18 ديسمبر، 2024 8:17 م

علينا تكثيف حملات العلاقات العامة لتحذير دول العالم من تسلل طهران في موسم الحج وشبكات التجسس والميليشيات الطائفية الإيرانية، وقضية احتلال الجزر الإماراتية الثلاث.

في أعقاب لقاء نظيره المصري سامح شكري، دحض وزير الخارجية السعودي عادل الجبير التكهنات التي ضجّت عن تردي العلاقات بين الرياض والقاهرة، قائلا إنها “شكوك لا أساس لها من الصحة”. هذه رسالة واضحة لمَصْدَرين عدوين جل همهما الإيقاع بمصر والسعودية، أقصد الإخوان وإيران.

النظام الإيراني قام على سياسة عدوانية اتسمت بالتدخل في الشؤون الداخلية في دول المنطقة وفي أمن دول الخليج بصفة خاصة. الأدلة واضحة للعيان، يقول محمد علي جعفري القائد العام لقوات الحرس الثوري الإيراني- حسب ما أوردته وكالة مهر الإيرانية- إن هذا الحرس جهز أكثر من 200 ألف شاب بالسلاح في اليمن والعراق وسوريا وأفغانستان وباكستان.

في تلك الأثناء، وفي ظل الحرب الكلامية التي يشنّها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على إيران، وتصعيد لهجته ضدها، وأمره بمراجعة الاتفاق النووي معها، تحاول روسيا الحليف الأقوى لطهران، الدخول على خط طمأنة أميركا والشرق الأوسط من التسلل الإيراني عبر البوابة الإسرائيلية. يا لها من مصادفة عجيبة.

للأسف لم ننجح في إقناع روسيا والعالم أن هدف إيران توسعي مدعوم بخطط مدروسة لبث الفرقة المذهبية ونشر الإرهاب ولاستهداف دول المنطقة.

ما هي مصلحة موسكو من الدخول على خط الوساطة؟ الكرملين يفكر بمصالح النفوذ الجيوسياسية. “الحبكة” معروفة، وهي أنه في حال اختلاف المصالح الإسرائيلية الإيرانية، يصبح من الضروري تدخل طرف ثالث. بالمقابل روسيا أيضا بحاجة لوساطة تل أبيب لتحسين علاقتها مع البيت الأبيض. يبدو أن الإرهاب الإيراني لم يعد من الاهتمامات الأولية للولايات المتحدة في الوقت الحالي.

علينا تكثيف حملات العلاقات العامة لتحذير دول العالم من تسلل طهران في موسم الحج وشبكات التجسس والميليشيات الطائفية الإيرانية وقضية احتلال الجزر الإماراتية الثلاث.

علينا كشف ألاعيب طهران وتصاعد التدخلات الإيرانية في الشأن الداخلي في مملكة البحرين، ومحاولات بثّ الفتنة الطائفية بين مواطنيها والإضرار بأمنها واستقرارها.

ماذا عن الداخل الإيراني؟ الجمعة القادم سيشهد نقل المناظرات التلفزيونية للانتخابات الرئاسية الإيرانية لتعود بذلك عن قرار سابق انتقده المرشحون والناخبون.

يمثل ثلاثة مرشحين ما يقال إنه الجناح الإصلاحي والمعتدل وهم حسن روحاني ونائبه إسحق جهانغيري والوزير السابق مصطفى هاشمي طبا، في حين يمثل الجناح المحافظ رجل الدين إبراهيم رئيسي، ورئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف، ومصطفى ميرسليم رئيس أقدم حزب إيراني محافظ.

أين الصين من كل هذا؟ بكين كالعادة تعمل بصمت، فقد وقّعت الصين وإيران في فيينا الأحد الماضي أول عقد تجاري لإعادة تصميم مفاعل “آراك” لإنتاج المياه الثقيلة، الذي يُعدّ خطوة هامة في الاستجابة للاتفاق بين طهران والسداسية الدولية. هكذا وبكل هدوء، وبعد أقل من أسبوعين من لقائه بالرئيس الأميركي، تظل العلاقات الإستراتيجية والتجارية بالنسبة للتنين الصيني أهم من (أو قد توازي) مصالحها مع النسر الأميركي.

لن يحرك ترامب ساكناُ، فهناك معلومات شبه مؤكدة أن طهران مستمرة في اتصالاتها مع تل أبيب، عن طريق الروس وأطراف أخرى لها مصلحة من هذا التقارب. بمعنى آخر الكل سيحصل على نصيبه من الكعكة.
نقلا عن العرب