17 نوفمبر، 2024 11:38 م
Search
Close this search box.

التصعيد السياسي الأخير..أجندات خارجية بامتياز

التصعيد السياسي الأخير..أجندات خارجية بامتياز

لم تجف بعد دموع الأمهات والأرامل والأيتام ,الثكلى بأعزائهم وذويهم من ضحايا الاحتلال وفلول الإرهاب القذر,وقبل أن تنجلي سحابة الموت من سماء بلادنا بالكامل,وبتوقيت حرج وخطر,انبرت القائمة العراقية(المحسوبة على التيار العلماني)وبطريقة استفزازية,إلى إعلانها بتعليق كتلتها عضويتهم في البرلمان,ووضع استقالة وزراءهم تحت تصرف رئيس الكتلة وقياداتها!
الحكمة والمنطق السياسي العملي والأخلاقي تقتضي لأي كتلة معارضة في أي برلمان من برلمانات العالم,أن تبتعد عن لغة التصعيد وتحريك الشارع وإقحامه في مسائل وخلافات ومشاكل حكومية إدارية أو سياسية غير مجدية,لم يكن المواطن طرفا فيها عند تشكيل مجلس الحكم من قبل الإدارة الأمريكية ,ولا حتى بعيد رحيله عن العراق,
فقد جرت الاتفاقات والاستشارات وتوزيع المناصب والوظائف الحكومية, بعيدا عن رغبة الشارع وطموحاته وأمانيه في التقدم بالعملية الديمقراطية نحو شاطئ الأمان ,اختيرت بعض الشخصيات البرلمانية القديمة والجديدة(إضافة للبعض المجهول عن الشارع)ووضعت في مواقع سيادية وحساسة,الشعب يعلم عدم كفاءتهم وقلة خبراتهم, ولكنها فلسفة المحاصصة المقيتة,قبلناها على مضض,
إذن ماعدا مما بدا,
ستقولون مجلس السياسات الوطنية الإستراتيجية………………..
وهل هذا المجلس وغيره من الأزمات السياسية المثارة بين الكتل مؤخرا(الأقاليم السنية)بالأهمية القصوى ,التي تسمح لكم ولغيركم ولأي احد أن يعبث بأمن واستقرار ومستقبل البلاد والعباد,إنها مغالطة واضحة تبعث برسائل خاطئة للشارع العراقي(وحتى المؤيد للكتل المعارضة للحكومة والعملية السياسية).
كان الشارع العراقي الواعي وكوادره الثقافية والأكاديمية,تنتظر إصلاح العملية الديمقراطية بطريقة شفافة ومتدرجة,تبدأ بظهور كتل وطنية مؤمنة بالعراق الجديد ,تحترم عملية التداول السلمي للسلطة,ولها برامجها الانتخابية الطموحة,
فمال الشارع وفقا لتلك الرؤيا بعيدا عن بعض الحركات الإسلامية ,التي شاب اللغط قسم من شخصياتها ,وحام حولها الشبهات ,كمسألة الانغماس المفرط في دوامة الفساد المالي,وانتشار ظاهرة الإثراء الفاحش على حساب المنصب والمال العام,
فاتجه شرائح واسعة من المواطنين العراقيين نحو الجهات السياسية الأخرى,التي تدعي إنها تحترم مبادئ الديمقراطية ,وتعمل على ترسيخ وتجسيد المنهج العلماني العصري ,المتبع في اغلب الدول الديمقراطية المتطورة, إلا إن الجميع اصطدم بسقوط اغلب مرشحي تلك القوائم في اختبار النزاهة الأخلاقية والقانونية,وخضوعهم لملاحقة هيئة المساءلة والعدالة لهم,حيث تم منع العديد من هؤلاء من أحقية الترشيح لعضوية البرلمان(بسبب ملفاتهم السابقة المتعلقة بعلاقتهم بالبعث الصدامي المنحل),وبعد انتهاء معضلة الانتخابات ,وظهور حكومة المحاصصة,
لم نرى أية شخصيات اجتماعية تمثل الوسط الثقافي المعتدل ضمن ترشيحاتهم لشغل المناصب السيادية,ولهذا انتهت وانتفت مقولة علمانية القائمة ,وأصبحت قائمة عادية ,تتحكم بروابطها وتماسك أعضاءها نفس الأواصر, التي تشد بها روابط القوائم الأخرى(الفئوية والمحسوبية الحزبية والشخصية),
وخسر العراق مرة ثانية ,وفوت عليه فرصة النهوض من الانتكاسة السياسية,وتشتت الولاءات وازدادت القوائم,وكثرت حمايات الشخصيات,دون أن يرى المواطن أي تقدم ملموس في جميع الخدمات والاحتياجات والطلبات الضرورية لتنمية مجتمعهم وبلادهم(علما إن الجميع يتحمل المسؤولية وتقع أخر المسؤوليات على عاتق رئيس الوزراء ,لأنه الشخص الوحيد المكلف والمكبل في إن واحد).
الشعب العراقي يعي أسباب تلك التوقيتات الغير موفقة,التي بدأت تجتاح الشارع العربي السني,وأعلن رفضه المطلق لتلك الأجندات الخارجية المدفوعة الثمن,وقد شهد القاصي والداني بوطنية وتماسك أبناء الشعب جميعهم(عربا سنة وشيعة)وأكرادا ,
حيث خرج الآلاف من أبناء المناطق العربية(السنية) في مسيرات وتظاهرات واعتصامات حاشدة,معلنين رفضهم لقرارات مجالس محافظاتهم ,وتصرفات كتلهم البرلمانية(ولهذا تفككت القائمة العراقية وصار اسمها الجديد القائمة البيضاء).
الوطن يمر بمرحلة تاريخية حساسة,تحتاج إلى تضافر جهود كل الخيرين من أبناء هذا الوطن,لحمايته من الانزلاق نحو الفوضى والانهيار والتشرذم,
والجميع بما فيهم حكومة الوحدة الوطنية أن تنزل إلى الشارع,لتسمع صوت ورأي واحتياجات مواطنيهم,وان تفتح أبواب الحوار الهادئ مع الكتل الوطنية المعارضة لبعض السياسات الفردية الغير مقبولة,لكي تتكامل مسيرة البناء وإعادة اعمار الوطن والمواطن……..قليلا من سياسة التروي والتعقل والانتباه,يمكن لها أن تنقذ الجميع من رياح الصفراء .

أحدث المقالات