معروف عن المرجعية الدينية بالنجف الأشرف، وبإتفاق جميع الأطراف على وسطيتها وإعتدالها، وحرصها على دولة مدنية ديموقراطية؛ تحترم رأي ناخبيها وومثيليها، وكل فعل داعم للديموقراطية والتبادل السلمي لتبنيها منهج السلم؛ الى أن دعتها الضرورة لإصدار فتوى للمحافظة على السلم الأهلي؛ فما الذي دعا المرجعية المتمثلة بالسيد السيستاني؛ الى عدم إستقبال وفد التحالف الوطني؛ الساعي لتسوية وطنية لمرحلة ما بعد داعش، ومنها خطط مستقبلية لضمان السلم الأهلي؟!
يجد من يُتابع خُطب المرجعية؛ على أنها سلسة متواصلة تتماشى مع الواقع السياسي والإجتماعي، وفي خطبتها قبل الأخيرة أشارت الى فتح صفحة جديدة ونبذ الخلافات.
في أكثر من مناسبة أشارت المرجعية الى تشخيص الخلافات السياسية بتسبيب الفساد والإرهاب، وتشرذم المواقف السياسية يؤدي الى تقاطع وصراعات طائفية، وقارنت الفساد بخطر الإرهاب ودعت لضرب رؤوسه الكبيرة، وما كان من مقاطعتها للعملية السياسية؛ إلا بسبب عرقلة بعض القوى لمسيرتها الإصلاحية، وأشارت المرجعية الى بُح صوتها من مخاطبة القوى، التي تسمع الخطابات الموجهة لها وتفسر حسب أهوائها، ولكن المرجعية لم تترك الأمر على الغارب؛ بل أشارت الى فتح صفحة جديدة من العمل السياسي والتقارب بين القوى.
إن وفد التحالف الوطني قابل ثلاثة من كبار المراجع وزار الشيخ اليعقوبي، ووجد رؤية مطابقة لمشروع التسوية والحاجة لها بتأكيد المراجع، مع إستثناء من تورط بالإرهاب؛ لقطع دابر الطريق لعودته بعد تحرير الأرض، و يأتي عدم إستقبال المرجعية لوفد التحالف؛ في سياق عملها على الأطر العامة وعدم تدخلها بالخصوصيات والتفاصيل؛ كدعوتها على طبيعة إختيار المرشح لا عن الأسماء، وهي تبارك أي خطوة يمكن منها تحقيق السلام؛ لكنها لا تضع نفسها كطرف ضامن أو شريك؛ كي لا تحسب الأخطاء التي يرتكبها الساسة من تقصيرها، وأن إشتركت؛ سيواجَه أيّ مشروع برفض محلي وأقليمي؛ منهم من يتهم السياسة بولاية الفقية وآخر يتذرع بالطائفية.
المرجعية الدينية بمثابة الأب الروحي لكل عمل إنساني، ولا يمكن تأويل عدم مقابلتها لوفد التحالف؛ على أنها ترفض مشروع تصالحي.
المرجعية لا ترفض أي عمل وخطة تحقق السلام، ولكنها تُريد نضوج المواضيع، وتدعو الأطراف السياسية لتحمل مسؤولياتها، وأولهما التحالف الوطني؛ بنبذ الخلافات وفتح صفحة جديدة، ومن المؤكد وكما عرف عنها سابقاً أنها تدعو لدولة مدنية قوامها قوى سياسية متفاهمة؛ لا تفرط بدماء وحقوق شعبها، وطبيعي جداً أن ترفض كل القوى السياسية من تورط بالإرهاب وتلطخ بالدم العراقي، وهناك جمهور من كل الأطراف أشترك كتف على كتف في المعارك، ويراقب ما يجري من عمل سياسي، ويُحاسب على أي زلة مستقبلية، وبذلك أعطت المرجعية درساً لم يستوعبه بعضهم؛ معتقداً ان رفضها لأسباب شخصية، وإنما تطلب من القوى السياسية تحمل مسؤولياتها، وأهم مسؤولية إيجاد حلول عراقية، وضمان نجاحها؛ في نتائج سياسية شابها كثير من الأخطاء؛ لذا ترى المرجعية ان من المصلحة عدم زجها أسمها في العمل السياسي، وهذا ما سيدفع القوى السياسية للتقارب والبحث عن حلول؛ ستباركها أن كانت تجد حل للإشكلات السياسية والتبعات السلبية.