22 نوفمبر، 2024 10:06 م
Search
Close this search box.

التدخل القطري هل اسقط البشير؟

التدخل القطري هل اسقط البشير؟

في مثل هذا الوقت من العام الماضي (فبراير 2019) كانت ثورة السودانيين قد بلغت حد اللاعودة، و اقتنعت حتي الدوائر السياسية المتصلبة، و النواة الأمنية الصلبة “الحاكمة فعلياً” بضرورة اجراء جراحة قاسية علي جسد النظام حتي يمكنه البقاء و الاستمرار بعد ان اثخنوا المتظاهرين بكل صنوف التنكيل و كانت ارادتهم بعد كل مرحلة تزداد صلابةً و قوة.

كان جهاز الامن هو رأس الرمح في ذلك العنف البربري، و علاوة علي ذلك كان هو الحاكم الحقيقي، لا حزب المؤتمر الوطني و لا اجهزة الدولة التنفيذية، كان كل شئ يتم بطلب جهاز الأمن ابتداءاً من السياسات الاقتصادية و انتهاءا بالسياسات الخارجية مروراً باعمال الامن الشرطية و الدفاع العسكرية!
حين اقتنع رجل جهاز الامن القوي الذي اعيد تواً الي الخدمة بعد ان سبق و أقصي و سجن، اقتنع بضرورة اجراء مراجعات مؤلمة، و بتر و استئصال اطراف من جسد النظام و زوائد في عقله و قلبه؛ لم يكن لدي دوائر حزب الحكومة (ليس الحزب الحاكم) و لا دوائر الحركة الاسلامية “التي للعجب همشت طيلة سنوات حكم الاسلامويين”؛ لم يكن لديها من خيار في يدها، و لا ورقة تلعبها، إلا اوراق الضغط الخارجي من قيادة التنظيم الدولي للاخوان و راعيته (دولة قطر)!
لا احد يعلم وصف الجراحة التي كان الأمن يريد اجراءها علي النظام و اقنع بها الرئيس (المعزول) البشير، فالتسريبات التي خرجت كانت شحيحة جداً كعادة تسريبات جهاز الأمن، كما لا احد يعرف ما ان كانت تلك الجراحة ستحدث اختراق و تهدئ الشارع الثائر؟!
المهم، برغم ذلك تدخل وفد وزاري قطري زار الخرطوم في تلك اللحظة الحرجة و اجتمع بالبشير، ما تسبب في تأخير (كلمته للأمة) كما ان ذلك الاجتماع تسبب ايضاً كما رشح في تغيير (خطة) العملية الجراحية، و بالتأكيد لا نعلم حدود ذلك التدخل و ابعاده، لكن بالتأكيد للقطريين اوراقهم التي ظنوا ان لعبها في هذا الوقت سيدعم حكم البشير و الاسلامويين، ربما كانت خطتهم تعتمد علي جراحة تجميلية بديلة اضافة لدعم مالي و أمني، لكن فات علي ظنهم ان البشير و نظامه كان قد سقط قبل خطابه حتي!
نظام الانقاذ وصل مرحلة كان من العسير ان يتم فيها فك الارتباط بين البشير و حزبه، أو بين “الأخوان العسكر” و “الأخوان المدنيين – الملكية”! فات زمن الجراحات العميقة التي تنقذ حياة النظام، كما فات زمن جراحات التجميل!
لقد وجد نظام البشير في ايامه الأخيرة دعماً من كل الفرقاء الاقليميين في المنطقة، من قطر و من مصر، و من تركيا و من الأمارات و السعودية، و من خارج المنطقة (روسيا). لكن كما يقول المثل الشعبي (المقتولة مابتسمع الصايحة) و يضرب لمن يزمع و يهم القيام بأمر لدرجة تصم آذانه عن نصح الناصح، لم يكن يجدي اي تدخل خارجي، و كانت النصيحة الذهبية التي يمكن أن تسدي القوي المتداخلة ان تمتنع عن محاولة تغيير مسار و مجريات الامور، لكنها و ان اسدي لها ذلك النصح فكانت تدخلاتها كلها ضربات قدر مسطر و مكتوب؛ ضربات غير موفقة لم يحلفها الحظ، لتقف شاهدة علي عداء انظمة الاقليم للتغيير و لإرادة الشعوب.

أحدث المقالات