تسعى الشعوب الطامحة لبناء نظم ديمقراطية الى اشاعة ثقافة تسهم في بناء هذه النظم … بما يجعل من الشعوب قادرة على اختيار من تراه مناسبا لتبؤ المناصب الخدمية والسياسية في بلدانها.
وتعتبر مجالس المحافظات وادارتها مسؤولية كبيرة في عاتق اعضاء تلك المجالس والناخبين الذين أأتمنوهم لتلك المسؤولية ويبدو ان التجربة الديمقراطية التي خاضها ويخوضها بلدنا وشعبنا لازال ينقصها الكثير لتحقيق ما يصبو اليه الحريصون على البلد وبناءه .
ان المسؤلية الاولى تقع على عاتق الكتل والائتلافات السياسية التي تدفع بمرشحيها لتمثيلها في تلك المجالس ،وان استعراض سريع لمرشحي الكتل وفي مختلف المحافظات نرى ان الغالبية العظمى من المرشحين لا يمتلكون رؤيا واضحة عن طبيعة عملهم ودورهم لاحقآ ،كما ان الكثير منهم لا يمتلك الشهادة والاختصاص والخبره الكافية التي تؤهله لتبؤ مثل هذا المكان الذي يؤتمن به على تلبية حاجات الناس والتشريع والاشراف على المشاريع الخدمية وغيرها ،لذا فان البوابة الاولى التي ينبغي تجاوزها من قبل المرشيحين هي الضوابط والاسس التي تعتمدها الكتل السياسية في اختيار مرشحيها ،وقد لامني احد المرشحين من ائتلاف اخر بعد ان عرف عني كوني حامل لشهادة الدكتوراه في الهندسة واستاذ جامعي واستغرب كيف اقدم على الترشيح الى مجالس المحافظات وعندما سألته عن السبب قال :كيف تقبل على نفسك ان يكون صوتك في المجلس لاحقآ مقابل صوت لخريج اعدادية ! فأجبته بأن كلامك يجب ان يوجه الى خريج الاعدادية وليس لي !فأن مثل هذه المواقع ليس ترفآ الهدف منه كسب منافع شخصية أو فئوية ضيقة بل مسؤولية كبيرة وبوابة لخدمة الناس والوطن وبناءه بناءآ سليمآ يعتمد الاسس العلمية والتخطيط السليم وهذا يتطلب ان من يقدم على هذه المواقع ينبغي ان يكون مؤهلآ لذلك .
اما البوابة الاخرى للمرشحين هي الدعاية الانتخابية وينبغي ان تُعرف هذه الدعاية بمؤهلات المرشح وامكاناته وقدرته على الاسهام بشكل فاعل في نشاطات المجلس المختلفة وان يوضح للناس تلك الامكانات لكي يكون للناخب صورة كاملة للتمييز وقدرة على الاختيار السليم للمرشحين.
الا ان مانلاحظه من اعلانات ملآت شوارع المحافظات لا تشير سوى الى رقم الائتلاف ورقم المرشح واسمه المجرد وصورته وتركيز غير مبرر على اللقب مما يوحي بأن الناخب سيمثل العشيرة وليس ابناء المحافظة بمختلف طوائفهم وانتماءهم !
والغريب ان الكثير من المتعصبين لكتلهم ومرشحيهم قد دفعهم حقد اعمى الى تمزيق ورق كثير من الدعايات الانتخابية مما يشكل ظاهره ينبغي التصدي لها لجعل التنافس مشروعآ وشريفآ.
من المؤسف ايضآ ان عدد غير قليل من المرشحين لا يعرفون المهام والواجبات والصلاحيات الخاصة بمجالس المحافظات .. ويجهلون الدور الذي يتشرفون بالقيام به لاحقآ .. والاسوء من ذلك يوعدون بدعايتهم الانتخابية بوعود لا تدخل اصلآ ضمن صلاحيات المجلس فيوزعون الاراضي ويسجلون اسماء الذين يعينوهم لاحقآ في الوزارات المختلفة ويحولون الاراضي الزراعية الى سكنية وغيرها كثير ..
ان المسؤولية الكبرى في اختيار المرشحين تعتمد بشكل اساس على الناخبين واصابعهم البنفسجية والذين تعرضوا للاحباط الكبير خلال تجربتهم السابقة من اختبار مرشحيهم الذين خيبوا امالهم في الدفاع عن حقوقهم واوصدوا قلوبهم قبل هواتفهم وابوابهم تجاه من ساهم في ان يكونوا بالمواقع التي هم فيها لذلك فان الصعوبة في كسب الناخب الان ناتجة من تراكمات اسهم بها المرشحون السابقون الذين تسلقوا بالاستخفاف بالناس في غفلة من الزمن واهتمو بمصالحهم الشخصية والفئوية والحزبية بعيدآ عن تلبية حاجات الناس وبناء محافظاتهم وبالتالي وطنهم بناءآ سليمآ
ان ثقافة الانتخاب ان صحت تسميتها بالثقافة هي مسؤولية كبيرة تقع على عاتق كل حريص على هذا البلد وبناءه بناءآ سليمآ وان الخييرين أينٍ كانت توجهاتهم وانتماءاتهم في هذا البلد المعطاء مدعون لاشاعة ثقافة تسهل على الناخب الاختيار الامثل للمرشحين القادرين على الاسهام بشكل فاعل في وضع اللبنات والاسس الصحيحة لبناء نموذجي في مختلف المجالات خدمة لهذا الشعب الطيب.
* احد المرشحين لمجلس محافظة بغداد