23 ديسمبر، 2024 4:57 ص

التركمان ودورهم المحوري في الانتصار على داعش

التركمان ودورهم المحوري في الانتصار على داعش

في التاسع من كانون الاول لعام ٢٠١٧ أعلن رئيس الوزراء العراقي السابق الدكتور حيدر العبادي النصر المؤزر للقوات العراقية على تنظيم داعش الإرهابي الذي اجتاح في ١٠ حزيران لعام  ٢٠١٤ ثلث الأراضي العراقية ليعلن على لسان زعيمه البغدادي من ارض الموصل قيام ما أسماه ( الخلافة الاسلامية ) ليزج العراق الى مرحلة دموية تعيد الى الاذهان غزو هولاكو لبغداد .

 

كانت اولى هجمات داعش على مدينة تلعفر التركمانية والتي تضم حوالي 400,000 الف نسمة كلهم من التركمان هذه المدينة التي ذاقت الكثير من الويلات على يد تنظيم القاعدة و الجماعات المسلحة في سنواتها السابقة لتعيش سيناريو الرعب من جديد..! بعد ان سادها الاستقرار النسبي في السنوات الأخيرة، ليجدوا انفسهم على متن الشاحنات وظهور الدواب يفرون من هذه الثلة المتوحشة المتعطشة للدماء الزكية  والتي لا تستثني من بطشها إمرأة ضعيفة وعجوزا مريضا وطفلا بريئا ورجلا أعزلا باحثين عن ملاذ آمن في كركوك والمحافظات الجنوبية والشمالية بل وحتى في الدولة الجارة تركيا, دون ان يحملوا معهم شيئآ من المتاع والمال غير بعض المستلزمات الضرورية التي قدروا على حملها وسط الغوغاء الذي اجتاح المدينة وما صحبه من إشتباكات واعلان داعش عن طريق مكبرات الصوت في الجوامع فرض سيطرته على مدينة الموصل بعد الانسحاب المريب للقوات الامنية والتي بلغ تعدادها من 40 – 50 الف بمختلف اصنافها، ولم يحالف الحض بعض الاهالي للهروب فوقعوا اسرى ورهائن بيد التنظيم وتكررت محاولات الهروب غير ان التنظيم كان لهم بالمرصاد ليعدم في يوم 4 تموز لعام 2017 200 مواطنا اعزلا بدم بارد.

 

وإذ يمر علينا اليوم ذكرى النصر على هذا التنظيم البربري الغاشم ينبغي ان لا ننسى المعاناة التي عاشها التركمان والتضحيات التي قدموها وقد لحق بالتركمان ضرر هذا التنظيم وأذاه ما لم يلحق بأي مكون آخر   “نسبة الى كثافتهم السكانية” وموقعهم الجغرافي الذي شهد أعنف المعارك وأشدها ، وقد كان التركمان أول من لبوا نداء الوطن والمرجعية فأصطف 9000 الاف من أبنائها الأخيار في صفوف القوات العسكرية من الشرطة الاتحادية و المحلية والحشد الشعبي (الحشد التركماني) مستبسلين في اشرس المعارك التي شهدتها جرف الصخر و تكريت و آمرلي و طوز خورماتو و تلعفر ، تازة خورماتو والبشير.

 

وهل يخفى على ذي لب وصاحب بصيرة  الصمود الذي أبداه مدينة آمرلي أمام الهجمات المتكررة وسط الحصار الذي فرضه داعش على المدينة لمدة 86 يوما بعد أن احتلت 36 من النواحي والقرى وشرد أهلها  في قضاء طوز خورماتو وبعد حصار دام لثلاثة أشهر لهذه المدينة التركمانية الصامدة تقهقر هذا التنظيم الى الوراء امام المقاومة التي أبداها اهالي امرلي ليكون يوم ١ أيلول لعام  ٢٠١٤ يوم النصر الاول لامرلـي وللتركمان وللعراق على تنظيم داعش الارهابي .

