23 ديسمبر، 2024 1:37 م

التريث في تحقيق الذات.. الدولة طيارة

التريث في تحقيق الذات.. الدولة طيارة

نشأت الكراجات الكيفية بسبب حاجة الناس واهمال الحكومة، تضافر العاملان على ان يلجأ الناس الى تيسير شؤون حياتهم اعتمادا على انفسهم.. يحلون مشكلتهم بايديهم طالما لا تعنى الجهات المسؤولة بأداء واجباتها في رعاية شؤون القطاعات المسؤولة منها، اي ان حجب الحكومة للخدمات عن الناس الجأهم الى حلول كيفية تناسب ضرورات حياتهم.
لكن لا شيء في العراق يسير كما ينبغي، لأن نهازي الفرص.. القفاصة والحواسم، يتربصون بمفاصل الحياة، حيثما سنحت فرصة قفزوا عليها.
ففكرة المرائب النظامية التي تنشئها امانة بغداد ويتعهدها مقاولون بالتعاقد مع الامانة لم تجد نفعا بسبب محدودية الطاقة الاستيعابة لتلك الكراجات التي تضيق عن احتواء الزخم المتدفق من السيارات نحو الكراجات سواء في المناطق المكتظة او حتى غير المكتظة.. يعني ليس فقط مناطق الاسواق لا يجد مرتادوها مكانا لايقاف سياراتهم، بل حتى المناطق المفتوحة وسواها؛ فلا احد يجرؤ على ترك سيارته على الرصيف؛ ومغادرتها؛ لانه هو.. حتى هو سيتوهمها مفخخة، ويسهم بقطع الشارع من حولها واخلاء العمارة المحاذية من سكانها، ريثما يتذكر انها سيارته، وقد انساه الرعب الذي عاشه مع صيحة (مفخخة.. مفخخة) انها سيارته، وفي رواية اخرى، لم ينس انها سيارته لكنه تأخر في (المول) وظن ان الارهابيين فخخوها في هذه الاثناء.
هذا ما لهجت به الالسن عندما تنفس الناس الصعداء وانتبهت بنات العمارة الى انهن نزلن بثياب بيت لا تليق رؤيتهن بهذه الثياب فاسرعن بالتواري يقرن في الشقق ثانية وبقي رجال المحلات وبعض العوائل يلتمسون العذر لصاحب السيارة الذي ساقته الشرطة الى المركز بتهمة تعمد اثارة الذعر بين الناس وهو يردد انا استاذ في الجامعة والاساتذة مستهدفون كما يعلم الجميع.
فكرة الكراجات الاهلية التي يتم التوافق بشأنها بين الاهالي نجحت في البداية بعلم الامانة.. امانة بغداد ومن دون علمها، الى ان قفز عليها المجرمون وراحوا يفتحون كراجات ويتقاضون اجورا هي في حقيقتها تسليب.. أتاوات.. بالقوة وليس اجورا بالتراضي اذ يلزمون حتى اهل المنطقة بدفع اجور عن سياراتهم التي يوقفونها في ابوابهم.
بل احد السفلة تقاضى اجور مبيت سيارة من اهل الدار التي تقابلهم لانه يريد الذهاب، قالا: وعندما يجيء صاحب السيارة خذوا منه الاجرة التي دفعتموها لي.
اخذها بمنطق جائر لم يشأ رب العائلة وضع اسرته في مخالب الثأر مع هذا الوحش الآدمي الذي لا يجد من يوقفه عند حده؛ فآثر درء الخطر عن عائلته بثلاثة آلاف دينار شجعت هذا المجرم وسواه على التمادي في فوضى تنسخ وجود الدولة وتمسخ سلطتها وتضعف هيبة الحكومة.
صار الفتوات والشقاوات يفترضون ملكيتهم للارصفة ينشئون كراجات شخصية يؤجرونها بالاكراه للناس ولا القوات المسلحة القريبة عادة منهم ولا امانة بغداد تسائلهم عما يثبت مشروعية استحواذهم على الرصيف، اما خوفا او تواطؤا، او كلاهما معا.. من الخوف على الترغيب، ترهيبا للناس الذين يدفعون.. لا حول ولا قوة لهم.
الا ان الامر لم يقف عند كل ذلك، انما صاروا يتصيدون السمينة يسرقونها، فيعود مواطن ليجد الكراج فارغا والمتعهد الوهمي (فالت) وسيارته مسروقة.. الامانة لا علم لها بالامر والشرطة كذلك و… زرزور كفل عصفور… والدولة طيارة.