27 ديسمبر، 2024 10:12 م

التربية الاخلاقية حاجةُ وليست ترفاً

التربية الاخلاقية حاجةُ وليست ترفاً

ان جودة التعليم أمر أساس لنجاح الانسان في الحياة، غير ان تطوير قدرات الانسان العلمية والفكرية وحدها لا تكفي، لتجعل منه فردا فاعلاً يساهم بايجابية في بناء المجتمع والوطن.
هناك حاجة بنفس القدر من الاهمية لبناء الشخصية وغرس القيم السامية لانهما جوهرالتعليم الحقيقي، بالعلم يمكن ان تكسب العقول لكن بالاخلاق تكسب القلوب، فالرسول محمد(ص) يقول ” ما بعثت الا لاتمم مكارم الاخلاق”.

بصورة عامة لا يمكن لمجتمع بشري ان يتخلى عن الاخلاق، فهي المادة الأساسية التي تدخل في صناعة مجتمع يتبادل ثقافة الاحترام، وتسوده المحبة والالفة بين شرائحه، ولاحظنا مصير المجتمعات التي سُلب منها عنصرالاخلاق كيف تعيش حياة الغاب، القوي يأكل الضعيف، ولا مكان للفضيلة فيها.
ولان المدرسة هي النقطة الأولى التي تصقل موهبة التلميذ وتنمي مهاراته، لابد من التركيز على ترسيخ القيم الاخلاقية بهذه المرحلة تحديدا، ففي المراحل الدراسية الاولية نعلم اولادنا وبناتنا كيف يحترم الاب، وينحني احتراما للام، وفيها أيضا يعرف معنى السلوك القويم الذي يجعله يعيش بين اقرانه، فبالأخلاق تسموا المجتمعات ويعلوا شأنها
التعليم والأخلاق صنوان لا يمكن ان يفترقا، وفي جميع الازمان تتحدث الأوساط الثقافية والتربوية عن غياب المبدأ الأخلاقي في المؤسسات التربوية، وفي المقابل يعزي أولياء الأمور ذلك الى تنصل التربوي عن وظيفته الأساسية وهي التربية أولا والتعليم بالدرجة الثانية.
تراجع المنظومة القيمية قاد الى ظهور ممارسات غير مقبوله لا تتماشى وطبائع مجتمعاتنا العربية والإسلامية، لكنها اخذت بالانتشار بين صفوف التلاميذ والطلبة بمختلف المراحل،
الحديث عن تدريس التربية الاخلاقية ليس ترفا بل حاجة، وليست فلسفة بل ضرورة ملحة جراء ممارسات طارئة ودخيله يتعلمها النشيء من محطات التلفاز او مواقع التواصل الاجتماعي التي استباحت كل الحواجز دون ان تقابلها تربية رصينة تعرض الصواب وتكشف الخطأ،
تبني وزارة التربية هذا القرار وان كان متأخرا الى حد ما، يعد من القرارات الواجب اتخاذها في الوقت الذي اجتاحت فيه المؤسسات التعليمية العراقية موجة من التجاوز على المنظومة القيمية، وكان لابد من الوقوف لمنعها من التمدد والنمو مع نمو التلاميذ وتقادم مراحلهم العمرية، وتدرجهم وبالنتيجة نصل الى مجتمع لا يعير للأخلاق أي إهتمام.
القائمون على العلمية التربوية في البلاد لا يدركون ان التعليم بحاجة الى الاخلاق، وهو تقصير كبير لانهم تركوا الموضوع على كاهل الأسرة التي تفتقر في بعض الأحيان الى مهارات التربية الصحيحة، وبذلك يحدث خلل كبير بطرفي المعادلة، الطفل والمربي.
الاخلاق من العناصر الضرورية لدوام نبض الحياة في كيان المجتمع، وتزداد هذه الضرورة في البيئات التربوية التي يقع على مسؤوليتها العبء الكبير في تنشئة طلبة بقواعد رصينة ترتكز على جزئية تعلم الاخلاق وترجمتها على ارض الواقع، بما ينعكس على الممارسات اليومية في التعامل مع المربي من الكوادر التربوية والاهل على وجه الخصوص.
إدخال هذه المادة الى المنهاج التعليمي، ربما تكون العقاقير الطبية التي بموجبها تُطرد الامراض المجتمعية كالسرقة والرشوه والمحسوبيه، وهي تقرحات يستغرق التعافي منها زمنا ليس بالقصير.
نحن بحاجة الى ضخ جرعات أخلاقية عاجلة الى جانب الدفعات العلمية في دماء اجيالنا لنضمن ان يتصدر المشهد السياسي اناس يحملون من الاخلاق بقدر ما يحملون من العلم والخبرة والمهنية.