20 ديسمبر، 2024 8:49 ص

التسقيط السياسي

التسقيط السياسي

-1-
لا قيمةَ للعمل السياسي اذا كان بعيداً عن القيم الأخلاقية ، وآفاقها الانسانية …

فهدف الساسة الوطنيين المخلصين ،هو النهوض بالبلاد وخدمة العباد، ومقارعة أعداء الشعب والوطن والحفاظ على السيادة الوطنية والاستقلال وضمان الكرامة وتوفير السلامة لكل المواطنين ، وهذه الأهداف الطاهرة لا يجوز ان تلوّث بممارسة قذرة وسلوك مشين .

-2-

ونستطيع أنْ نتبيّن الجانب الاخلاقي عند هذه الجهة السياسية او تلك ، وعند هذا السياسي او ذلك، من خلال التمسك والالتزام بأهداب الاخلاق وما تقتضيه من طهر ونظافة واستقامة .

وأولُ علامات التردي الاخلاقي تبدأ بالنظر الى المنافسين وكأنهّم أعداء ألداء لابُدَّ ان تتم ازاحتهم والتخلص منهم .

إنّ هذا الشعور يدلنا على ان هناك سعيا لاقتناص المكاسب والامتيازات الشخصية والفئوية، والاّ فان المنافسين هم الشركاء الحقيقيون الذين يجب التواصل معهم لتحقيق الأهداف المشتركة لا التآمر عليهم ومحاربتهم والنيل منهم بشتى الوسائل والحيل …

-3-

وهنا تبرز قضية “التسقيط السياسي” والتي يبرع بنسج خيوطها المفلسون أخلاقيا ، للتخلص ممن يعتبرونه عقبة أمام تقدمهم واستحواذهم على معاقد الأمور ..!!

-4-

وأبرز من عَمِل في الساحة العراقية على تسقيط رجال العراق والكيد لهم، هم (العفالقة) الذين اقترفوا من الجرائم والعظائم ما جعلهم لعنةً على شفاه الأحرار آناء الليل وأطراف النهار …

-5-

بعض الأمثلة

حين كُلّف (ناجي طالب) من قبل عبد الرحمن عارف بعد نكسة حزيران 1967 – بتشكيل الوزارة عرض على البعثيين الاشتراك بالوزارة والحصول على حقيبتين غير انهم طالبوا بثلاث حقائب .

ثم ذهب احمد حسن البكر وحردان التكريتي الى رئيس الجمهورية وقالا له :

انهما مستعدان للاشتراك في الوزارة اذا عُهد برئاسة الوزارة الى واحدٍ من اربع شخصيات :

محمود شيت خطّاب

رشيد مصلح

ابراهيم فيصل الانصاري

عبد الوهاب الامين

غير أنَّ العفالقة وبعد ان وصلوا الى السلطة في 17-30 تموز /1968 اتهموا رشيد مصلح بالتجسس ..!!

والسؤال الان :

اذا كان (رشيد مصلح) جاسوساً فكيف تَمَّ ترشيحُه من قبلكم لرئاسة الوزراء ؟

اليس هذا هو العهر السياسي بعينه ؟!

يقول الدكتور (وائل رشيد مصلح) عن آخر زيارة قامت بها عائلتُه قبل تنفيذ حكم الاعدام بأبيه .

( أَخْرَجَ مصحفاً وأقسم به أمامنا ، وقال :

” أشهد أمامكم أنه لاصحة أبداً لشيء اسمه قضية تجسس”

أما الاعتراف المنتزع منه فقد أُخِذ منه بعد ان عُذّب ووصل الى حالة شبيهة بالجنون …

راجع كتاب بعث العراق في ظل قادته من الكرد المستعمرين

ص 73 – 83 للاستاذ طالب الحسن

-6-

كما أعدم ” مدحت الحاج سري ” بتمهة التجسس أيضا، وكان (العفالقة) قد جعلوا إعدامه ورفاقه من أهم الذرائع لاسقاد حكم الزعيم عبد الكريم قاسم .

-7-

والغريب أنّ (العراق الجديد) لم يعد خالياً ممن يسير على نهج العفالقة في التسقيط السياسي ، رغم الفوارق الايدلوجية الكبيرة بين الفريقين ..!

ومن مصاديق ذلك العهر السياسي :

شن الحملات الظالمة لتسقيط بعض الرموز الوطنية لاهتماماتهم بعقد “المؤتمرات” المهمة ، وتوجيه الانتقادات الحادة اليهم لانفاقاتهم الفلكية على تلك المؤتمرات ..!!

وما ازدانت به من تنظيم باهر …

ان السائرين على نهج العفالقة يختلقون الاكاذيب ، ويجترحون الاعاجيب، بدلاً من الاشادة بالجهود الخيّرة التي بُذلت لابراز الوجه الناصع للعراق – مهد الحضارات ومركز الاشعاع الورحي والعلمي -والتقريب بين اتباع الاديان والمذاهب عبر الانطلاق من القواسم المشتركة ..

انهم يعيبون على بعض الرموز اللامعة النجاح، لانهم غارقون في بحار الفشل …!!

لقد تَمَّ استيجار العديد من الأقلام والمواقع الاركترونية مِنْ قِبَلِ طَرَفٍ معلوم، وتمّ توظيفها في ميدان بث السموم والاشاعات، لتسقيط المنافسين بعيداً عن حسابات العقل والدين …

ولكنّ الزَبَد يذهب جُفاءً ولن يحيق المكر السيء الاّ بأهله .

وقديما قال الشاعر :

اذا لم يكن عَوْنٌ من الله للفتى

فأولُ ما يجني عليه اجتهادُهُ

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات