التسويات التي حصلت ويمكن ان تحصل تشترك في ان ترضي جميع الأطراف المشاركة بها ، او على الأقل ان لا تبخس حق احد ، وتكون عبارة عن تنازل من طرف لآخر ، او املاء من جهة على جهة اخرى ، التسويات والمصالحات التي مرت في السنوات العشر الاخيرة كانت تعني أعطني المزيد لاسكت حتى نلتقي في النزاع القادم ، حتى اصبح شعار التسوية او الصلح في نظر الجمهور ان نتنازل ونعطي لتسير القافلة ، التسوية المزمع عقدها سواء كانت وطنية او تاريخية يجب ان تحتوي على ضمانات لحفظ حقوق الاغلبية من عبث الأقلية
الضامن الاول هو الأمن ، نتصالح ونضع التسوية التي ترضيهم ، ولازلنا نقتل ونصلب ويمثل بجماهيرنا ، فعلى اي شيء نتصالح ، وهل لتسويتنا معنا امام دماءنا التي تسيل بشكل يومي بسبب السيارات المفخخة والانتحاريين ، ومن أتصالح معه عبارة عن حضن دافئ لكل متطرفي العالم ، يتقربون الى الله بقتلنا وتفجيرنا ، يجب ان يكون الضامن الاول هو الأمن ، وبخلافه لا خير في تسوية لا تجامل على حساب دمائنا ليقال عنا اننا متفقون !
الايمان بالعملية السياسية الجديدة هو ضمان اخر يجب ان يتم توفيره ، حقوق الاغلبية يجب ان يتم الاعتراف بها ، وكل ما يترتب على هذه الاغلبية من حقوق سياسية واجتماعية ودينية ، وما يتناغم معها من مواقف وقوانين وسلوك ، النظام الديمقراطي هو نظام الاغلبية مع مراعاة حقوق الأقلية ، وليس العكس ، التباكي على هدام وحزبه وفكره العفن يجب ان يتم استئصاله من عقل وسلوك المجتمع ، كتقدير واحترام لشهداء العراق والاغلبية بالخصوص ، اذ يستحيل ان أتعايش مع من يحتفل بذكرى قتلي ، ويشعل شموع الفرح بولادة ظالمي ، وهذا حقي ما دمت امثل الاغلبية ، وان استصعب عليه ذلك لعقده وميوله فيجب ان لا يجاهر بما يدعم الدكتاتورية والظلم بحجة الحنين الى الماضي.
من بديهيات القول في عصر العولمة ، هو تداخل المحلي مع الاقليمي ، حتى بات ينظر الى الشأن السياسي بكليته ، اذ لا يمكن تخيل موقف او سلوك او حتى قرار بسيط بمعزل عن المؤثرات الإقليمية ، مع التاكيد على الطابع الطائفي العربي ، وما يتمخض عن ذلك من تأثير كبير على اهل السنة في العراق ، سواء شاءوا ام أبو ، وسواء اعترفوا بذلك ام اخفوه ، وهو ما يوجب ان تكون هنالك ضمانات إقليمية ثالثاً ، تضمن انسيابية وسلامة اي تسوية يزمع إجراؤها ، فنحن عراقيون عرب شيعة ، لسنا فرس او مجوس او غير ذلك ، ليس انتقاصاً مما ذكرت ، ولكن اعتزازنا بهويتنا يوجب على الآخرين ان يعترفوا بها ، كما نعترف بهم وبحقهم ، اضافة الى توفير مناخ هادئ خالي من الضغط الإعلامي ، والتسويق المحرض على القتل والبغضاء بين ابناء الوطن الواحد ، التسوية لا تعني كسر عظم كما يفهمها البعض ، كذلك لا تعني ان أتنازل لترضى انت وتنعم بأمتيازات تؤخذ من عرق جبيني وحقوق أطفالي ، انها ليست لعبة صفرية ، تربح انت ما اخسره انا او العكس ، التسوية لحفظ الوطن وحقن الدماء ، دماء الجميع ، وهذا يوجب ان يطمئن الجميع الجميع ، ويتنازل الجميع من اجل الجميع ، وبخلافه سينتهي داعش ولكن رحبوا بفكر وتطرف من نوع اخر ، لان كسر العظم لا يبني الاوطان ولا يحقن الدماء .