منذ تأسيس الدولة العراقية في عام 1921، لم يمر العراق أبدا بظروف و أوضاع غريبة و شاذة من نوعها کما هو الحال مع الاوضاع في المرحلة الحالية و التي تبدو ضبابية و تتسم بالغموض و تبادل الادوار و تغيير الاقنعة، وفي مقابل ذلك يعاني الشعب العراقي من ظروف و أوضاع وخيمة على مختلف الاصعدة ولاسيما بعد أن نخر الفساد المستشري مختلف مفاصل الدولة العراقية و أثر على دورها سلبا.
لم يشهد العراق في العصر الحديث تحديا و تهديدا خطيرا لأمنه و إستقراره و مستقبل أجياله کما هو الحال مع نفوذ و هيمنة نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، والذي يتجسد دوره و تأثيره في سائر أرجاء العراق، وإن الآثار و التداعيات السلبية له تتفاقم يوما بعد يوم، خصوصا عندما يواجه هذا النظام أزمة أو مشکلة مع الدول الکبرى، فإنه يبادر الى إستخدام نفوذه في العراق کورقة ضغط على تلك الدول من أجل تغيير أو تليين مواقفها.
إشادة الرئيس الايراني روحاني بتواجد أفراد الحرس الثوري في العراق و الدول الاخرى في المنطقة و کون ذلك قد ساهم بتقوية دورهم في المفاوضات النووية التي جرت، هو دليل عملي و شاهد إثبات حي على حقيقة أن هذا النظام يقوم دائما بإستغلال و توظيف نفوذه في العراق و دول المنطقة الاخرى من أجل تحقيق أهدافه و غاياته، وإن العراق و بحکم تواجد أذرع مختلفة”وليس ذراع واحد”له فيه فإنه يستطيع تحريك الاوضاع و دفعا بأي إتجاه يريد.
تصاعد الرفض و الکراهية من جانب مختلف شرائح الشعب العراقي تجاه النفوذ و الهيمنة الايرانية في العراق، يرتبط جدلا بتصاعد خطورة هذا النفوذ و من سيره بإتجاه يجعل من العراق مجرد وسيلة من أجل بلوغ غايته، وصار واضحا بأن معظم المآسي و المصائب و الاحداث و التطورات السلبية التي تمر بالعراق فإن لها بصورة أو بأخرى ثمة علاقة بذلك النفوذ.
التصدي لنفوذ نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، قد صار أکثر من ضروري من أجل وضع حد للأوضاع الوخيمة في العراق وهنا يجدر الاشارة الى إن العديد من المراقبين و الاوساط السياسية حذروا من أن إهمال قضية التصدي للنفوذ الايراني في العراق و مواجهته سوف يقود الاوضاع الى مفترق بالغ الخطورة قد يضع العراق أمام أوضاع فريدة من نوعها من حيث ترديها و خطورتها، ومن هنا، فإن السعي لإتخاذ نهج جديد يتم إستخدامه کخارطة طريق في سبيل تحرير العراق من نير هيمنة النظام الايراني، هي مهمة وطنية أکثر من ضرورية و عاجلة.