يشكل التركمان السوريون شريحة واسعة من النسيج السوري، ويُعدّون من أكبر القوميات الموجودة في سورية بعد العرب، وعلى الرغم من غياب إحصاءات دقيقة يُمكن الركون إليها لعدد التركمان في سورية، إلا أن مصادر عدة التاريخية والجغرافية تُفيد بأن عددهم يفوق عدد الأكراد، ما يجعلهم القومية الثانية في سورية، والتي عُرفت بتنوعّها الطائفي والقومي والإثني.
ولما كانت سوريا نسيجا متناغما من القوميات والطوائف والديان، تعمدت الحكومات السورية السابقة واللاحقة ومن ثم في فترة الثورة السورية ثورة الشعب السوري بكافة اطيافهم قدم التركمان تضحيات جسيمة على كافة الاصعدة وقدموا الشهداء وكانوا البعض منهم ايقونة الثورة السورية المباركة امثال عبد القادر صالح وغيره كثر مع ذلك تعمد ويتعمد بعض جهات التي تمثل الثورة بعدم ذكر هذه الحقيقة واعتبار التركمان بين الاقليات إذا لزم أمر فقط.
أن تركمان سورية موزّعون على ثلاث فئات: الأولى التي يقدّر عددها بمليون شخص، يتكلمون اللغة التركمانية او التركية لانه لافرق بينهم سوى باللهجة، ويتوزعون في حلب وفي الريف الشمالي لمدينة حلب ومدينة اللاذقية وريفها في باير بوجاق ومدينة دمشق والجولان وكذلك مدينة الرقة وتل الابيض . أما الفئة الثانية فيعترفون ويعتزون بانتمائهم العرقي وبأنهم تركمان، ولكن مع الاسف قسم منهم فقدوا لغتهم الام التركمانية واغلبهم في المدن حمص وحماه وادلب، بينما ذابت الفئة الثالثة في المحيط العربي،في المدن والبلدات السورية وخاصة في حلب وحمص ودمشق لكنها بقيت معروفة بتحدّرها من الأصول التركمانية.
والتركمان السوريون مخلصون لوطنهم سوريا وقد اعتبروا هذه الاراضي وطنا خالصا لهم منذ ألف عام. ويعلم السوريون وحت العراقيون عامة والتركمان خاصة وبعد انهيار اللامبراطورية العثمانية أن معاهدة لوزان التي ابرمت عام 1923 قد نصت في مادتها الحادية والثلاثين على حق األشخاص الذين تزيد أعمارهم على ثمانية عشر عاما والذين يفقدون جنسيتهم التركية ويحصلون على جنسية جديدة سورية او عراقية بموجب المادة الثلاثين وفي غضون عامين من بدء نفاذ المعاهدة أن يختاروا الجنسية التركية ولكن التركمان في سوريا اختاروا جنسية الوطن السوري وتركمان العراق اختاروا جنسية الوطن العراقي في تلك الفترة لانهم ابناء تلك الاوطان عاشوا وترعروا فيها.
ويشهد التاريخ الماضي و المعاصر بوقوف التركمان ضد الأنظمة الديكتاتورية والقمعية في وطنهم السوري منذ الانتداب الفرنسي لسوريا، ولذلك فقد عانى التركمان السوريون الأمرين من تسلط حكومات المتعاقبة منذ تلك الحقبة من محاولات الحكام المتسلطين الرامية إلى تهميش الدور التركماني السوري في القرار السياسي للدولة السورية .
وعلينا ان نعلم الشباب ان الروح والغيرة الوطنية يؤدي للشعور بالحب تجاه الاخرين وتبحث العذر لما يحصل وتكون متسامحة ,وعندما يتحلى الانسان المحب لوطنة ومجتمعه بهذه الروح فانه يحب اهله وقومه وكل فرد فيه ,مما يعزز في نفسه احاسيس التضحية والفداء من اجل الوطن ويزيد من عزيمتة في العمل البناء. ان الدفاع عن القضية التركمانية السورية يجب ان يودع الى الشباب المكافح الثوري بشرط تثقيف انفسهم بأعلى درجات الجد، نريد من الشباب التركماني السوري العيش والعمل من اجل الوطن السوري ومن اجل قضيتهم التركمانية بالقلم وبالحديث وبالاعلام وبالقيادة.
