من المؤكد ان التخطيط الناجح والمدروس وفق رؤية علمية منطقية تعد من قبل خبراء متخصصين،سينعكس ايجابيا على الفرد وكافة نواحي الحياة بالرفاه والاستقرار,ولعل العراق من اكثر الدول تراجعاً في عملية التخطيط على الرغم من وجود العنصر البشري متمثلاً بالعلماء والمبدعين والمفكرين ورحم الوطن لازال قادر على الإنجاب والعطاء ،وأما الجانب المادي (نفط ,وزراعة ,وسياحة ) الفكر والمال هما القوتان الرئيسيتان لنجاح بناء دولة قوية ،فوجود النظام الدكتاتوري وتوليه سدة الحكم هي المشكلة بحد ذاتها وبيت القصيد يكمن كيف نخطط ونبني وهو من يضع العصا في عجلة التقدم؟لأكثر من أربعة عقود من الزمن المظلم والبلد يقوده مخططين لا يصنعون سوى الفوضى والحرب وفوهة البندقية التي لا تنطفئ نارها ،والمتاجرة بأرواح الملايين وبمقدراتهم ولافتات تشير الى موتى وأخرى عبارات كتب عليها يا محلى النصر بعون الله،والهزيمة تلاحق أذيالنا وثقافة التخطيط للسطو وللقتل ولاستباحة الأعراض هي الخطة الخماسية والركيزة الأساسية في عمل جمهورية الخوف،التي سعت لتحطم هوية الفرد وثقافته لواقع مرير،وقدمت لنا ارآمل وأمهات ثكلى وأطفال يتساءلون بين الحين والآخر عن إباؤهم ،ودول تطالب بديونهم وأخرى تطالب بتعويضات ،فعندما أتجول في بغداد العاصمة والمحافظات لم أجد ما يوحي بان هنالك تخطيط صحيح لبناء دولة حضارية تشعر الإنسان بإنسانيته، فجميع الأموال وعائدات النفط كانت تخصص للمجهود الحربي والاستعداد للمنازلة في ساحات القتال وشراء الأسلحة واستئجار طائرات من دول عظمى لقصف دور أبناء الوطن وهدمها على رؤوسهم ،وشراء ذمم كتاب ومثقفين يبحثون عن الجاه والمال لصناعة ألقاب رئيس الثورة والمهيب والضرورة وغيرها ما انزل الله بها من سلطان،وتزيين صورته السوداء ،تاركاً وراؤه
الشعب الذي يبحث عن فقدان التخطيط في أزمات لا تنتهي من الأعمار والخدمات والصحة والتعليم وتدني في مستوى الدخل لثلاثة دولارات راتب الموظف الشهري،وغياب الشروع في عمل البنى التحتية ،فالمهم هو بقاء فارس الأمة العربية على صهوة جوداه وبندقية البرنو واقفة شامخة بيده وليذهب بعده الجميع للجحيم,وطيلة فترة الحقبة المظلمة لم تكن هنالك أية خطوات أو رؤى نستدل بها لوجود تخطيط ناجح ومنطقي فلا وجود لأهداف محددة مسبقة للعمل بها ،ولا سياسات وقواعد نسترشد بها في اختيارنا لأسلوب تحقيق الهدف،أو وضع واختيار بديل من بين عدة بدائل متاحة لتنفيذ المطلوب،وعدم توفر تحديد الإمكانات اللازمة لتنفيذ هذا البديل،وغياب البرامج الزمنية اللازمة لتنفيذ الهدف،والتي تتناول تحديد النشاطات اللازمة للتحقيق،وكيفية القيام بهذه النشاطات؟،والترتيب الزمني للقيام بها ثم تحديد المسؤولية في تنفيذ هذا النشاط,هذا التحليل الموضوعي والمهني للبدء بعملية التخطيط استبدل بقرارات انفرادية واختزل بشخص القائد الأوحد وحديثه عن القبلية والزيتوني والشارب وكيفية ملاحقة القوى المعارضة ووصفهم بالخونة ,اليوم وبعد التغيير الذي حصل في زلزال (2003) هنالك إخفاقات وهفوات يقابلها مكتسبات ومنجزات قدمها الشعب لبناء دولته ،ولعل ابسط شيء منها مضت فترة الزنزانات المظلمة وجيء بالحرية التي غيبت عن الوطن،فالتجربة الديمقراطية فتية وتحتاج للصبر على التحديات والمجيء بقيادات قادرة على الانجاز وتتمتع بالمهنية والكفاءة ،وبصيص الأمل ينطلق فيغمرني شعور بالفرح والاطمئنان على العراق ولعائلتي من خلال قراءتي ومشاهدتي المستمرة لإصرار العراقيين في تجاوز المحن والتحديات ،نحتاج زيارات ميدانية من شخص الوزير ومتابعته وتفقده ميدانياً للمشاريع في المحافظات المزمع انجازها والوقوف على نقاط الضعف والقوة،هو الدليل الذي يجسد صدق العمل والرضا مع الله وراحة الضمير،فاتخاذه القرار من موقع الحدث والمعاينة للمشروع،والمحاسبة والمساءلة للتلكؤ جزء مهم للارتقاء لتحقيق الخطط
الموضوعة،والاهم هو الرؤيا الكاملة للقرار المالي الذي يخصص ويصرف في مكانه المناسب ،التحديات كثيرة والتاريخ سيكتب عن كل صغيرة وكبيرة ومحاسبة المفسدين أكثرها تحداً في جولاته الميدانية ،وأشرسها الذئاب المتوحشة التي تضمر في نفوسها الخراب والدمار يقودهم الفساد والإرهاب اللذان عطلا الكثير من المشاريع التي خصصت للأعمار والنهوض بالبلد،هنالك من لا يريد للعراق النهوض وتضميد جراحه وان لا يكون قوياً حتى في صوته ،واقدر انها مسؤولية أخلاقية ووطنية وشرعية كبيرة على عاتق الوزير وجنوده من الوزارة بأنه سيعبر بنا لشاطئ الخير والأمان حتى لا تذهب أموالنا في مشاريع لا تضر ولا تنفع المحافظات مطالبة أيضاُ بالتعاون والتنسيق معه وتمد يدها بقوة أليه وتقدم مشاريعها بما يتناسب مع الأهمية والحاجة الفعلية لمواطنيها ،فتوحيد الرؤى لما يخدم العمل سيوفر فرصة اتخاذ القرار بشكلاً صحيح وسريع للحاق بركب الزمن والتقدم .