30 سبتمبر، 2024 10:25 ص
Search
Close this search box.

التسوية التأريخية ثقافة أنتصار 

التسوية التأريخية ثقافة أنتصار 

التسويات السياسية هي نتائج   دائماً ما تناهي اليها كل الخلافات في العالم العسكرية والاقتصادية والطائفية  وربما حتى العقائدية , يخضع اليها الاطراف المتنازعه بعد ان تنتهي كل الحلول الا حكمة العقد والحل  , ولايكون هناك فيها  خاسر غير من يرفضها  , وهي الحلول الطويلة الامد  كلها وليست انصافها او اطرافها .
        والتسويات السياسية هي ثقافة عالية الوعي , تفتقر اليها الشعوب متأخرة النمو والمجتمعات من العالم الثالث , ولاسيما العالم العربي , والتي لازالت تحت تأثير الاستعمار غير المباشر للدول الكبرى , والتسوية هي تجارة ليست رابحة بالنسبة للاحزاب والكيانات السياسية التي نمت وترعرعت وتصدت للعمل السياسي على حساب الدم او التطهير العرقي والطائفي , والتي عرفت نفسها وصدرتها  للعالم على انها المدافع الاول والحقيقي عن طائفة معينة او مكون ما وبها نالت بهاء السلطة والعظمة .      ثقافة التسوية يراها اهل الحكمة انها الاسهل لنتائج النصر وبلا خسائر بشرية ومادية , وهي الاكثر وقعا في المجتمعات التي اهلكتها الحروب و التي ضاع فيها الامان , ويمكن ان تحصد نتائجها بعد حين , رغم ان الجاهلين فيها يرون المرارة فيها, فهم الجيل الذي تعود على حالة من العصبية والسلاح والتفرد بالبلاد او المنطقة من جهتهم فقط بلا شريك . 
      لو اردنا ان نستعرض التسويات في تأريخنا الاسلامي , فلنا اسوة حسنة برسول الله “ص” في صلح الحديبة مع الطرف المشرك والتي استمرت لسنتين جنى فيها المسلمين حالة الراحة والامان ونشر الاسلام في القرى والمدن البعيدة من المدينة المنورة محررين من ظغط الانشغال بالحروب , وفي صلح الامام الحسن “ع” لمعاوية الذي كان يمثل رموز النواصب  لاهل البيت , وكيف اعطى الصلح الفسحة لشيعة اهل البيت , لمدة عشر سنوات من ان يدخلوا فضائل علي “ع” والاسلام المحمدي واحاديث رسول الله “ص” وتفنيد اكاذيب بني امية في عقر دار النواصب (بلاد الشام ), ولو اردنا التسويات في تأريخنا الحديث والمعاصر , فهذه اوربا بعد حروب عالمية اولى وثانية أهلكة الحرث والنسل ها هي دولة اتحادية موحدة شريكة في الصغيرة والكبيرة من الداخل والخارج , ولو اردنا عربياً , الينا المصالحة الوطنية الجزائرية التي قضت على تنظيم القاعدة وانهت بيوضه في اعشاشها ولم يلد فيها ابن لادن او الزقاوي او البغدادي هناك افراخه والى يومنا بسبب التسوية التأريخية فيها .
      اذن الانتصارات في الحروب ليست دائما تأتي في السلاح , والسلاح ليس ضامن لديمومة الانتصار , والصلح هو تتويج للانتصارات والحفاظ عليها لفترة اطول واعطاء فسحه للمجاهدين باعادة تنظيم قواهم وبناء اوطانهم بدلا من الانشغال لفترة اطول بالمعارك , ومثل حال العراق وبعد تحرير كل اراضيه , العودة للصلح وخاصة من المكون الشيعي وهم بأوج عظمتهم بحد ذاته يوصف انتصار , مع وجود ضامن حقيقي من الاطراف الاخرى انها ستحترم هذه التسوية , ولو تحققت التسوية سيكون هناك للشيعة ثورة ثقافية بديلة عن ثورة الحروب , وهي السلام , لنشر ثقافتهم في المناطق المحررة وثقافة الدين الاسلامي الحقيقي وهو الاهم , الذي حاول الغزات فرض بديلا عنه دين قطع الرؤس والسبي والتهجير.
التسوية التأريخية او السياسية هي ثقافة جديدة يراها المجتمع العراقي ,  فقدتها المكونات بقياداتها وجماهيرها , نتيجة الابتعاد عن الثوابت الاصيلة , وهي تحتاج لتوعية المجتمعات  التي اعتادت على لغة الحروب والطائفية وادعاء التهميش , عبر منابر اعلامية تعريفية  موحدة , تنشر ثقافة السلم والسلام او التسوية التأريخية .

أحدث المقالات