23 ديسمبر، 2024 10:28 ص

التشريعات الإسلامية حلٌّ لأزمات المجتمع

التشريعات الإسلامية حلٌّ لأزمات المجتمع

– تقييد الحرّيات تحقيقٌ للأمن المجتمعيّ
تقييد الحرية مقابل للأمن المجتمعيّ، مفهوم; أصبح مطلباً تنادي به الأنظمة السياسية في الكثير من الدول، وقد أطلقه بشكلٍ رسميّ الرئيسُ الأمريكيّ وعددٌ من زعماء دول الاتّحاد الأوربي، وحذا حذوهم آخرون، حيث أنّ القناعة التي تبلورت لهذه الأنظمة، مفادها (لابدّ من تقييدٍ لبعض الحرّيات، لكي يتحقّق أمن المجتمع)، والأمنُ لا ينعكس على الجانب الأمنيّ فقط وإنّما على كافة تفاصيل الحياة.

فالطاولة الأممية العصرية الآن عليها كَمٌّ من الأزمات المتراكمة التي عجزت الأنظمة عن إيجاد الحلول لها، رغم المحاولات المتعدّدة لحلّ هذه المشكلات، واستعرضتها منظمة الأمم المتحدّة وفق دراسات معتمدة قدّمتها منظمات تابعة لها كان أوّلها عام 2001م وآخرها كان هذا العام 2015م، ومن هذه الأزمات:

أولاً: الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالكثير من الدول في المجالات المالية، البنكية، المصرفية، التجارية، الجمركية والصناعية.

ثانياً: ضعف النموّ المجتمعي البشري عند الغرب، والذي دفع العديد من الدول إلى استقبال أعدادٍ كبيرة من المهاجرين.

ثالثاً: تفكّك وتصدّع النسيج الأسري في الكثير من المجتمعات الغربية والشرقية.

رابعاً: تجارة الرقيق الأبيض، حيث تشير الدراسات إلى وجود أكثر من (20) مليون طفل تمّت المتاجرة بهم خلال السنوات العشر الأخيرة.

خامساً: تفجّر العنصرية والعِرقية والقومية مرّةً أخرى، وبدأت إرهاصاتها تظهر بقوّة وبشكلٍ مقنَّن، وهذا ما تصنعه الأحزاب اليمينية وغيرها.

عقود من الزمن مضت على انتشار هذه الأزمات والأنظمة الحاكمة تعجز عن وضع حلول جذرية لها، بسبب أنّ الحلول ناتجة عن قانون بُنيَ في مدارس البشر، والذين هم أصل المشكلة.

حيث أنّ هناك بعض الباحثين في هذا الشأن, ذهب برأيه نحو اتجاه وهو: “يجب أن تكون الحلول ناتجة عن منظومة قانونية أخلاقية”، بمعنى أن يكون هناك قانون نابع من أخلاقيات الفرد الفطرية، وهذا لا يتحقّق إلّا بتقييد بعض الحريات الفردية وفق تقنينٍ يتماشى مع القدرات الخلقية للأفراد، والتي لا يمكن أن تحدّدها إلّا جهة لها دراية تامة بالطبيعة البشرية.

لذا فإنْ كانت هناك رؤية أخلاقية, مادية، دهرية أو إلحادية.. إلخ، لا يمكن أن تجتاز حيّز البشرية، فتبقى قابعةً في نفس حدودها، لذا لابدّ أن ترتبط هذه القوانين بمنظومة سماوية، لِتُكَوِّن رؤيةً أخلاقية إيمانية موحّدة.

إذن لو كان الحلّ يكمن في رؤية سماوية، فهل أنّ أصول التشريع التوراتي للنبيّ موسى(عليه السلام) أو أصول التشريع الإنجيلي للنبي عيسى(عليه السلام) قادران على وضع منهجٍ متكامل يأخذ على عاتقه تجاوز هذه الأزمات؟؟، أو اختيار منهج خاتمية الرسالات السماوية التي جاء بها الرسول الأكرم محمد(صلى الله عليه وآله؟، وتأسيس قواعد أخلاقية من الصفات الخُلُقية للشخصية الرسالية للنبي محمد(صلى الله عليه وآله) التي تجلّت فيها كافة الكمالات، لكون أنّ هذه الشخصية هي المنهج التطبيقي للقوانين الإسلامية.

