كم من مقالة كتبتُ وكتب غيري من أصحاب القلم المستقل .ووضحنا فيها مسيرة العراق منذ التغير في 2003؟. وكم نبهنا الى ما ينزلق اليه العراق جراء عملية سياسية غير سليمة, بنيت على أسس طائفية وعرقية وهيمنة طبقة سياسية؟. نبهنا لفشلها وعدم نزاهتها .وإرتباط قادتها بأجندات إقليمية أو دولية بعيدة عن الأهتمامات الوطنية السليمة المطلوبة. حتى توالت على شعبنا المصائب والمحن , بعضها مبرمج وآخر من عوادي الزمن, وجهل الحكام الذين لا يفقهون شيئاً عن إدارة الدولة والفاقدين لأهلية الحكم وسداد الرأي والكفاءة والحكمة.
لقد فشل الأحتلال الأمريكي في إقامة دولة مدنية وفق أسس دولة مؤسسات المجتمع المدني .كما فشل سياسو ضربة الحظ في الأخذ بيد العراقيين الى بر الأمان والى الدولة المزدهرة التي حلموا بها بعد إزاحة الحكم الديكتاوري الفردي .ولو عدنا الى حال العراق إبان الأنتداب البريطاني لوجدنا العكس, حيث أُسِسَتْ الدولةُ المدنية البسيطة. نعم كانت تعوزها الديموقراطية المطلوبة . وكان هذا لوجهة نظرِ ساسةِ ذاك الزمان .بأن شعبنا غير مؤهل للديموقراطية, بمعناها وشروطها الكاملة المعروفة, فحبذوا الديموقراطية التدريجية الموجهة. فلماذا نجح الأنتداب البريطاني ونجح نوري سعيد ورفاقه رحمهم الله وفشل الأحتلال الأمريكي ومن جاء معه من إقامة دولة ولو بأدنى مستوى , دولة الأمان والخدمات؟
الجواب واضح هو إن ساسة أيام زمان أكثر نزاهة وأصحاب عفة يدٍ. ووطنيتهم غلبت الأطماع وشهوات المال ,التي غلبت على ساسة هذا اليوم المشؤوم. وإن الساسة الذين سحلناهم وقتلناهم كانت وطنيتهم وإرتباطهم بشعبهم أفضل من تجار السياسة زنادقةهذه الأيام.
لقد وصل الحال بشعبنا ركوبَ أمواج الموت والفرار من الوطن. بعد أن قُتِلَ بالسلاح أو الكوليرا والجوع والبطالة والخطف والسبي والتهجير. ففرَّ خارج وطنه, قبلَ أن تلتهمه نيرانُ حربٍ ,لا أمل بنهاية لها ,وفساد مستشري زكم الأنوف عمَّ وساد. وأصبح أمرٌ غير معيب .فلا أمل بإصلاح ولا رجاء بتغيير, والقضاء مسيس والمدعي العام نائمٌ أو مخدر ومُعطَّل, بل المسيرة من سيئٍ للأسوء.وكل ما نسمع به من إصلاحاتٍ وعودٌ لن يتمكن مَنْ وعد بها إنجازأيَ شيءٍ منها, لعدم تمكنه منها. فهو قد وضعها ووعد بها, دون معرفة ولا دراسة. ويستحيل عليه تحقيقها. لأنها تحتاج حكومةً قوية و لقوانين وأنظمة جديدة. لن يتمكن السيد العبادي من تحقيق وعوده , لواقع حال هو يعلمه. وهو المحاصصة والكتل التي تعلن التأييد بالقول . وتعمل على إفشال أي تغيير أو إصلاح .إن السيد العبادي وحكومته مع وافر إحترامي له أشبه بكرة تتلاقفها عصابات مافيا دولية ومحلية وصبيةُ ساسة لا أمل منهم ولا رجاء.
ألم يثبت لحد الآن فشلُ قواتنا المسلحة تحقيقَ نصرٍ ناجزٍ على العدو داعش.والأسباب كثيرة. فلماذا لا نقرُّ بالحقيقة؟ ونستنجد بالمجتمع الدولي للتدخل على الأرض. إن خروج أمريكا من العراق دون تأمين لحدوده مع دول الجوار ودون بناء قوة عسكرية مهنية مستقلة ولاؤها للوطن لا لطائفة أو قومية كان خطأ فادحاً.واليوم آن لنا أن نعترف بهذا الخطأ دون حياء ولا نكون كمن تغطي وجهها وتكشف عن عورتها.
خلاصة القول وبعد أن تفاقمت هجرة شعب العراق من أرضه وتفشي الأمراض والأوبئة والبطالة والجهل واليأس من مستقبلٍ آمن, وعدم قدرتنا على نزع الأرض من داعش. فنحن بحاجة الى تدخل دولي على الأرض للقضاء على داعش, و محكمة دولية تكشف عن الفساد والمفسدين ومنابع الأرهاب وحاضنته , وبحاجةٍ لمصالحة وطنية جدية لا إعلامية وإعادة النظر بكل القوانين التي سهلت سيطرة كتل سياسية باغية وإعادة النظر بالدستور الواهن المريض والقضاء المعتل. وهذا كله يحتاج لأشرافٍ دولي محايد مقبول.ومن يرى خلاف هذا كمن تغطي وجهها وتكشف عن عورتها .
ومن حقنا أن نوجه كلامنا لمن يرفض التدخل الدولي بأن يراجع قناعاته. فإن الجهات المتصارعة بأجنداتها الدولية والأقليمية على العراق أصبحت أصدقاء, بعد أن كانت أعداء.والوطن أهم وأقدس من أي إعتبار. فإن ضاع الشعب لا قيمة للوطن من بعده. فمتى نغطي العورة ونكشف الرأس؟؟ فضياع الوطن عورة وهروب شعبٍ من وطنه عورة.والفساد والأرهاب عورة.وتَحَكم فئةٌ ضالة بالشعب عورة.