17 نوفمبر، 2024 1:52 م
Search
Close this search box.

التصحيح لمواجهة الشذوذ الاعلامي

التصحيح لمواجهة الشذوذ الاعلامي

ينشط عدد من الاعلاميين المثقفين في العراق من اجل انقاذ العملية الاعلامية من السقوط اكثر فاكثر واطلقوا هاشتاغ #تصحيح للتعبير من خلاله عن آرائهم الناقدة للمحتوى السلبي الذي تقدمه العديد من قنوات التلفزة والمنصات الالكترونية.
وتزداد المخاوف من الاستعمال السلبي للقنوات الاعلامية بعد ان استغل اصحاب الثروة والنفوذ في داخل وخارج العراق هذه الادوات ذات التأثير الاجتماعي لاغراض خاصة ولغايات مادية وسياسية واقتصادية سلبية .
والتأثير الخطير لهذه الادوات بات ملحوظا وينعكس بصورة جلية في سلوكيات وافكار جيل الشباب والمراهقين مابعد 2003 .
ويذهب بعض الباحثين الى حد الاتهام بان الترويج للمحتوى السطحي والتخريفي والغرائزي يجري في سياق استراتيجيات هدامة تخدم نخبة السلطة وذلك باعتماد مبدا تسطيح وتسفيه الامة لكي يسهل انقيادها ، باعتبار ان وعي الامة سيسبب مشكلات عويصة للمستثمرين في السلطة والسياسة .
لكن هناك اسبابا اخرى لتوجه بعض الممولين نحو الترويج للمحتوى الهابط ومنها :
السعي لتحقيق مزيد من المكاسب المالية من خلال كسب مشاهدين ومتابعين من فئات محددة .
ايضا يتجه البعض نحو الاسفاف من اجل الترويج لبضاعة او مادة اخرى يعرضها من خلال وسيلة التواصل . هذا بالاضافة الى غايات البعض بهدف تحقيق الشهرة والنجومية الطارئة وبالتي الانتقال الى المرحلة التجارية واستحصال النفع المادي ، مقدما بذلك نموذجا للشباب والمراهقين لتسلق الشهرة والحصول على المال وعلى حساب القيم والمعايير الاخلاقية والقانونية والعرفية .
وهذا النمط الجديد في العلاقة بين المرسل والمتلقي يتفشى في انحاء العالم وسبق ان انتجته مؤسسات الدعاية الليبرالية في المجتمعات الغربية .
والصورة القاتمة هذه ، تثير القلق والمخاوف حيال ما بات يعرف ب ( الانحراف والشذوذ الاعلامي ) حينما خرج الاعلام عن قواعده القيمية والاخلاقية ووظيفته الثقافية ، حيث قدم نماذج لاشخاص منحرفين ومههوسين في اثارة الغرائز وفي ضوء ما يعرف بظاهرة الفاشنيستات والبلوگر وكذلك من خلال برامج تعرضها بعض القنوات من ذات النمط الذي يلمع فيه اشخاصا منحرفين وسلبيين لتحويلهم الى نجوم لدى فئة الشباب .
والحالة هذه تبرز على نطاق واسع، وهي مدار بحث متواصل بعد الانشقاق الذي حصل في الصحافة المطبوعة في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا .
فبينما اصرت صحيفة الغارديان البريطانية على رفع شعار ( قول الحقيقة لايخيفنا ) لجأت صحيفة بمستوى النيويورك تايمز الى التقليل من المحتوى المعمق وبدات تنشر عن الطبخ والالعاب وتروج للاخبار الشعبية الضيقة والمحلية .
وما اجبرت عليه نيويورك تايمز العريقة يعد جرس انذار خطير يهدد الصحافة ويزعزع من مكانتها كسلطة رقابة ووسيلة توعية .
غير ان الصورة ليست بهذه السوداوية ، بحسب التقرير الاستقصائي السنوي الذي اصدره معهد رويترز ( RIS ) .
فالتقرير الذي استطلع آراء 300 من قيادات انتاج الاخبار في اكثر من 50 دولة ، يتوقع حصول قفزات ابداعية في انتاج المحتوى الايجابي تتغلب على اتجاه انتاج المحتوى المتدني .
ومع تكبد الناشرين والممولين الملتزمين خسائر مالية بسبب تراجع الاقبال والاعلانات ،الا ان 44% من المحررين والرؤساء التنفيذيين والقادة الرقميين اكدوا إنهم واثقون من حصول تطورات ايجابية ونوعية في مسار انتاج المحتوى الايجابي في العام المقبل.
ويلفت تقرير رويترز الى ان 54% من مدراء المؤسسات الاعلامية بدأوا مراجعة اخطائهم ويتجهون نحو التصحيح والتطوير وذلك في مواجهة الضغط الذي يفرضه تندني مستوى ثقافة المتلقي .
فعلى سبيل المثال تتجه الصين نحو فرض قيود والتزامات في استعمال تطبيق تيك توك من اجل محتوى افضل وذلك لمواجهة الشركات التي تسعى الى زيادة مساحة الترويج الشخصي لكسب مزيد من المال وعلى حساب تدني المحتوى .
من جهتها ، تعمل الولايات المتحدة على وضع مزيد من المعايير والضوابط في استخدام تطبيق بودكاست للاعلان والترويج ، على الرغم من المكاسب المتحققة للشركات الاميركية والتي بلغت 3,5 مليار دولار في العام المنصرم .
وفي الاتحاد الاوروبي تم وضع قيود جديدة على أنشطة كبريات شركات التكنولوجيا، في قضايا ترويج المحتوى الضار على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك لتحقيق التوازن من اجل المنافسة العادلة والنزيهة .
ان التحدي الاكبر ،كما يرى التقرير، هو في ظهور تطبيقات جديدة وحديثة واكثر منافسة لمجموعة meta وان هذه التقنيات الجديدة ستجلب أيضا أسئلة وجودية وأخلاقية، إلى جانب المزيد من المنتجات المزيفة والإباحية العميقة والوسائط الاصطناعية الأخرى.
ولكن، لمواجهة هذا التحدي خلال العامين المقبلين يفرض على قادة الخط الملتزم ادخال (تقنيات الذكاء الصناعي الانتاجي ) الذي يتيح لأجهزة الكمبيوتر إنشاء ليس فقط الكلمات ولكن أيضًا الصور ومقاطع الفيديو وحتى العوالم الافتراضية.
وبتقديري فان تقنيات الذكاء الصناعي قادرة على اصطياد المحتوى المزيف ومنعه من اختراق مساحة المتلقي عبر ضغطة زر وباجزاء من الثانية .
بمعنى اوضح . فان الذكاء الصناعي الذي انتج لنا برامج تحديد النص والصورة المزيفة،هو قادر كذلك على تعديل وتصحيح وتقويم المحتوى السلبي المضلل والمزيف ووضعه بين قوسين ومن ثم تنبيه المتلقي الى خطورته .
والى ذلك ، اعتقد ان على مجلس النواب ورئيس الوزراء في العراق ،اعادة النظر في هيكليات الهيئات والادارات المسؤولة عن مراقبة المحتوى الاعلامي في العراق ، ووفقا للتحديات التي عرضناها انفا ، فان ما يعرف ب( هيئة الاعلام والاتصالات ) باتت من الماضي ولم تعد بمستوى هذه التحديات المتسارعة والمتراكمة والتي نتفق جميعا انها باتت تستهدف التكوين المعرفي ، الثقافي والاجتماعي للامة العراقية .
#تصحيح

أحدث المقالات