23 ديسمبر، 2024 5:59 ص

( 3 )
يشكل مفهوم التشريع ثقافيا واحد من أكبر المفاهيم الجدلية ، و لعله يمثل حركة التطور و التباين و الاختلاف الحضاري لبني البشر ، ففي ( روح القوانين ) يصنف مونتسكيو مصادر التشريع إلى ( الالهة ، الطبيعة ، البشر ) ، و ليس هذا التصنيف إلا تقسيم أولي لتربة التشريعات ، إلا أن فهم تعقيدات جدليات ما هو النص الحاكم ، هو ما ينبغي إدراكه لبلوغ المراد من هذا المقال
 قبل أيام و في حوار مع أحد ما يعرفون بـ (  شرعي ) تنظيم داعش الإرهابي و عند سؤاله :

ـــ ما لذي يدفعك للتحريض على  قتل المواطنين بهذه الطريقة الوحشية ؟!

أجاب : هؤلاء كافرون .

ـــ كيف ؛ و لماذا تراهم من الكافرين ، و من طلب منك قتل الكافرين ؟   

أجاب : هؤلاء يحكمون بغير ما أنزل الله ، و القرأن يعدهم من الكافرين ، و هو كذلك من أمرنا أن نقتل الكافرين كافة .

سأكتفي بهذا المقدار من حوار طويل ، سنستعمله في مقالات قادمة ، إلا أن ما ذكره هذا ( الإرهابي ) يعد أساس الأفكار التي يجندون بها الشباب المسلم ، و في هذا السياق يستعملون لغة ترهيبية و ترغيبية لأيات القرأن الكريم قادرة على إحداث إنفجار إنفعالي في عقول الشباب الجاهلين و المحبطين

و يمثل هذا ( الجانب الفكري المنحرف ) أقوى ما تملكه الجماعات الإرهابية ، و لإننا نتحدث عن ما بعد معركة الموصل في سلسلة مقالات صدر منها ( القضاء و تحرير الموصل ) و ( تأسوا بالقضاء ) ، نريد أن نلفت النظر إلا أن هذا الجانب ينبغي أن يعالج بطريقة جادة تتضمن حلا منطقيا لجدليات التشريع ، و هذه الجملة الأخيرة على قصرها تتضمن عمل عظيم ، إلا أن من غيره لا يمكن حل الأزمة الامنية و الأجتماعية ، و لا يمكن إقامة الدولة حتى
من أين نبدأ ؛ و كيف نبدأ ؛ و من يقوم بهذا العمل ؟
كل هذه الإسئلة سنجيب عليها في الحلقات القادمة في ضوء تجربة السلطة القضائية الاتحادية في العراق ، و من أجل هذا سنذيل عنوان كل مقال برقم من أجل التسلسل ، و مقالنا هذا سيكون ( التشريع 3 )