ان مشروع تقسيم العراق كما نعلم هو المشروع التاريخي للصهيونية العالمية والمشروع مطروح رسمياً في الاستراتيجيات الصهيونية منذ عقود خلت، اذ ليس في هذا كله من جديد، ليس جديداً أن يثار هذا الموضوع الذي تبناه قبل سنوات الصهيوني الذي يتفاخر بصهيونيته جوزيف بايدن مرة ثانية في أروقة المؤسسة التشريعية الاميركية عبر اجراء تسليح عسكري للأكراد والسُنة في العراق تحت ذريعة مواجهة تنظيم داعش الارهابي . وليس جديداً القول أن في أميركا قوى كثيرة في صفوف الساسة والإعلاميين والباحثين في مراكز الأبحاث يتبنون منذ زمن بعيد مشروع تمزيق العراق الصهيوني. فمشروع القرار الاخير حول التسليح هو تدخل استعماري سافر من قبل اللوبي الصهيوني الذي يتحكم بالقرار الأميركي في أمر لا شأن له به ، متجاوزا السيادة العراقية ، ناسفا لدور الحكومة الاتحادية التي تضم كافة المكونات المذهبية والعرقية والدينية ، فالقرار في النهاية ليس له أية قيمة قانونية ، فمجلس النواب الاميركي ليست له أية صفة تتيح له أن يوصي بكيفية التعامل مع هذا البلد او ذاك ولا في آليات ذلك التعامل ، ولكن ومع كل هذا فمن الخطأ الفادح التقليل من شأن هذا المشروع ومن تأثيراته و تبعاته فيما لو تم أقراره . البعض ينظر إلى مشروع القرار بقدر من الاستخفاف على اعتبار أنه قرار غير ملزم، فهومجرد تسجيل لموقف، ولا تترتب عليه أية إجراءات ملزمة للإدارة الأمريكية، وعزز من وجهة النظر هذه التي تقلل من شأن القرار أن السفيرالأمريكي في بغداد ستيف جوبز أعلن في مؤتمر صحفي رسمياً أن ادارته مع وجود عراق موحد ، وعدم ابرام اية صفقة أو تعامل إلا من خلال الحكومة المركزية في بغداد. لكن الحقيقة من وجهة نظري المتواضعة أن هذا تطور في منتهى الخطورة ولا يجوز أبداً النظر إليه باستخفاف، وأسباب ذلك كثيرة جداً، لنلاحظ بداية، أن هذا القرار لم يخترع شيئاً جديداً خارج سياق السياسة الرسمية الأميركية في العراق، وما فعلته من أخطاء كارثية منذ الاحتلال ولا زالت. مشروع القرار في جوهره وفي مضمونه هو مجرد ترجمة للنوايا السيئة التي يضمرها اللوبي الصهيوني ازاء العراق وشعبه . أليست أميركا هي التي أرست أسس التقسيم من خلال المحاصصة الطائفية التي أدخلتها ؟
أليست أميركا هي التي أثارت وفجرت الصراعات والفتن الطائفية في العراق ؟ إن هذا المشروع ما هو إلا إفصاح بصوت رسمي عال ووقح عن جوهر ما يفكر فيه اللوبي الصهيوأميركي وما يخطط له في العراق. ليس مهما هنا أية تبريرات يقدمها دعاة هذا المشروع ، فهم لا يعنيهم أمر العراق ولا مصلحة الشعب العراقي في شيء، كل ما يعنيهم هو سلة المصالح الاستراتيجية التي تصب في جعبة اللوبي الصهيوأميركي . وعلى الرغم كما هو معروف من أن هناك قوى ذات نزعة طائفية وانفصالية في العراق تؤيد التقسيم كما تم الافصاح عنه مؤخرا في وسائل الاعلام حول نية البارزاني الحديث وبشكل معلن مع الرئيس اوباما في زيارته الحالية لواشنطن حول أستقلال كردستان ، إلا ان الأمر الايجابي جداً أنه وبعد الاعلان عن مشروع القرار ، أعلنت قوى سياسية عديدة في العراق رفضها وإدانتها له وتمسكها بوحدة العراق من خلال احترام حكومة بغداد وعدم السماح بتمرير اي مشروع دون الرجوع اليها باستثناء بعض الاصوات النشاز التي تحركها مصالح واجندات مشبوهة ، وهو في حد ذاته يشكل عامل ردع لهؤلاء الساسة الأمريكيين الساعين إلى نسف سيادة العراق وأحياء مشروع التقسيم. ان القوى السياسية مطالبة هذا اليوم بالاعلان الصريح والصادق بأن وحدة العراق هي خط أحمر غير قابل للتجاوز، وأن هذه الدعوات والمشاريع المقيتة يمكن أن تهدد العلاقات العراقية الأميركية في خضم احداث ساخنة ومتسارعة تعصف بالشرق الاوسط ، فضلا عن توقيع اتفاق شرف يلزم كل القوى السياسية العراقية بعدم العبث بوحدة العراق و تجريم أية دعوة لتقسيم العراق واعتبارها خرقاً لهذا الاتفاق ، وأن تقود تلك الكتل تحركاً عملياً مباشراً على كل الجبهات للتصدي لخطر مثل هذه المشاريع قبل فوات الأوان.