نحن حاجة الى براغماتية اخلاقية والعثمانية الجديدة وليلة القبض على الانقلاب ,ولكن ياترى هل سنتجاوز ثقافة القرون الوسطى قريبا والطيور المهاجرة في الازمة السورية وفرص الحل السياسي على دكتاتور العصر الحديث المجرم بشار الاسد القابع في عاصمة الامويين في دمشق لانهاء ماسي السوريين منذ عشرة سنوات .
ويجب علينا ان نعي بان التسامح بين كافة اطياف المجتمع السوري يجب ان يحل هذا التسامح والالفة محل الشدة بين فسيفساء المكونات المجتمع السوري ، وان يحل الاقناع وسماع الراي والراي الاخر محل فرض الامر وعدم سماع جميع الاطراف للوصول الى الحلول وبعكس ذلك فان القضية التي يراد خدمتها سيصيبها الضرر الاكبر وتنكأ الجروح في ضمير المجتمع لسنوات طويلة .
طبعا كان من المفترض ان يكون عام 2011 شعلة امل لكل الاحرار في الوطن السوري ولكنه انقلب الى كابوس مرعب فانتحل قسم من المظلومين دور الظالم وبقي التركمان وحدهم في صف المظلومين وبقي النضال التركماني مستمرا ,فتم ارتكاب مجازر عدة بحقهم من قبل النظام المجرم في اكثر من مكان , بسبب موقفهم من الثورة ومشاركتهم فيها ، تحديداً في حي بابا عمرو الحمصي، وفي قرية الزارة، التي تمّ تهجير ما تبقّى من سكانها بعد قتل عدد كبير منهم والمجزرة مروّعة في قرية تسنيم، بالقرب من الحولة . كما وقعت مجازر بحق التركمان في أحياء عدة، في جنوبي دمشق .ويُذكر أن قوات النظام المجرم قامت بتهجير كل التركمان الذين كانوا في قرى جنوب حلب بالقرب من مدينة السفيرة واطرافها بعد قصف والقتل وتدمير قراهم وبلداتهم.
ومع ذلك دفع التركمان الثمن الأكبر في الوطن السوري نتيجة موقفهم من الثورة، وقُتلوا وهُجروا من مناطقهم ومع ذلك استمر الكفاح المسلح والكفاح السلمي في المناطق المحرره للشباب التركماني السوري الحر مع بقية الاطياف المجتمع السوري الحر المحبين لوطنهم ومجتمهم دون تمييز او اقصاء لاحد ، هذا مانراه الان في مناطق المحررة في الشمال الوطن السوري في منطقة درع الفرات ومنطقة غصن الزيتون وغيرها من المناطق.
لقد فقدنا الكثير باضاعة الوقت،مما نتج عن ذلك عدم تحين الفرص الالمعة، ولكن بدلا من ان نندب الحال فانه من الضروري ان نستكشف مواطن الخلل في مؤسسات التي تمثل السوريين الاحرار ونبحث عن الحلول المفيدة بعيدا عن الانانية والاقصاء الاطراف حيث ينبغي التفكير عاجل والفوري بذلك ونحن على ابواب السنة العاشرة لثورة الحرية والكرامة السورية .
ليس للتركمان اية نوايا انفصالية على الإطلاق من وطنهم السوري ، لكنه يطالب بمراعاة خصوصيتهم في “سورية الغد” من جهة العادات والتقاليد والتعليم باللغة التركية بالاضافة لكافة الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية الاخرى حيث لدى التركمان مخاوف لجهة عدم احترامها في سورية التي نحلم بها، سورية التي تؤمن بمبدأ المواطنة والمساواة.
أن ذوبان غالبية التركمان السوريين كمكوّن قومي ضمن محيطهم العربي وتوزعهم على معظم الجغرافيا السورية، واندماجهم ضمن المجتمع الأكبر، كان سبباً رئيسياً في عدم ظهور مشاكل تتعلق بالقومية التركمانية، كالتي ظهرت لدى القومية الكردية.
تركمان سوريا في الماضي والحاضر كانوا ومازالوا ضحايا يدفعون الثمن غاليا في الوطن السوري ,بسبب جذورهم التركية , وثورة الحرية والكرامة السورية على ابواب عامها العاشر .