قرأنا خلال اليومين الماضيين مضمونَ قرارٍ إتخذه القائد العام للقوات المسلحة السيد عبد المهدي بسحب قوات جهاز مكافحة الإرهاب من كركوك وإستبدالها بأحدى الألوية الرئاسية ” قوات البيشمركة التابعة لرئاسة الجمهورية ” , وتسابقت وسائلُ إعلامٍ والسوشيال ميديا على نشر الخبر كما صدر .! والواقع فقد صُدِمتْ شرائحٌ وقطاعاتٌ كبيرة من الرأي العام بذلك , وكان وقع القرار على الجمهور وكأنه يوحي ” نفسياً ” على الأقل كأنّ صفقةً افتراضيةً ما قد جرت بين رئيس الوزراء وبعض القيادات الكردية على إعادة تسليم كركوك وسيادتها الوطنية الى السيطرة الكردية لقوات البيشمركة , والواقع ايضاً فمن حقّ الجمهور فهم هذا القرار بهذه الطريقة دون سواها , وقد ترك ذلك آثاراً نفسيةً شديدة المرارة لدى الرأي العام العراقي , إنّما بعد مرور نحوِ 6 ساعاتٍ على نشر وانتشار الخبر , إنتبهت قيادة جهاز مكافحة الأرهاب على ما جاء في مضمون قرار القائد العام , فسارعت قيادة الجهاز الى نفي الخبر واوضحت أنّ سحب بعض قطعاتها من كركوك جاء بعد الإطمئنان على استتاب الأمن والأستقرار في المحافظة , وعدم الحاجة لإبقاء قوات مكافحة الأرهاب ” المخصصة للعمليات القتالية الصعبة ” , وأكدت قيادة الجهاز ايضاً عدم ارسال او إدخال اية وحدات من الألوية الرئاسية هناك , بل جرى ارسال قطعاتٍ تقليديةٍ من الجيش العراقي , وهنا تنفّس الجمهور الصعداء .
المسألة هنا لا تقتصر على الخطأ والخلل في نشر الخبر الأول ومن الجهة التي اصدرت ونشرت قرار رئيس الوزراء < كيف ولماذا وماذا وراء ذلك .! > , المسألةُ ” ستراتيجياً ” وبما يثير عناصر الدهشةِ والإستغراب , هو عن السبب والمبرّر الذي يدعو الى نشر تحرّكاتٍ عسكرية لبعض الفرق او الألوية في وسائل الإعلام .!؟ وما ضرورة ومقتضيات ذلك .! , واليس ذلك في تضادٍّ من مفهوم الأمن العسكري والأستخباري .!
كان من الأجدر ” وهذا ما مؤمّل ” أن يصدر القائد العام للقوات المسلحة تعليماتٍ صارمة الى وزارتي الدفاع والداخلية والأجهزة ذات العلاقة الأخرى بعدم نشر أيّ خبرٍ ” مهما كان صغيراً ” في وسائل الأعلام ووسائل التواصل الأجتماعي بالأضافة الى التشديد على السرّية والكتمان في الشؤون العسكرية وحركة القطعات , بل وحتى استيراد وعقد صفقات استيراد الأسلحة .. فهل السادة – القادة جديدون في السلطة والحكم .! وماذا تعلّموا خلال الخمسة عشر عاماً .!