وهل ننسى يوم ١٧ حزيران من عام  ٢٠١٤ عندما احتلت داعش قرية بشير التركمانية مرتكبا مجزرة جديدة بحق ١٥ من المواطنين العزل رمياً بالرصاص غالبيتهم من النساء في يوم واحد دون أن يرقب فيهم إلآ ولا ذمة، وقد قاسمت تـازة خورماتو توأمتها آمرلي في الصمود والمقاومة بعد ان ردت هجمات داعش الارهابي لأكثر من مرة بأسلحتهم الخفيفة التي قاموا بشرائها عن طريق جمع التبرعات من الاهالي ولم تكتفي ابناء تازة بالدفاع عن مدينتهم فقط وانما انتقلوا الى مرحلة الهجوم على سواتر داعش وعملوا فيهم قتلا وتنكيلا وحاولوا غير مرة استرجاع قرية بشير لكن تلكم المحاولات لم تكلل بالنجاح لقلة الاسلحة والاليات وغياب الدعم الحكومي لهم، وبعد عجز التنظيم الارهابي من اقتحام مدينة تازة خورماتو لجأ في ١٠ آذار من عام  ٢٠١٦ الى اطلاق 55 صاروخا تحمل رؤوسا كيمياوية والمحرمة دوليا والتي ادت الى وفاة طفلتين واصابة 500 من المدنيين اكثرهم من الشيوخ والنساء وكل ذلك لم يركع ولم يضعضع قوة وارادة اهالي هذه المدينة التركمانية .

 

ولرفع معنويات عناصره المنهارة شن تنظيم داعش الارهابي هجوما في فجر يوم ٢١ تشرين الاول من عام  ٢٠١٦ الى مدينة كركوك متمركزا في الاحياء التركمانية مسببا الذعر والخوف بين الاهالي مخلفا عشرات الشهداء من المدنيين والمنتسبين الأمنيين. وفي اليوم نفسه قصف طيران القوات العراقية ” تكية ايلخانلى ” الواقعة في قضاء داقوق مما ادى الى اصابة واستشهاد العشرات من النساء والاطفال في داخلها وبقيت اسباب القصف ودوافعه مجهولة الى يومنا هذا !  

 

وهل بالامكان ان ننسى مئات الالاف من العوائل التي هجرت ومئات المفقودين من النساء والاطفال وعشرات القصبات والقرى في موصل وصلاح الدين وكركوك والتي باتت مهدومة منكوبة لايستطيع سكانها العودة اليها.

 

وإذا ما أمعنا النظر نجد ان تنظيم داعش الارهابي لم يأخذ كثافتنا السكانية بالحسبان وإنما كوننا أكثر المكونات وطنية وتمسكا بوحدة العراق، ولأننا نقطن الشريط الجيوسياسي الاستراتيجي الذي به ومن خلاله حافظنا على وحدة العراق وكنا صمام امانه ضد التمزيق والتقسيم، ومن المؤسف أن نجد ان حكومتنا الموقرة تجاهلت تضحيات التركمان وتفانيهم من اجل الحفاظ على وحدة العراق وتكرم وتقدم من دعى للانفصال واهبا لهم الوزارات والمناصب السيادية في الحكومة مبعدا الوطنيين التركمان ناكرا ومتناسيا مواقفهم الوطنية ومن ذا الذي يجهل المعارضة التي أبداها النواب التركمان السابقين  للاستفتاء الانفصالي وقبله رفع علم الاقليم في ابنية ودوائر الدولة في مخالفة صريحة للدستور العراقي وعلى اثر تحركاتهم اصدرت رئاسة حكومة الاقليم لائحة تحمل اسماء بعض النواب والقادة تقضي باعتقالهم وكانت في مقدمتها نائبين تركمانيين، ومن غير الممكن ان نصدق اليوم ان النائبيين لم يتم انتخابهما للدورة الجديدة لمجلس النواب مع قاعدتهم الشعبية الواسعة كانت صدفة محضة واننا على يقين تام بان بعض القوى حملهم ضريبة افشالهما تقسيم العراق.

 

رغم ان الحكومات المتعاقبة في العراق لم تنصف المكون التركماني بشكل عادل ولم تراعي تمثيلهم النسبي محاولة تهميشهم وطمس حقوقهم واستبعادهم ولكن بقوا التركمان وسوف يبقون على نهجهم الوطني القويم كما كانوا من ذي قبل ولن يرضوا ابدا ان يسجل في تاريخهم الناصع بالوطنية أي عملية عدوانية ضد دولتهم وربوا اجيالهم على حب هذا الوطن ووحدة ترابه وخدمته بمختلف المجالات آملين ان ياتي جيل يستذكر المواقف البطولية والوطنية لتركمان العراق .