23 ديسمبر، 2024 4:30 ص

التدليس في زمن التغليس..؟ – الجزء الاول

التدليس في زمن التغليس..؟ – الجزء الاول

 العراق يمر بمنعطف قانوني وسياسي خطير بسبب تعاظم أزمته البنيويه بشكل متسارع حيث تتحول المعركه الفكريه والقانونيه ضد طوابير الفساد المالي والاداري بالعراق لشبه شلل كامل بسبب غياب الاراده السياسيه الجاده للتصدي لرؤوس الفساد. أضافة لهيمنة قوى المحاصصه على سلطة أتخاذ القرار بالدوله..؟ حيث تحولت العديد من مؤسسات الدوله ومرافقها العامه الى منتج لهذا الفساد المالي والاداري أضافة لترهل وتعدد وتضارب اجهزة الرقابه وتنامي هيمنة المصالح الحزبيه الريعيه الضيقه على المراكز ا الماليه بالعراق كما انه يجب ان لاننسى حجم وتأثير قوى التضليل السياسي والاعلامي كواجهة لشرعنة هذا الفساد والمتعكزه أحيانآ بمراكزها الحكوميه والمتسيده بأحزمة السلطه العامه والتي بدأت هي الاخرى ترفع شعارات مكافحة الفساد من اجل تعويق المشروع الوطني لمكافحه الفساد..؟
وهكذا نجد للاسف أن مجلس النواب العراقي تحول زمنيآ من مؤسسه تشريعيه ورقابيه إلى جهاز للاثراء والى سوق متحركه للاوراق النقديه وللمضاربات التجاريه..ولا نبالغ اذا قلنا انه تحول لإحدى حواضن أنتاج وشرعنة الفسادالمالي بالعراق.. حيث اقدم مجلس النواب لاكثر من مره في اصدار قوانين (العفو العام)والتي سمحت وساهمت عن كثب في اطلاق سراح المئات من الفاسدين وسراق المال العام والارهابيين..؟ كما ويجب أن لا ننسى ان مجلس النواب العراقي هو اول من أصدر قانون للمحاصصه السياسيه بالعراق ((رقم44 لسنة 2008)). والذي تم بموجبه توزيع المغانم  والمناصب الحكوميه العليا والهيئات المستقله على الاحزاب السياسيه المتنفذه بعيدآ عن أعتبارات ومعايير الكفاءه والشهاده والنزاهة والاختصاص الوظيفي وبذلك ارسى مقدمات لشرعنة الفساد بالعراق..!! أن هذه القرصنه التشريعيه يقابله الكثير من التغليس من قبل اجهزه رقابة المشروعيه في محاسبة ومحاكمة قادة الفساد عند سرقتهم للمال العام اثناء تواجدهم في شغل الوظيفه الحكوميه وليس بعد هروبهم او خروجهم من الوظيفة العامه.. كما أن قانون المحاصصه السياسيه الذي اصدره مجلس النواب العراقي والمرقم  2008/44 قد ارسى ظاهرة الفساد والمحاصصه بالعراق. كما انه يشكل اعتداءآ صارخآ للقيم والاصول الدستوريه وخاصة الماده14 من الدستور العراقي النافذ والتي تقول(العراقيون متساوون أمام القانون….) حيث أرسى وكرس قانون المحاصصه هذا انماط مشوهة للثقافه القانونيه بالعراق؟ حيث تقول الماده 06 من قانون المحاصصه 2008/44
(تنفيذ مطالب القوائم والكتل السياسيه وفق استحقاقاتها في أجهزة الدوله لمناصب وكلاء الوزارات ورؤوساء الهيئات والمؤسسات والدرجات الخاصه وعلي مجلس النواب المصادقه على هذه الدرجات) ولو القينا نظره حول الطبيعه الدستوريه لقانون المحاصصه هذا من الناحيه القانونيه نجده باطل بطلانآ مطلقآ لانه صدر بغياب السند الدستوري لاصداره..!! حيث ان فلسفة وعلم القانون تشير بأنه لايجوز قانونآ أصدار اي تشريع بغياب سند وقاعدة دستوريه تجيز صدوره ؟ كما اننا لو قمنا بأستقراء الماده61 من الدستور العراقي النافذ والتي حددت صلاحيات واختصاصات مجلس النواب العراقي لا نجد فيها ما يشير لتوزيع المناصب العامه على اساس المحاصصه للاحزاب الفائزه بالانتخابات..! وهذا اختصاص افتعله مجلس النواب خارج الضوابط الدستوريه .كما ان المحكمه الاتحاديه العليا قد اصدرت حكمها القضائي المرقم 2019/89بالغاء الماده06 من قانون المحاصصه السياسيه وعدم دستوريه توزيع المناصب العليا علي اساس المحاصصه الحزبيه.. الا انه مع ذلك لم يذعن  مجلس النواب لحكم المحكمه الاتحاديه العليا واستمر في الالتفاف على حكم القضاء.. وهذا مما يعرض رئيس مجلس النواب وهيئة رئاسة المجلس تحت طائلة القانون….
يتبع.. الجزء الثاني