23 ديسمبر، 2024 4:02 ص

التدخلات التركية في الشأن العراقي

التدخلات التركية في الشأن العراقي

بعد إيران تمثل تركيا الجارة الاقليمية الثانية للعراق, حيث تسعى لتوسيع نفوذها السياسي والأمني داخل العراق, الذي بات مسرحا لمختلف اللاعبين الدوليين منذ سقوط النظام السابق عام ٢٠٠٣,اذ تطمح انقرة منذ اعوام في ان تكون لاعبا مهما في المشهد السياسي العراقي.

أكثر من عقد ونصف من العلاقات بين بغداد وانقرة ولم يتم التوصل لاية حلول مرضية لكلا الطرفين, خلال هذه الفترة حاولت تركيا أثارة أكثر من ازمة مع العراق لا سيما في الجوانب الامنية( الملف الكردي) والاقتصادية والثروات الطبيعية وما يتعلق بأزمة المياه بين البلدين.

يعتبر الملف الكردي أحد أهم الملفات الشائكة بين البلدين,استغلت تركيا الملف الكردي وكثفت من تدخلها العسكري داخل الاراضي العراقية بذريعة ملاحقة حزب العمال الكردستاني ووسعت من عملياتها ضد الحزب لتشمل مناطق جديدة مثل منطقة سنجار, بعد ان كانت مقتصرة على مناطق بعينها داخل إقليم شمال العراق,دون مراعاة لسيادة العراق والقوانين الدولية, لا سيما وأن انقرة تستغل ضعف الحكومة العراقية والازمة بين الاحزاب واستثمار الازمة الاقتصادية الحادة في العراق,

يرى مراقبون ان التدخل الأخير يعد عنوانا جديدا لتثبيت تواجد دائم لها عبر الاعلان عن اقامة ثلاث قواعد عسكرية جديدة ليصل المجموع الى ١٥ قاعدة عسكرية أغلبها في اربيل ودهوك, وأن أهداف العملية العسكرية بحسب وزير الدفاع التركي ترسيخ حضور دائم واستمرار التواجد التركي في العراق خاصة في منطقة بعشيقة التي تبعد ١٥٠ كم عن الحدود التركية.

وأشارت مصادر سياسية بأن التدخل العسكري التركي يأتي ضمن اتفاق بين أنقرة وأربيل, حيث ينظر الطرفان بأن حزب العمال الكردستاني خصم مشترك لهما,كما وان القوات الكردية تعتبر نفسها حليف للقوات التركية التي تتلقى الدعم والتدريب على يد القوات التركية, اضافة الى التناغم بين انقرة وبرزاني في شتى المجالات خصوصا المصالح الاقتصادية مع انقرة, وابرزها على سبيل المثال عقد النفط والغاز المبرم بينهما على مدار خمسة عقود قادمة, كما وان اغلب الشركات التركية هي التي تقود عمليات البناء والاعمار في شمال العراق,

ومن الملفات الاخرى التي تستغلها تركيا للتدخل في الشان العراقي الاقلية التركمانية حيث ترى انقرة بان التركمان في العراق جزء من الأمة التركية, مثلمااستغلوا القضية الكردية سابقا ولا زال ضد الحكومة العراقية, الان يحاولون استثمار الأقلية التركمانيه, خاصة وأن قضية التركمان ظهرت حديثا على تركيا التي بدأت بطرحها في التسعينات لاستغلالها ضد الحكومة العراقية, وترغب تركيا أن تكون للأقلية التركمانية تأثير في السياسة العراقية والامساك بزمام الامور في كركوك الغنية بالنفط, إلا أن التركمان مختلفون مذهبيا منهم من يؤيد تركيا والآخر معارض لها.

كما يتصدر ملف المياة تاريخيا قائمة الملفات المفتوحة بين البلدين, وبقيت مشكلة المياه قائمة وتزداد تعقيدا بمرور الزمن, ويتمثل جوهر المشكلة سعي تركيا لفرض سيطرتها على مياه النهرين دجلة والفرات, بدعوى مبدأ السيادة المطلقة لها, وهو أمر منافي للواقع والاتفاقات الدولية, كما وان المشاريع التركية تؤثر بشكل سلبي على حصة العراق المائية وامنه الغذائي, فيما تؤكد بعض التقارير بأن تركيا تريد استخدام تلك القضية ورقة للمساومة مع بغداد حول الطاقة والحدود.

مما يؤكد النوايا السيئه التي تضمرها تركيا لوحدة العراق, والذي كانت تنادي دوما وتكرارا بأن وحدة وتماسك نسيج الشعب العراقي وسيادته الوطنية يهمها بالدرجة الاولى لكن سرعان ما كشفت هذه النوايا من خلال تدخلاتها العسكرية في شمال العراق.

مع العلم ان العراق يستطيع ان يستغل العلاقات الاقتصادية مع تركيا, حيث وصل حجم التبادل التجاري معها الى ١٥ مليار دولار سنويا, وتطمح ان يصل الى حدود ٢٠ مليار دولار سنويا, هذا بالإضافة الى ٨٠٠ شركة تركية عاملة في العراق مع ما تعانيه تركيا من مشاكل داخلية وخارجية انعكست على الاقتصاد التركي وانخفاض الليرة التركية.