23 ديسمبر، 2024 1:23 م

“التطبير” شعيرة أم بدعة

“التطبير” شعيرة أم بدعة

في كل عام، وخلال أيام شهر محرم الحرام، تعيش الأوساط الشيعية، نقاشات وجدالات حول قضية التطبير، “ضرب الرأس وشقه بالة حديدية حادة كنوع من المواساة والحزن على مصاب الإمام الحسين “عليه السلام” “.
فبين مؤيد ومدافع عن التطبير، لدرجة اعتباره جوهر الشعائر الحسينية، لأنه يمثل صورة من صور الإعلان للاستعداد لبذل الدماء والتضحية من اجل الإسلام وأهل بيت النبوة “عليهم السلام”، بواقعية وترجمة عملية بعيدة عن الشعارات والخطابات.
نجد في الطرف الأخر، من يعارض هذه الممارسة متهما إياها ومن يمارسها بتشويه صورة المذهب الجعفري أمام العالم، وإنها تظهر الشيعة على إنهم يؤمنون بإيذاء النفس وحب الدماء، لدرجة إن الإعلام المعادي للمذهب، يستغل هذه الممارسة في كل عام لتشويه صورة الشيعة وحقيقة الثورة الحسينية.
وهنالك من يعارض التطبير بشدة أكثر، رافضا اعتباره من الشعائر الحسينية، وواصفا إياه بأنه ممارسة دخيلة على تلك الشعائر، بل انه بدعة من البدع.
 المؤسف في الأمر، إن بعض هذه النقاشات حول التطبير بدأت تأخذ مساحات أكثر من استحقاقها خلال أيام محرم الحرام، وبدأت تتحول إلى سجالات عقيمة بين بعض المؤيدين والمعارضين، وأحيانا نترك الحديث عن عظمة الثورة الحسينية ومبادئها وأهدافها وما الذي أراده الأمام الحسين  “عليه السلام” ان يتحقق للإنسانية جمعاء من وقفة عاشوراء، لنختزل ذلك كله في الحديث والجدال حول التطبير.
وهنا أود أن اطرح أسئلتي على كلا الطرفين، وأتمنى أن يبحثوا معي عن الأجوبة، بعيدا عن التشنج أو التطرف في التفكير والرأي.
بداية أود أن اسأل من ينتقد التطبير، ويتحدث عن إن أعداء المذهب الشيعي يستغلون هذه الممارسة في تشويه حقيقة المذهب، هل سيتوقف هؤلاء عن سعيهم في تشويه صورة المذهب الشيعي لو توقف الشيعة عن التطبير؟ أم إنهم سيخلقون ذرائع جديدة للتشويه ويبدؤون بمحاربة شعيرة جديدة من الشعائر الحسينية أو ممارسة أو طقس من طقوس المذهب؟.
كما ارغب أن اسأل من يمارس شعيرة التطبير، ألا يمكن أن يتم تنظيم هذه الشعيرة والسيطرة ولو بالصورة الممكنة على الانفعالات في التعبير التي قد تكون فيها شيء من الإسراف في ذلك التعبير؟ كتطبير الأطفال الصغار وأحيانا الرضع وغيرها؟، لسد الطريق لمن يريد التصيد بالمياه العكرة، وإيصال الرسالة الحقيقية التي يراد إيصالها من خلال تأدية هذه الشعيرة.
وخلال البحث عن الأجوبة، يجب على كل أنصار الشعائر الحسينية أن يقبل بعضهم البعض الأخر دون استعداء أو تشويه أو إدخال عوامل نفسية وشخصية للشعائر الحسينية، على أساس إن كلا الفريقين لم يمارس شيئا خارج الشريعة والدين.
وأننا جميعا ومن خلال أداءنا للشعائر الحسينية نريد تصدير الثورة الحسينية بمبادئها وأهدافها،  وكل منا لديه انفعالاته في التعبير وفي أداء تلك الشعائر، وقد يكون منا من يجد إن بعض تلك الانفعالات فيها شيئا من التطرف بالممارسة، لكن ما يجب أن نتفق عليه انه لا يمكن أن نضع ضابط دقيق لهذه الانفعالات ونجبر الجميع على الالتزام بها.
لهذا فان هذا الاختلاف في التعبير والممارسة من شخص لأخر سيبقى مستمر، وما علينا إلا احترامه وتنظيمه بالقدر الذي نتمكن منه لاغير.