نتناول هنا منطق أصول التشريع الإسلامي الذي يؤكّد على أنّ الحرية المنفلتة للفرد باسم الليبرالية أو الحرية، يقضي على رأس المال البشري، أي الأصول الفطرية له.

فرغم المحاولات التي جَرَتْ خلال السنين الأخيرة من بعض الأنظمة، ورفع شعارات تنبض بها الفطرة البشرية التي جاء بها الإسلام، مثل المساواة, العدل, اللّاعِرقية, اللاطبقية وغيرها، إلّا إنّ فلسفتهم الأخلاقية في إدارة شؤون المجتمع وفهم الفطرة البشرية تتدافع مع المنهج الإسلامي، لذا مازالت هذه الأزمات وغيرها في تفاقم مستمر.

سؤال: إنْ كانت الرؤية لحلّ الأزمات في العالم تكمن في تطبيق القوانين الإسلامية، فلماذا تعيش بلدان العالم الإسلامي تحت أوضاع إنسانية مأساوية؟..

بداية الإجابة تكمن في تحديد القوانين الإسلامية التي هي تشريعات سماوية تُنَظِّم حياة العالم بأكمله، جاء بها الدين الإسلاميّ خاتم الديانات السماوية.

القوانين نزلت في القرآن الكريم آخر الكتب السماوية.

منهجها التطبيقيّ هو خاتم الأنبياء محمد(صلى الله عليه وآله).

فإذا أردنا تطبيق هذه القوانين الإسلامية على المجتمع، من أجل حلّ كافة الأزمات التي يعاني منها، فلابدّ أن ندرس ونفهم منهج الشخصية التطبيقية لهذه القوانين، وأن نشكّل هذه الشخصية وفق أسس منطقية سليمة تُبرز جزءً من عظمتها.

الواقع الفعلي للدول الإسلامية، يؤشّر إلى وجود مشاكل وهي في تفاقم مستمر. كيف وهم يملكون قانوناً يتكفّل بحلّ مشاكل العالم؟.

الحسبة بسيطة, المسلمون تخاذلوا عن نصرة نبيّهم وهم يُواجهون خللاً في تشكيل صفات شخصية النبي(صلى الله عليه وآله) بسبب الصراعات المصلحية فيما بينهم، لذا أوجدوا شخصية روائية مشكّلة وفق آراء وروايات غير صحيحة وغير سليمة جاءت بها أمزجة بعض السلاطين والحكّام، لتحقيق مصالح شخصية والتغطية على أفعالهم التي ارتكبوها.

لذا كانت النتيجة أن تكون هناك صفات عالقة في الشخصية النبويّة وهي بعيدة كلّ البعد عنها، بسبب خزعبلات, أكاذيب وافتراءات لا تتماشى مع شخصية النبيّ القرآنية، فصار البعض يقتل ويسرق ويظلم ووو، باسم الدين والنبيّ وهو منهم براء، فلم يطبّق التشريع السماوي. إذن كيف نصلح؟

تكمن الخطوة الأولى في حلّ الأزمات والمشاكل للمجتمع الإسلامي بنصرة شخصية النبي(صلى الله عليه وآله) وتحديد صفاتها ورسم معالمها من خلال اعتماد منهجٍ سليم يعتمد على القرآن فقط، لأنّ القرآن تتّفق عليه جميع طوائف المسلمين، والوقوف بحزمٍ بوجه كلّ تيار أو جهة تحاول أن تلحق صفات روائية تتعارض مع القرآن.

حينها سيخرج المسلمون بصفاتٍ لشخصية قانونية دستورية كفيلة بحلّ أيّ مشكلةٍ أو ظاهرة مهما كان حجمها وتوسّعها، وهذا ما أكّد عليه القرآن الكريم في دلالات كثيرة.

أمّا التمنّي… فهو أن تطبّق هذه الصفات والقوانين للشخصية الرسالية على المجتمعات العربية، لكي تنعم بحياة عزيزة كريمة، حينها سنمتلك حجّةً دامغة، ونقول للعالم اختر قوانين خاتمية الرسالات ففيها كلّ ما تصبو إليه.