22 ديسمبر، 2024 3:42 م

التربية توقف شبكة الانترنت في العراق قبل امتحانات الدراسة الإعدادية

التربية توقف شبكة الانترنت في العراق قبل امتحانات الدراسة الإعدادية

تفاجأ العراقيون الذين يستخدمون شبكة الانترنيت قيام وزارة الاتصالات العراقية بإيقاف شبكة الانترنت فجر يوم أمس ( السبت ) في عموم العراق ، وفي خبر عن الموضوع نشره موقع ( كتابات ) , قال مدير شبكات الانترنت في وزارة الاتصالات إن وزارة التربية طلبت من الأمانة العامة لمجلس الوزراء بتوجيهنا لقطع الانترنت ابتداءا من الخامسة لغاية الثامنة صباحا , عازياً السبب لمنع تسريب الأسئلة الامتحانية لمرحلة السادس الإعدادي التي ابتدأت السبت وللفروع كافة ( العلمي والأدبي والمهني والديني ) , وأضاف ( المدير ) أن الوزارة وكجهة تنفيذية لبت التوجيه وقامت بقطع الانترنت لمدة ثلاث ساعات وشمل القطع محافظات العراق كافة ، مشيراً إلى أن التوجيه جاء ليوم واحد فقط ولم نبلغ بأن نقوم بقطع الانترنت خلال الأيام المقبلة لأداء الامتحانات , وبسبب هذه الأوامر فقد شهدت أغلب مناطق البلاد في ساعات الصباح الأولى انقطاع خدمة الانترنت لمدة تزيد عن ثلاث ساعات بكثير ثم عادت الخدمة إلى العمل بعدها بصورة تدريجية , ومعلوم إن امتحانات البكالوريا تمتد لسبعة أيام امتحانيه يضاف لها امتحان ليوم آخر لبعض المراكز الامتحانية .

ويشبه الإجراء الذي اتخذته وزارة التربية كالطريقة التي اختارها يوما أحدا لصيد سمكة في النهر , إذ أوعز بتجفيف النهر لكي يمسك بالسمكة , ولا اعلم لحد اليوم هل إن صاحبنا لم يكن يجيد اصطياد السمك أم انه أراد عدم إجهاد نفسه في الصيد , فرغم اطلاعنا على تجارب العديد من الدول المتقدمة والمتخلفة في أداء الامتحانات ( مع التواضع ) إلا إننا لم نسمع يوما إن بلدا قام بقطع الاتصالات الوطنية بسبب اداء الامتحانات , فالسياق السائد حاليا هو القيام بنصب منظومات تشويش الاتصالات أثناء فترة أداء الامتحانات في مواقع إجرائها سواء في المدارس أو المعاهد والكليات , وهو إجراء اضطرت للعمل به بعض المؤسسات التعليمية العراقية مؤخرا من باب الاطمئنان وتكافؤ الفرص أمام من يؤدون الامتحانات , والإجراء الذي اشرنا إليه يعني اطمئنان المؤسسات التي اشرنا إليها في الحفاظ على سلامة تداول الأسئلة الامتحانية من التسرب , لان الهدف من وضع منظومة التشويش هو لمنع الغش أو التلقين من خلال وسائل الاتصالات أثناء اداء الامتحانات .

وفي الوقت الذي نقدر فيه الجهود التي تبذلها وزارة التربية في الحفاظ على سرية الأسئلة وعدم تسريبها , وهو إجراء مشروع من وجهة نظر الكثير لأنه يبعد الشبهات عن التربية بعد إن ادعى البعض بان أسئلة الامتحانات النهائية للدراسة المتوسطة للعام الدراسي الحالي كانت تتسرب بين بعض فئات الطلبة قبل موعد بداية الامتحانات بليلة أو فجرا أو قبل بداية الامتحان بنصف ساعة أو أكثر وحسب ما تم تداوله فان لكل وقت ل( بيع ) الأسئلة أسعاره بالدولار , وقد سارعت بعض الجهات في وزارة التربية إلى تكذيب هذه الادعاءات , واصفة إياها بأنها محاولة للتشكيك بالجهود التي تبذلها دوائر وملاكات وزارة التربية التي تسعى للنزاهة في وضع وتداول الأسئلة للامتحانات النهائية لأهميتها وعلاقتها بالمسارات العلمية للطلبة وتحديد مستقبلهم الدراسي , و لا نعلم هل إن قطع الاتصالات قبل بداية الامتحانات سيضمن العدالة بين الطلبة , باعتبار إن هناك فترة تسبق الثلاث ساعات كما إنه قد تظهر ممارسات في القاعات الامتحانية وأثناء وبعد التصحيح .

