تتمثل مسئوليات المدقق الداخلي في الشركات والدوائر الحكومية عموما بتقديم المعلومات والنصائح للإدارة بأسلوب ينسجم مع القواعد الأخلاقية الصادرة من – المعهد الأمريكي للمدققين الداخليين – من ناحية النزاهة والشفافية في أداء واجباته كشخص ذو مبادئ عالية وشخصية قوية .
ومن المعروف إن المدقق الداخلي لا يعمل بمعزل عن الآخرين بل انه يعمل مع الجميع داخل وخارج قسم أو شعبة التدقيق الداخلي وحسب الصلاحيات المخولة له قانونا والدعم الذي تقدمه الشركة لهذه الوظيفة هما المحددان الأساسيان لمدى وقيمة التدقيق الداخلي. ويجب إن يكون مدير التدقيق مسئولا اتجاه مدير اعلي لديه الصلاحية الكافية لضمان مدى واسع للتدقيق وقيمة عالية لنتائجه..
لكننا نلاحظ تفشي الفساد الإداري والمالي في المؤسسات والإدارات المختلفة في الدولة على الرغم من وجود الأجهزة التدقيقية والرقابية وعلى رأسها – التدقيق الداخلي – وادعائها بالتدقيق النزيه وفق تعليمات الدولة المركزية ومكافحة عدم الأمانة ومنع الاحتيال بدلا من اكتشافه.. لان عملية اكتشاف الاحتيال تأتي لاحقا من قبل أجهزة رقابية اعلي مستوى من التدقيق الداخلي تتمثل بهيئة النزاهة العامة وديوان الرقابة المالية وغيرهما من الأجهزة الرقابية الأخرى المعنية بمكافحة الفساد الإداري والمالي،
إلا إن ظاهرة الفساد الإداري والمالي مازالت واسعة النطاق وخطرة على الرغم من تعدد الأجهزة الرقابية تلك, وقد يعزو البعض ذلك بسبب غياب التخصص وعدم الكفاءة والتنسيق في المهام مع غياب الهيكل التنظيمي الواضح وعدم وضوح خريطة العمل والارتباط بين مفاصل العمل فيها، كل ذلك جعل من الصعب على الرقيب إن يفسر الكيفية التي تعمل بها كل جهة ليتمكن من رسم مسارات الأداء داخل الدائرة والتحرك بصورة تطابق الأهداف الموضوعة…كذلك غياب الرقابة الداخلية الصارمة أدى كذلك إلى ضعف المحاسبة والمساءلة التي تعد أساسا للعملية الإنتاجية إلى جانب كونها عاملا مساعدا في التنمية الإدارية للأجهزة الحكومية.
إضافة إلى تفشي الفساد في أروقة أقسام التدقيق الداخلي نفسها وإداراتها الفاشلة بشكل سيء من قبل بعض مديريها السيئين ممن يمارسون الفساد المالي والإداري والأخلاقي أحيانا انعكس سلبا على الموظفين الجدد من جيل الحاسوب والانترنت الذي يبحث البعض منهم عن المال والايفادات خارج العراق.. وهذا يتطلب من إدارة الشركات أو
الوزارة المعنية إجراء تغيير مبرمج على مدراء التدقيق الداخلي بين فترة وأخرى وعدم بقائهم في مناصبهم مدى الحياة وتنصيب حملة الشهادات العليا أصحاب الاختصاص من جيل الشباب وإخضاع المدراء السابقين للرقابة والنزاهة العامة ممن أساءوا التصرف ومحاسبتهم عن هدر المال العام الواقع في شركاتهم ودوائرهم كون التدقيق الداخلي هو الخلية الأولى للنزاهة في الشركة ولبنتها الصلبة وعدم إلقاء اللوم على هيئة النزاهة أو ديوان الرقابة المالية وتحميلهما أخطاء الشركات والدوائر الحكومية .
ومن خلال عملي القصير في إحدى أقسام التدقيق الداخلي وجدت إن الفساد يمر من خلال هذه الخلية النائمة التي قد تشكل سرطان مزمن في جسد الشركة ومستنقع نتن تفوح منه رواح كريهة تزكم الأنفس.
فأصبح الاهتمام بالكم وليس بالنوع وبالمظهر الخارجي وليس بالجوهر عند اختيار المسئولين والموظفين الجدد هكذا مهن وهذا غير مقبول في أية مهنة. المطلوب الآن أن يرتقي أهل هذه المهنة للمسؤولية الفنية والمهنية المفترضة حتى تعود لمكانتها ويطمئن لهاجميع العاملين الذين استودعوهم الأمانة على رواتبهم وحوافزهم الشهرية وإرباحهم السنوية. وعلى الجميع الحرص التام والدائم في الارتفاع لمستوى مسؤوليتهم المؤسسية والمهنية، وهذا أضعف الإيمان، لتتحقق مصالح الشركة وكل العاملين ومن خلفهم المجتمع.وأخيرا أقول ( من يرعى القطيع أذا كان الرقيب فاسداً ؟).