمال افريقيا والذي تستضيفه الاردن، قال: ان الدول العربية عليها ان تتخذ اجراءات مطمئنة لإسرائيل كي تشعر بالامان في (محيطها العربي). وفي مكان اخر من الكلمة عينها وبالمعنى هذه المرة وليس بالحرف؛ ان العرب قد استرجعوا سيناء والغزة من اسرائيل( وهنا هو يقصد تم استرجاعهما بالدبلوماسية والسياسة) في القوت ذاته ظلت الجولان تحت السيادة الاسرائيلية وكذلك الضفة الغربية. ولم يتحدث او ياتي على المبادرة العربية وتناساها تماما. ان هذا الخطاب المخاتل ما هو إلا لكسر اعناق الحقائق الموضوعية والواقعية ومحاولة بائسة وسيئة ومريبة للقفز او العبور قفزا لسقف الواقع الاجرامي الذي تصنعه يوميا بنادق ودبابات وطائرات الكيان الصهيوني بقتل الفلسطينيين العزل إلا من سلاح الكلمات المقاومة والصدور العارية ولكن العامرة بحب الارض. يقوم الكيان الاسرائيلي بتهجير الناس يوميا من قراهم للاستيلاء على ارضهم واقامة المستوطنات عليها. مؤخرا عبر نتن ياهو او قرر ضم المستوطنات الكبيرة والصغيرة من الضفة الغربية الى الكيان الاسرائيلي. وهنا نقول وفي هذه السطور المتواضعة كان الاجدر بالوزير العُماني السيد يوسف بن علوي ان يوجه خطابه هذا الى الصهاينة وصانعي دولتهم المسخ من البريطانيين وداعميهم ومانحيهم في الوقت الحاضر وقبل هذا الحاضر بعقود، مقومات القوة والجبروت والاجرام من الامريكيين؛ ان يتوقفوا عن بناء المستوطنات وتهجير الناس من منازلهم بعد هدمها على رؤوسهم؛ خدمة للسلام وحل الدوليتين. ان ما ورد سواء في المقابلة او في الكلمة، قلب للحقائق الواقعية والموضوعية، وفيه الكثير من الشك والريبة لناحية النية. انها ببساطة وبوضوح، لعب باللغة واستغفال الناس بخطاب مهلهل لايحجب شمس الحقوق وعناصر وعوامل انتزاعها من اسنان الخنازير الصهيانة. ان هذا الخطاب و التصريح جاءا لنا بمغالطات يدحضها الواقع وهو كما في التالي:
1-ان المبادرة العربية كانت واضحة بما فيه الكفاية واكثر من الكفاية، لو كان هناك نية فعلية وجادة عند الاسرائيليين كي يعيشوا بالامان والسلام في المحيط العربي. الارض مقابل السلام. لكن الاسرائيليين رفضوها جملة وتفصيلا، ولم يفتحوا اي باب للحوار بصددها بصورة تامة ومطلقة..ملخص المبادرة العربية؛ الانسحاب الاسرائيلي من جميع الاراضي التى احتلتها في عام 1967 واقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس، مقابل الاعتراف بها كولة طبيعية ولها الحق بالعيش بامان وسلام في المحيط العربي
2- اتفاقات اوسلوا سيئة الصيت والنتيجة، من الناحية الفعلية تخلت عنها اسرائيل ولم تطبق جديا اي بند من بنودها، اللهم إلا اقامة سلطة فلسطينية لاحول لها ولا قوة. فقد تواصل بأطراد بناء المستوطنات في الضفة الغربية في مخالفة واضحة وصريحة لماجاء في بنود اتفاقات اوسلوا، ولم تقم دولة فلسطين وكما مقرر لها في بنود تلك الاتفاقات ان تفضي بعد سنوات إليها. مضت سنوات على انتهاء الموعد النهائي على تفعيل وجودها على الارض بلا اي نتيجة مهما كانت صغيرة.
3-في عام 1978 وهو العام الذي ابرمت فيه اتفاقات كامب ديفيد، في ذلك الزمن كانت اسرائيل تطمح لكسر عزلتها وتخرج من الخانق الذي وضعها صانوعها فيه والحصول على اعتراف عربي رسمي بها او بوجودها.وكان ان تحقق لها حلم الاعتراف، من اكبر دولة عربية وهي مصر العروبة، الدولة التى دفعت عشرات الأف من الشهداء على مذبح الحرية والوجود للعرب وفلسطين… لذا، تخلت عن سيناء. لكن هذا التخلي كان بشروط وكان من اهمها؛ ان لايكون وجود للجيش المصري فيها، فقط قوات الشرطة، هذا اولا وثانيا، سيناء ليست من ارض المعياد كما هم يروجون وربما مقتنعون او كما يسوقون صناعتها هم واسيادهم من المستعمرين القدماء والجدد..
4-غزة لم تنسحب منها اسرائيل باردتها بل انسحبت منها تحت ضربات المقاومة العربية الاسلامية، هذا اولا وثانيا ان قطاع غزة ليس فيه موارد وشكل ثقلا عليها وثالثا وهذا فيه الجانب الافتراضي، ربما هناك مخطط لجعل القطاع هو مكان دولة فلسطين المفترضة، واذا صح هذا الافتراض فان جميع مراحل التطبيع هذه، تقع على ذات المسار من المخطط الامريكي الاسرائيلي باذرع الاشتغال لعرب التطبيع..
5-جولان كانت موضوع مساومة في عام 1973بين السوريين والاسرائليين وكان في حينها عرابوا هذه المساومة، الروس في زمن الاتحاد السوفيتي…لعب النظام السوري في حينها على عامل الزمن فلم يعط رأي نهائي، واستمر التفاوص بوساطة سوفيتية. والذي يدور حول محور واحد؛ ان تتخلى اسرائيل عن الجولان، مقابل اعتراف النظام السوري بها اي اسرائيل..النظام السوري كان في وضع لايحسد عليه فقد تم تدمير الدفاعات الجوية للجيش العربي السوري بالاضافة الى الكثير من مقومات القوة، اثناء حرب تشرين، مما اضطر النظام على التفاوض والتسويف..لكن في نهاية المطاف وحين تمكن من استعادة البعض من قوة الجيش السوري، اوقف التفاوض ورفض رفضا قاطعا الشرط الاسرائيلي.