18 ديسمبر، 2024 8:41 م

التدين العقلي والتدين الشكلي

التدين العقلي والتدين الشكلي

يحتلُّ العقل في التشريع الاسلامي مكانه مميزة ، بوصفه مصدراً من مصادره ، إلى جانب الكتاب

والسنَّة والإجماع، بالاضافة الا ان التكليف الشرعي يعتمد على سلامة العقل , فلا تكليف لغير العاقل , ومن المعلوم ان الانسان يملك عاطفة الى جانب العقل , والعقل يوجه عمل الانسان لا العاطفة , فنبينا الاكرم محمد (ص) يقول الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر , وهذا ما يتطابق مع الاية القراءنية الكريمة (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ – البقرة – الآية – 62) اذن الاجر لاي انسان مرتبط بالعمل ومختص بخدمة البشرية بغض النظر عن الدين , لان نظرة الله غير نظرتنا – وليس كما يدعي بعض الفقهاء باشتراطهم الاسلام , فنقول لا تجعلوا انفسكم مقام الله في الحكم على البشر, فالمقارنة بين البشر على اساس الكفر والايمان من ناحية او اجر العمل او الابتلاء والوباء ، من ناحية اخرى ليست واقعية.

ان التدين الذي يستند على العقل ونتيجته العمل الصالح بما يخدم الناس ولا يسبب لهم ضررا يمكن ان نصطلح عليه التدين الحقيقي او (التدين العقلي) اي التدين الذي يعتمد على البصيرة , في حين من لا يكترث بمصلحة الناس ويتصرف بدافع العاطفة تحت عنوان الدين , حتى ولو سبب لهم ضررا فيمكن ان نصفه (بالتدين الشكلي ) او التدين العاطفي الذي جاءت به العاطقة لا العقل وهنا بيت الداء , فتغلب العاطفة على العقل هي التي تجعلنا ان نقع في المحذور.

اليوم العالم اجمع مذعورا من فايروس الكورونا , وانتم ترون كيف اصاب الصينين والمسلمين والاوروبين على حد سواء , واصاب مدن مقدسة عند المسلمين , لكن هناك من يردد كلاما بان هذا الوباء لا يعنينا ونحن منه في امان , فيوهن الناس بالتحفظ منه , انها دعوة جهل مخالفة للقران الكريم (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) فكورونا لا يميز بين مؤمن وكافر , ولا تعرف دين ولا مذهب …هذا وباء لا يرحم …فلماذا توحون للعالم باننا جهلة ؟! فالجاهل حقا من الذين لا يعرفون ان اهل البيت (ع ) كانوا يلجاون الى الطبيب في حالة مرضهم , فليس هناك اعظم من الامام علي (ع) الا النبي (ص) عندما ضربه اللعين ابن ملجم استدعي له الحسنين (ع) طبيبا مسيحيا لمعالجته وهو (اثير الكوفي) , وعندما هاجر المسلمون من مكة الى المدينة والنبي بينهم (ص) اصاب بعضهم الحمى (الافلونزا) ومنهم ابو بكر وبلال وتعالجوا بوسائل الطب المعروفة في حينها , اذن الضرر للجسم يحصل للجميع , فقد استشهد اغلب الائمة المعصومين بالسم , اما قولكم ان المكان المقدس لا ينتقل فيه مرض , فهذا كلام يحتاج الى دليل بل الدليل في عكسه , وبالامس البعيد 1830 و1904فتك الطاعون بالنجف الاشرف حتى عجزت الناس عن دفن موتاها , وكذلك حصلت الحالة في كربلاء , واليوم رايتم بام اعينكم الفايروس اخذ ماخذه بمدينة قم المقدسة واصاب اناس في كربلاء والنجف , فالمقدس ليس الارض او الخشب او الحديد في ضريح الامام بل المقدس روح الامام لا قبره…وفاطمة الزهراء (ع) مقدسة في عقيدتنا ولكن ليس لها قبرا فلم يضرعدم وجود القبر بمكانتها وقدسيتها , اما قراءة القران والدعاء والتوسل بالاولياء , فلا شك هي عقيدة راشخة في نفوسنا ,وهذا يحقق كرامة , ولكن هذه الكرامة ليست مطلقة للجميع بل مختصه بمن يكون مستقيمًا على الإيمان ومتابعا للشريعة ، فهي لا تأتي عفواً ، وعلى يد كلّ أحد، ومع كلّ المناسبات , فكيف تريدون ان تعموها لانفسكم جميعا ؟! وانتم ليس جميعكم ليس من شرطها وشروطها قد يكون البعض القليل منكم …نقول نعم استعينوا بالدعاء والزيارة وقراءة القران فهي طاقة روحية تعزز الامان وتقوي الايمان, ولكن الى جانب الطب .

اذن لا تنخدعوا بمن يقول ان هناك مكان لا تستهدفه الفيروسات حتى وان كانت مكة المكرمة , فهؤلاء عاجزون عن تقديم الدليل , ونقول لهم من حقكم أن تضحوا بانفسكم وتخالفوا اوامر مرجعياتكم ، إلا أن هذا الحق لا يخوّلكم أن تعرّضوا حياة الآخرين لخطر الموت , وشرعا تتحملون دية اي انسان يتضرر بسببكم ولا يحق لكم ان تعتدوا على الاجهزة الامنية المكلفة بواجب منع التجوال , فانتم خالفتم الشرع والقانون معا…واذكركم (قال رجلٌ : يا رسولَ اللهِ ! إنَّ فلانةً تذكر من كثرةِ صلاتها وصيامها وصدقتها ؛ غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها ؟ قال : هي في النارِ) فأعلموا أنه لا ينبغي لمن أكل ثوما أو بصلا أن يدخل المسجد حتى تزول رائحة ذلك منه خوفا على اذية المصلين , هذا ما امرنا به نبينا (ص) فكيف وانتم تنشرون مرضا قاتلا بين الناس ؟!

لقد كان لنا رسول الله (ص) اسوة حسنة في مواجهة الوباء والحد منه وهو العزل للمدينة الموبؤة فلا يخرج منها احد ولا يدخلها احد , وهذا ما فعلته الصين , فقد عُزلت ولاية بأكملها وعدد سكانها ال 11 مليون نسمه , عزلا تاماً لمدة 60 يوماً, وهذا العزل كان انتصارا , فلم يصب الفايروس الا 100 الف توفى منهم 3224 شخصا… فالعزل الذي امر به نبينا قبل 1400 سنة تجربة ريادية في ادارة الأزمات والكوارث وبات النهج الصيني مثالا لدول العالم تقتدي به …. انظروا ما كتبه طبيب امريكي يدعى Dr. Craig Considine

Prophet Muhammad advised quarantining to contain a deadly outbreak. He said:

If you hear of an outbreak of plague in a land, do not enter it; if the plague

breaks out in a place while you are in it, do not leave that place

A timely hadith in light of COVID-19

والترجمة لتغريدته على توتير (.نصح النبي محمد الحجر الصحي لاحتواء تفشي المرض. هو قال:إذا سمعت عن تفشي وباء في أرض ، فلا تدخله ؛ إذا اندلع الطاعون في مكان أثناء وجودك فيه ، فلا تترك هذا المكان “حديث في الوقت المناسب في ضوء COVID-19)