22 ديسمبر، 2024 8:27 م

التشريعات الجنائيه البعثيه النافذه ودورها في مصادرة حرية التعبير وحقوق الانسان بالعراق..؟

التشريعات الجنائيه البعثيه النافذه ودورها في مصادرة حرية التعبير وحقوق الانسان بالعراق..؟

الرأي العام العراقي لازال ينظر بأستغراب ودهشه كبيرين لحالة التناقضات الجوهريه التي تعيشها الطبقه السياسيه الحاكمه بالعراق منذ عشرين سنه ولحد الان..! فمن جهة تدعي بعدائها السافر للنظام الديكتاتوري المقبور وشكلت لجان لأجتثات حزب البعث والتي تحولت تسميتها أخيرآ (بهيئه المساءله والعداله) وذلك التزامآ بأحكام الدستور العراقي الذي عمل بجداره على تحريم فكر حزب البعث حيث أشارت الماده
07 / اولا من الدستور العراقي النافذ(يحظر كل كيان او نهج يتبنى العنصريه او الارهاب او التكفير او التطهير الطائفي او يحرض او يمهد او يمجد او يروج او يبرر له. وبخاصة البعث الصدامي ورموزه وتحت اي مسمى كان. ولا يجوز ان يكون ذلك ضمن التعدديه السياسيه. وينظم ذلك بقانون)..؟ ولكن للاسف هذا التوصيف الدستوري الصريح والذي يحرم دستوريآ تكريس اي وجود فعلي سياسي او تشريعي لملاذات حزب البعث بالعراق لكن أستطاع بعض قادة وشخوص حزب البعث وبمهاره واضحه ممن (تدينوا وتسللوا) لصفوف بعض الاحزاب الحاكمه وأحتلوا مناصب حكوميه هامه لا بل وصولآ حتى لبعض المناصب السياديه تحت عناوين(المكونات والتوازن السياسي)..؟ واصبح العقل القانوني لحزب البعث يرسم للاسف سمات وخصائص بعضآ من السياسه الجنائيه بالعراق واعني بذلك تحديدآ وتشخيصآ ((قانون العقوبات العراقي رقم111 لسنة1969 وقانون أصول المحاكمات الجزائيه رقم 23 لسنة1971)) فهذه القوانين كانت تشكل احدى اهم ادوات القمع السياسي للقاضي المجرم( عواد البندر) والذي تم بموجبها تصفية واعدام المئات من الشيوعيين والاسلاميين والوطنيين العراقيين..؟
للاسف ان الطبقه السياسيه المتنفذه وجدت في تشريعات حزب البعث ومجلس قيادة الثوره سيء الصيت بيئة مناسبه لقمع وملاحقة الكتاب والحقوقيين وقادة المجتمع المدني الذين ينتقدون سلبيات النظام السياسي وذلك التزامآ بما وفره الدستور العراقي من ضمانات ديمقراطيه وحرية في التعبير وهذا ما اكدته الماده 38/ثالثآ من الدستور العراقي قائلة(تكفل الدوله بما لا يخل بالنظام العام والاداب اولآ-حرية التعبير عن الراي بكل الوسائل……) واكدت ذلك ايضآ الماده 15 من الدستور النافذ التي اشارت(لكل فرد الحق في الحياة والامن والحريه ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق او تقييدها الا وفقآ للقانون…)وهكذا نجد بمجال لا يدعو للشك ان الدستور العراقي لسنة2005 قد وفر ملاذات لحريه الفكر والضمير لا يمكن القفز عليها او احتوائها بقوانين مجلس قيادة الثوره التي لازالت ساريه لحد الان وبعد مرور 20 سنه من سقوط النظام التوليتاري بالعراق والتي احدثت شرخآ كبيرآ وتناقضآ جوهريآ بين الدستور العراقي 2005 الذي كرس قيم الديمقراطيه وحرية التعبير عن الرأي من جهة وسياسة الاستبداد وتكميم الافواه كرستها موروثات العقل القانوني الاستبدادي للنظام البعثي ووثنيات القائد الضروره..؟ وقد انعكس هذا بوضوح في توصيف وصياغة الماده 225 من قانون العقوبات العراقي رقم111 لسنة 1969 حيث تقول يحكم (بالسجن المؤبد ومصادرة الاموال المنقوله وغير المنقوله لكل من أهان بطرق العلانيه رئيس الجمهوريه أو من يقوم مقامه أو مجلس قيادة الثوره او حزب البعث العربي الاشتراكي أو المجلس الوطني او الحكومه) للعلم هذه الماده القانونيه تم إلغائها ولكن اعيد تفعيلها للاسف..؟ كما ان الماده 226 من قانون العقوبات العراقي لسنة 1969هي الاخرى يتم تسويقها بشكل مبالغ فيه لتكميم الافواه التي تطالب بحقوقها الدستوريه حيث تنص بعقوبه(السجن مده لا تزيد على سبع سنوات او الحبس او الغرامه لمن اهان بإحدى طرق العلانيه مجلس الامه اوالحكومه او القوات المسلحه او غير ذلك من الهيئات النظاميه اوالسلطات العامه او المصالح او الدوائر الرسميه او شبه الرسميه).. كما لازال القضاء يعتمد على قانون المطبوعات لعام1967 وجرائم النشر ضمن قانون العقوبات العراقي رقم111 لسنة1969..؟
الحقيقه ان البرلمان العراقي يتحمل كامل المسؤوليه القانونيه والاخلاقيه لفشله او عجزه عن الخلل والترهل في السياسه التشريعيه بالعراق وعدم الاكتراث في الغاء التشريعات التي انتجها حزب البعث ومجلس قيادة الثوره سابقآ..!
واخيرآ لا يفوتني ان اذكر ان البعض للاسف يحاول التعكز على الماده 130 من الدستور العراقي والتي تشكل ضمانه دستوريه لحماية قوانين حزب البعث ومجلس قيادة الثوره والتي قد تشكل لغمآ لتعويق الغاء هذه القوانين البائده. حيث اشارت الماده 130من
الدستور العراقي بالقول( تبقى التشريعات النافذه معمولآ بها مالم تلغ او تعدل وفقآ لاحكام الدستور) .ولكن أرى ان توصيف الماده 13/ثانيآ من الدستور العراقي والتي تؤكد ( بعدم جواز سن قانون يتعارض مع الدستور العراقي) وهذا النص الدستوري بحد ذاته يدحض تمسك او تشبث البعض للابقاء على قوانين مجلس قيادة الثوره تحت ذريعة الماده 130 من الدستور المذكوره سابقآ.. ولذلك نرى ان الاستناد القانوني على مقاربات الفقه الدستوري والتي تقول(السابق يلغي اللاحق) حيث نرى ان
الماده 13 هي التي سبقت الماده 130 من الدستور العراقي التي يمكن التأسيس عليها لالغاء قوانين حزب البعث ومجلس قيادة الثوره.. ونأمل ان تبادر المحكمه الدستوريه بالتحرك القضائي والقيام بالغاء او تعديل هذه القوانين الجائره والتي تخالف القيم الدستوريه ومبادىء حقوق الانسان بالعراق..