23 ديسمبر، 2024 5:02 ص

الترشيق الوزاري يزيد عدد الفضائيين

الترشيق الوزاري يزيد عدد الفضائيين

تعودنا على مسؤولينا يطلقون الحكاية والقضية ولا يتابعونها ، بل ينسونها ، وكأنها مسألة للاستهلاك والالهاء ، بل هي حقاً بالنتيجة اصبحت كذلك ، كل القنابل التي فجروها صوتية سرعان ما تلاشت ولم نعد نسمع حتى صدى لها ، ومن هذه القضايا مسألة الفضائيين الذين يحتمل ان اعدادهم زادت بإصرار من الحكومة ذاتها عندما رشقت وزاراتها من دون ان تحسب حساب هذا الكم الهائل من الموظفين وكيفية الاستفادة منه ، والى اين تذهب بالفائض منه ، الذي ربما سيكون فضائياً حيث تعجز الدوائر عن تشغيله واستيعابه بعد الدمج .

البلاد تشهد موجات من الغضب العارم على الفساد بأشكاله وانواعه ، المنظور وغير المنظور ، ولكن هذه الظاهرة تتغول يوماً بعد يوم والحكومة لاحول ولا قوة ان لم تسهم فيها .

من انواع الفساد الاداري المنتشرة في معظم دوائر الدولة والاجهزة هي مجاميع من العاملين الذين تتواجد اسماؤهم في قوائم الرواتب ولكن لا وجود لهم على ارض الواقع ، والذين يسمون فضائيين . وينتشر هؤلاء بالدرجة الرئيسة في الوحدات الامنية من جيش وشرطة وبين حمايات كبار الشخصيات ، وفي الوزارات التي دمجت معها وزارات اخرى كوزارة الثقافة

ووزارة الصناعة ، ويقدر عدد هؤلاء بعشرات الالاف يتسلمون رواتبهم نهاية كل شهر او يتقاسمونه مع المسؤولين عنهم او يتشارك فيه حفنة من النافذين في الدوائر التي تشهد هذه الظاهرة، طبعاً لا يؤدون عملاً ، وحين تجابه بعض المسؤولين في الدولة بهذه المعضلة يجيب قسم منهم انه لا يوجد عمل يسند الى هؤلاء ، بل لا مكان يجلسون فيه ، فكيف الحال والدمج الان لبعض الوزارات بسبب التقشف تم دون دراسة او تهيئة لمستلزماته ، ونحن نقول هو ضرورة ولكن ليس بهذه الطريقة والاسلوب .

ومن الظواهر الاخرى التي نلمسها ونتـأسى على شيوعها ودلالتها على فساد يتم جهاراً نهاراً وبموافقة مسؤولي الدوائر ، هي العمل بالتناوب لوجود فائض بين العاملين لا مهام له ولا وظيفة ، والامر من ذلك ما تزال التعيينات جارية للأقارب والمحاسيب والمحازبين في هذه الدوائر .. هؤلاء العاملون يوزعون بين ايام الاسبوع ، يحضر كل واحد منهم يوماً او يومين يسجل تواجده ، ومن ثم يفلت على حد قول البعض .

ان هذه البطالة المقنعة منتشرة على نطاق واسع ولكن الحديث عنها قليل لانه ليس هناك من حلول لها ، وكثرة من هؤلاء لديهم اعمال اخرى في القطاع الخاص ينافسون الاخرين لعدم وجود قوانين تنظم العمل في هذا القطاع وتحظر ذلك على العاملين في الدولة .

الى جانب ذلك هناك من يعمل جزئياً يومياً ، اي لساعة او ساعتين في دائرته ومن ثم يتركها ليؤدي اعمالاً اخرى ، بالاتفاق مع بعض الموظفين

في دائرته الذين يغطون على خروجه ودخوله . وهذا وغيره لن يتم مجاناً ، وانما على اساس المبدأ نفعني وانفعك .

الواقع هناك اشكال اخرى من التحايل على الاخلال بالدوام الرسمي والتواطؤ مع الفاسدين ولكن هذه ابرزها والمنتشرة على نطاق واسع .

والاكثر خطورة ان مسؤولي بعض الدوائر يوجهون بذلك علناً ليس للحصول على الرشوة ، وانما ان يعمل هؤلاء المتسربون من الدوام ، والفضائيون في احزابهم يؤدون اعمالاً حزبية لا علاقة لها بالشأن العام وعلى حساب الدولة .

مثل هذا الفساد لم تلتفت اليه الاجراءات الحكومية لغاية الان ، ومعالجته ضرورية لاسيما ان تفتح الابواب لتجديد دماء الادارات بالشباب وتربي على الانضباط وترفع من وتيرة كفاءة الاداء ، وبالتالي زيادة المردود والناتج المادي على مختلف الصعد وتحسن من مكانة الدولة ومؤسساتها ودورها في حياة الناس .

ان محاربة الفساد ومنه الاداري اذا اريد لها ان تكون ناجعة وفعالة لابد من شموليتها وسعتها ، وان لا تقتصر على مجال محدد وتهمل المجالات الاخرى ، فالفساد ينتقل مثل الاواني المستطرقة واغلاق منافذه ومساربه اينما وجدت يحد من ارتكابه ومن ثم يساعد على ضربه والاهم يعطى الانطباع على ان هذه الحملة تختلف عن سابقاتها ، وفيها من الملموسية المقنعة بانها لن تكون موسمية او للتغطية على قضايا اخرى .