17 نوفمبر، 2024 1:35 م
Search
Close this search box.

التسويات التاريخية بين الواقع والطموح ؟!!

التسويات التاريخية بين الواقع والطموح ؟!!

المتابع للأجواء الإقليمية يجد عمق الحراك الحاصل في منطقة الشرق الأوسط ، ويدرك مستوى وحركة التسويات التاريخية فيها ، ويقف على اعتاب خطوات هذه التسوية ، ووفق خارطة الأوقات ففي الرابع عشر من تموز تم توقيع الإتفاق النووي بين القوى العالمية وايران (٥+١) حيث تشير المؤشرات بوضوح الى نهاية نفق الحرب الباردة بين الجبهتين والذي اختتم بالتوقيع الامر الذي جعل السعودية تتحرك بسرعة باتجاه ايجاد موقف لها بسرعة وباتجاه الجانب الروسي ففي التاسع عشر من حزيران تمت الموافقة على المبادرة الروسية بتشكيل جبهة عريضة لمحاربة التطرّف وداعش يضم الى جانب الدول الغربية السعودية .
بعد هذه الخطوات جاء لقاء الدوحة بعد اقل من شهر من الموافقة علو مبادرة موسكو ، ففي السابع من تموز بات مسار التسوية اكثر وضوحاً ، خصوصاً بعد حضور أطراف الأزمة (كيري-لافيروف-الجبير) واعلان الاتفاق الرسمي ، وما ان ظهرت بوادر الجبهة الاولى حتى سارع السوريون الى تحديد موقفهم ففي الثالث من آب جاءت زيارة وزير خارجية سوريا وليد المعلم الى طهران وذلك من اجل ايجاد مزاوجة بين المبادرة الروسية والايرانية  ، فيما وفي نفس الوقت تكثفت الاتصالات بين الجانب الامريكي والسوري وعلى مستوى السفراء ، وما تلاها من زيارات سريعة للجانبين السوري والسعودي والتي تمت بصورة سرية لإيجاد توافق حول الأزمة .
لا يمكن لهذا السيل من التوقيتات ان يكون مجرد صدفة ، كما ان التطورات الميدانية تتحدث الكثير ، وشكلّت تلازماً مع الأحداث المتسارعة على الجانب السياسي ، ناهيك عن الدخول السعودي الى المستنقع اليمني والذي جاء في محاولة لإيجاد توازن امام الدخول الايراني في سوريا وخلق حالة توازن في المنطقة ، اذ كشفت المباحثات ان هناك قواعد جديدة تتبلور بالتجربة لإعداد تسوية معقولة ومقبولة ، فيما يعلن الجانب السعودية لاحقاً تراجعه عن تصريحاته السابقة وان الحوثيين جزء من الشعب اليمني ، وهو تغيير واضح في مسار التسوية .
الجبهة العراقية بانت ملامح التغيير فيها ، بعد التظاهرات في ساحات الاعتصام والتي هي الاخرى كانت واضحة المعالم والاهداف والدعم ، الامر الذي تكفل بإطلاق الخطوة الاولى نحو الحل وهو رحيل المالكي وبعد صراع طويل عادت شعارات التهدئة وأدبيات خطاب الدولة والمواطنة ،بعد أزمة دامت اكثر من سنة  كانت تهدد كيان الدولة ووجودها السياسي .
في الجانب السوري كان الموقف اكثر تعقيداً ، وذلك لتعدد الجبهات فيه ، مع تفعيل النقر الهادئ على المذهبية والقومية ، الامر الذي جعل نيران المواجهة مستعرة ، ما دفع الغرب الى ايجاد تهدئة فيها خصوصاً بعد تمدد داعش وحلفاءها في سوريا اذ لم يتبقى سوى ١٧٪‏ من الارض السورية تحت سلطة الأسد ، وهمجية هذه العصابات التي مارست الوحشية ضد الأبرياء العزل ، وسبي النساء وتهجير العوائل من مناطق سكانها ، مما دفع الجانب الروسي الى تغيير الخارطة على الارض والدخول بقوة من اجل فرض شروط التسوية المقبلة ووفق مبدأ التوازن المذكور سابقاً ، كما هو الامر في لبنان والذي اقترب هو الاخر من نهاية حسم ملف رئيسها .
امام كل هذه الإحداثيات يبقى الهم الامريكي في سوريا ، والهدف المعلن تجاه دمشق ألاوهو محاربة الارهاب ، فياترى من هي الجبهة القادرة على ذلك ومن هي القوى العسكرية والميدانية التي نجحت في مواجهة داعش منذ ولادتها في سوريا وحتى وضوح خيوط التسوية والتي بالتأكيد ستكون حاضرة في هذه التسويات وثابتة من اجل خارطة طريق جديدة في المنطقة وتسويات شاملة دون المساس بخارطة دول الصراع.

أحدث المقالات