23 ديسمبر، 2024 2:33 م

التصوف بين السياسة والكياسة التصوف بين السياسة والكياسة

التصوف بين السياسة والكياسة التصوف بين السياسة والكياسة

أظن وباليقين أن اكثر من ثمانين في المئة من ساستنا نوابا ووزراء لا يعرفون أن متصوفا أسمه النفري كان يرى أن  السياسة مجافاة للحب في ما نود مع الحياة، ومعه السهرودي الذي قد لا يُعرفْ من قبل السادة اعلاه وبنفس النسبة أو اكثر وهو يرى في السياسة ما يغصبْ على الروح من مسلك يصنعهُ السلطان ووزراءه وحاجبه ، وحتى متصوفة سمر قند وبخارى أولئك الذين ساومهم جينكيزخان بين اهداءه صفنتهم وبين الحرق وهم جالسين على دكة الجامع رفضوا اهداءه صفناتهم وقالوا له : أحرقنا أجمل لنا لأن مع سياسة التتر لن يرى العالم في أحلام ليله وجه الجارية والقمر.

الملك المغولي يرتدي اليوم قناع داعش ويجيء من جديد ليس لأحراق المتصوفة ، فقد احرقتهم متغيرات العصور ولم يعد لهم بسبب مركبات ناسا الفضائية ومواقع ( السوشل ميديا ) وجودا ، ولكن داعش ستحرق عوائل الحي السكني المحاصرين في ناحية البغدادي وسباياهم من ايزدي سنجار وتركمان تلعفر وشباب سبايكر المساكين ، واذا لم تلبِ شروطهم التي ارسلوها الى كاكه مسعود سيحرقون اسراءهم من البيشمركه والذين عرضوهم في اقفاص حديدية في مسيرة استعراضية قبل ايام.

داعش هذا التفكير المفاجئ في الحماقة وغرابة التعامل مع الاخر يعتقد انه يبرهن لنا بنكثَ خطابات ساسة ضعفاء لم يستطيعوا الى الان تحقيق ما تلوه في خطاباتهم الانتخابية بأنهم سيحمون أمن المواطن وحياته ، وكيف يفعلون وهم هربوا من قسمهم في كنس داعش من الوجود كما اراد عبد الناصر أن يكنس اليهود ويرميهم في البحر ، لكنهم بدلا من حمل المكنسة أو البندقية لطرد جنود البغدادي الذين يتجولون طلقاء في شوارع الموصل بزيهم الافغاني ، فأن الساسة أولئكَ كنسوا الخزينة وجيوب فقراء العراق ،وراحوا يستعرضون لنا تمثيلياتهم في الورع والتصريحات والحلول ،وبعضهم يفكر أن يصبح صوفيا ليظهر ندم عينيه ولا يظهر لنا ندم جيبه.

لا أدري ورئيس دولتنا الدمث الخلق والاكاديمي المتنور والحائز على الدكتوراه في حياة أخوان الصفا وفلسفتهم الدكتور فؤاد معصوم هو الاقرب الى هذا الفهم في وعي رفض المتصوفة لأهواء الملوك وسياستهم أن يؤسس وعيا جديدا في تطبيق قسمه الرئاسي وينقل لرئيس الوزراء ووزراءه ونواب برلمانه صورة الوعي والدماثة والايثار التي رأيتها فيه وانا التقيه في بيته ضيفاً قبل تنصيبه رئيسا لوطن الحلاج وابن الهيثم وعلي الوردي وشيركو بكه سه وعمو بابا.

جلست مع الدكتور فؤاد معصوم لأكثر من ثلاثة ساعات وبمعية كبير مستشاريه الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد ، أيام كان نائبا وكنت اطمح لمساعدتي بزيارة مناطق بنجوين حيث قضيت سنوات من عمري هناك واتمنى الان اعادة كتابة ذكريات المكان  فاكتشفت من رؤى الحديث أن الدكتور معصوم قبل ان يكون رئيسا يميل الى اشاعة نقاء الروح في صفاء القيم ووعي الكلمة ، وهو يفلسف العبارة بعربية فصيحة ويؤكد أن السياسة لن تنال من ثقافة الروح والعقل حين نجعلها هاجسا ثانيا في سعينا لأثبات وجودنا الحياتي.

الرئيس ( كويسنجقي ) النشأة والمولد والأزهري التعلم قد يدركُ جيدا وهو يكلمني عن طفولته وصباه في ذلك القضاء الآري العريق ( كويسنجق ) أنه حمل من ذلك المكان وثقافته العريقة وجاء الى الازهر ليبني لذاته روحا لا تتأثر بفوضى السياسة واهواءها بالرغم منه أنه قرر حين ينال الشهادة العليا الصعود الى الجبال ملتحقا برفيق دربه مام جلال.

لكنه الان على رأس الهرم في عاصفة ما يحدث، ولا أريد أن أصفه دون كيشوتا يرغب بتصحيح كل شيء في مواجهة ارث متعب لعشر سنوات من المحاصصة والتجاذب وحرب المليشيات وازعاجات الزرقاوي وجماعته وإمبريالية واستعمار الدواعش الجدد لمدن هي من بعض جماليات الجغرافية العراقية ( الموصل ـ تكريت ـ الانبار واجزاء من كركوك ) .

ولكنه بقلبه وبعض صلاحياته يمكنهُ أن يتركَ بصمة التغيير التي لمستها في كلامه واصراره بالرغم من سني عمره السبعين أن يبقى داعما ومجاهدا لثقافته الروحية والانسانية والوطنية حتى لو صار رئيسا.

بين التصوف والسياسة ، رغبة بامتلاك الكياسة الوطنية وبكنس كل تلك الرؤى المريضة التي تسكن عقول البعض من الذين يأتون الى المناصب ومعهم الخلان والاقارب ، همهم الارصدة وليس تقوى الافئدة وفي ذلك معضلة اخاف في نهايتها ان نضيعَ وطنٌ سار من اجله جلجامش الاف الاميال سيرا على قدميه من اجل أن يجلب له عشبة الخلود…………..!