تدرك جميع الاطراف المعنية بالازمة السورية ان الوضع الحالي لا يشكل فرصة لصناعة تسوية في سوريا نظرا لحجم التعقيد الذي تنطوي علية الازمة وعدم وضوح الصورة لكن ادراك المخاطر الكبيرة التي يولدها استمرار الامة والتي تتولد بشكل ميكانيكي مذهل يذهب الحراك الدولي باتجاه صناعة عناصر التسوية ويشير حتى اللحضة الى محاولة بناء عناصر محددة تساهم في انتاج عملية التسوية وهذه العناصر تتمثل بوجود طرفين مستعدين للتفاوض ولذالك جرى التركيز في الفترة الماضية على بلورة طرف معارض واضح من خلال توحيد المعارضة السورية ((الائتلاف الوطني)) و ((هيئة التنسيق)) وثاني تلك العناصر وجود خريطة للتسوية يقوم التحرك المشار اليه على فرضيات يتطلب فحصها والتحقق منها على ارض الواقع مثل فرضية ان ((داعش)) بات يمثل خطرا مشتركا على جميع الاطراف الاقليمية والدولية وبالتالي وجود مصلحة عند الجميع للتوافق على اليات محاربته ونقطة الضعف في هذه الفرضية ان كثير من اطراف الصراع بما فيها نظام الاسد وبعض القوى الاقليمية ترى في وجود داعش فرصة تكتيكية لها اكثر من كونه خطرا وجوديا عليها الواقع الجديد الذي فرضته موسكو في سوريا جعلها قوة رئيسية في اي بحث لتسوية سياسية في هذا البلد بل جعلها ربما قوة لاغنى عنها في تقرير خريطة النضام الاقليمي حدت من حرية الحركة الاسرائيلية في سورية وطوت نهائيا المشاريع التركية على حدودها الجنوبية التدخل الروسي وازمة اللاجئين الى اوربا ابعد ازمة اوكرانيا عن المشهد الكبير حتى الان يبدوا ان روسيا التي طوت صفحة اوكرانية ترغب في وقف النزف العسكري والاقتصادي في هذا البلد وبعض من اهداف تدخلها في سورية ممارسة ضغط على اوربا امريكا لرفع العقوبات والحصار الاقتصادي من هذا المنطلق لا يمكن لن تجازف بفتح ساحة استنزاف ايا كان عناصر الخطة الروسية لابد لها من ان تاخذ في الاعتبار موازين اخرى في بلاد الشام القوى على الارض فالى الفصائل المقاتلة في اكثرية المناطق السورية لايمكن تجاهل الحضور الميداني لايران وهذه لاتميل الى هذه الخطة والى الاهداف القريبة والبعيدة لموسكوعلى مايبدوا ان روسيا من جانبها اقنعت تركيا والخليج بان تدخلها تهميش للدور والنفوذ الايراني وهو ما دفعهم للسكوت عن تدخلهم المكشوف وابقاء الاسد في المرحلة الانتقالية وفي النهاية وفي النهاية يمكن القول ان الوجود العسكري الروسي لن يؤثر في الغالب على امكانية التواصل لتسوية سياسة اذ ان الدعم الروسي ليس بشء جديد لنظام الاسد ولا يهدف الى تكرار التدخل السوفيتي في افغانستان مرة اخرى لاختلاف الظروف وتباين المصالح كما ان ثمة تقارير عديدة تشير الى ان هدف موسكو بالاساس هو حماية المنافذ البحرية والجوية التي تعتمد عليها من اجل مساندة نظام الاسد وهو ما دفع اتجاهات عديدة الى تشبيه الوجود العسكري الروسي بانخراط ايران وحزب الله اللبناني في الصراع السوري منذ عام 2013 بهدف تغير توازنات القورى لصالح الاسد فضلا على ان التدخل الروسي لن يحول على مايبدو دون استمرار قنوات التواصل مع القوى الاقليمية والدولية المعنية بالازمة السورية وعلى راسها الولايات المتحدة الامريكية التي فشلت في تكوين معارضة بديلة لنظام الاسد رغم التغير المهم الذى طرأ على لغة الحوار بين الروس والأمريكيين فى الأزمة السورية، ورغم أن الطرفين يستخدمان الآن لغة لينة طرية تترك مساحة لإمكانية تفاهم مشترك، بدلاً من لغة التهديد والمواجهة التى استخدمتها إدارة أوباما قبل أن تعدل عنها أخيراً، لا يزال من السابق لأوانه التنبؤ بإمكانية أن يقع توافق روسى أمريكى يضع الأزمة السورية على طريق التسوية السلمية، ويخمد حريق الحرب الأهلية الذى راح ضحيته أكثر من 250 ألف قتيل سورى، ويوقف طوفان الهجرة الذى شمل ما يزيد على 4 ملايين مواطن سورى، لكن الواضح من تصريحات الجانبين الأخيرة أن الطرفين يعتقدان الآن أنه لا بديل عن الحوار والتوافق، وأن عليهما بذل المزيد من المرونة والعدول عن فرض الآراء المسبقة، كما أن مشكلة بشار الأسد يمكن أن تجد حلاً وسطاً، لكن الأهم إخماد حريق الحرب السورية، ومنع وصول الإمدادات إلى كل الأطراف، والاتفاق على تشكيل هيئة تنفيذية عليا تتولى مسئولية المرحلة الانتقالية المشكلة ان صناعة عناصر التسوية هي نفسها قد تكون عناصر لزيادة تفجير الازمة واستدامة الحرب اي خطا بسيط في المقادير ودرجة الحرارة يعرف التسوية بدل انضاجها.