وقد يدل هذا الاستخدام ( المبتكر ) بقطع اتصالات شبكة الانترنيت عن شعب بأكمله تعداده أكثر من 32 مليون إنسان لمدة تزيد عن ثلاث ساعات لكي يؤدي طلبة السادس الإعدادي الذين لا يزيد عددهم عن ربع مليون , بان الأسئلة ربما تم نقلها من خلال الانترنيت للمحافظات كافة لكي لا ترسل لهم قبل أيام وتتسرب , كما قد يعني ذلك إن بعض أجهزتنا الحكومية لا تستخدم الدوائر المغلقة رغم رفع شعار ( حكومتكم بخدمتكم ) من قبل أمانة مجلس الوزراء قبل أيام باستخدام تقنيات الحكومة الالكترونية في انجاز وتبسيط المعاملات , أوان وزارة التربية طلبت قطع شبكة الانترنيت لمنع تداول وتسريب الأسئلة , وبذلك ربما أهملت إمكانية استخدام شبكات الاتصال الخلوي والسيارات الحديثة التي يمكن إن تصل بسرعة لأي مكان خاصة في أوقات الفجر حيث تنعدم الازدحامات , وفي كل الأحوال فان استخدام هذا الأسلوب قد لا يكون مناسبا جدا لأنه قد جاء على حساب حقوق المواطنين في استخدام شبكة الانترنيت التي لم تحجب لثلاث ساعات بل لأكثر من ذلك بكثير , علما إن خدمات هذه الشبكة مدفوعة الثمن من قبل المستخدمين وليست مجانية لكي يتم إيقافها بإذعان .

ونتمنى إن تكون مبررات وزارة التربية ومن ساند موقفها صحيحا ونتائجها تستحق هذا النوع من الإجراءات , ولا نعلم هل سيستمر استخدام هذه الطريقة لحين انتهاء الامتحانات القادمة أم تم الاكتفاء إلى هذا الحد , ونشير يهذا الخصوص إلى إن مدى فاعلية هذه الإجراءات لا تحددها التربية لوحدها , لان أخبار تداول الأسئلة المسربة يشيعها الطلبة أنفسهم لأنهم من فئة الفاشلين والفاسدين , فتسريب الأسئلة هي عبارة عن سرقة وفساد ويجب أن تشرع لها أحكاما قضائية مشددة لأنها تبخس حق المجدين والبسطاء وتزرع اليأس في نفوسهم , ومخرجاتها كفاءات كاذبة ومزيفة وتحدث خدشا في الشعور بالمواطنة بين صفوف الطلبة النزيهين , ونعتقد جازمين بان معالجة حالات تسريب الأسئلة من الممكن أن تأتي من ضبط النظام ألامتحاني لان الطالب يمكن أن يكون مستفيدا من التسريب ويشكل الحلقة الأخيرة وتسبقه حلقات يتوجب اختيارها باعتناء وإخضاعها إلى الرقابة الشديدة وليس التجريب , ونشير بهذا الخصوص إلى إن هذه الحالات التي أخذت تتحول إلى ظواهر ليست حديثة النشأة وإنما يعود بعضها إلى ثمانينات القرن الماضي , ويعد القضاء عليها انجازا علميا ووطنيا كبيرا يستحق كل التقدير والاحترام بسياقات محددة بشكل لا يضطر لقطع الاتصالات الذي ربما يتحول مستقبلا إلى فرض حظر للتجوال أو إعلان حالة الطوارئ بسبب أداء الامتحانات .