14 نوفمبر، 2024 8:24 م
Search
Close this search box.

التسوية العراقية بين الشيطنة والعقل

التسوية العراقية بين الشيطنة والعقل

أحد اصحاب الإمام الصادق عليه السلام  ،قال:قلت له-أي الامام: ما العقل؟قال: ما عبد به الرحمن وأكتسب به الجنان، قلت:فالذي كان في معاوية؟فقال:تلك النكراء! تلك الشيطنة،وهي شبيهة بالعقل،وليست بالعقل.
المعروف ان العقل نقيض الجهل، فالعقل بمعناه اللغوي والاصطلاحي، هو اعتقاد الشيء المطابق للواقع، أو فهم الشيء وادراك حقيقته، والعقل هو أداة العلم والمعرفة،للتمييز بين الخير والشر،والنافع والضار،والجهل يكون بخلافه لذا يكون هو نقيضه.
الامام عليه السلام،جعل العقل في مقابل أو نقيض الشيطنة،وليس هناك خلاف بين قول الإمام وعلماء اللغة والكلام،فالشيطنة من لوازم وجنود الجهل،أو قل هما-الشيطنة والجهل- وجهان لعملة واحدة،إذا صح التعبير.
حيث ورد معنى الشيطنة في اللغة من:(شيطن،يشيطن،شيطنة،فهو مشيطن،صار كالشيطان وفعل فعله)، أي قام بأعمال شيطنة وشغب، والشيطان كما قال الراغب:(هو كل ذي صفة ذميمة من انسان،او جني،او حيوان)،أو هو كل متمرد مفسد.
في ثقافات وديانات الأمم والشعوب السابقة والحالية،يعدون الشيطان رمزاً وعنواناً لكل:(شر،وعصيان،وتمرد، وانحراف،وضلال،وظلام)،وفي حديث للإمام أبي جعفر عليه السلام،جعل  للعقل والجهل جنود،فمن جنود العقل: (العدل،العلم،الرأفة،التواضع،الحلم، الصبر،الصفح،المودة،الطاعة،الصدق، الوفاء،الأمانة،الألفة).
أما جنود الجهل:(الجور،القسوة،الغضب، الكبر،الانتقام،العداوة،المعصية،الكذب، الغدر،الخيانة،الفرقة)،وهذه هي جنود معاوية التي مارسها في سياسته وحكومته،التي سماها الإمام الصادق عليه بالشيطنة،وانها ليست من العقل.
كل الساسة في العالم،يلجأون الى حكم العقل،عند اشتداد النزاع والعنف والصراع،ليجلسوا الى طاولة الحوار وتسوية الأمور بينهم-(من الطريف ان احد معاني العقل:الملجأ)،لذا لجأت ساسة أوربا وأمريكا بعد الحرب العالمية الأولى،والثانية الى الحوار والتسويات،ومن نتائجها حصل الأستقرار،والتقدم الصناعي والعمراني، والإقتصادي،والسياسي،والتطور العلمي في هذه البلدان،بسبب اللجوء الى العقل.
وثيقة التسوية الوطنية العراقية، رحب بها كل عقلاء السياسة في العالم، من الأمم المتحدة،والاتحاد الأوربي، ودول شرق آسيا،وبعض الدول العربية، وايران،فالتسامح،والألفة،والوحدة، والصفح،والمودة،والسلام،من جنود العقل،وأفعال العقلاء.
أما من يقف ضد التسوية،ويحاول عرقلتها،بأي طريقة ما،لكي يعيش ويتنفس من خلال العنف والصراع، أو يريد ان يرجع لممارسة الغدر،والخيانة، والإستكبار،والانتقام،ويزرع التفرقة، فهذه الأفعال من جنود الجهل، والشيطنة.
على السياسي العراقي ان يختار،بين ان يكون جاهل شيطان،أو عاقل عالم.

أحدث المقالات