تناقلت عدد من الفضائيات وخاصة العراقية خبر مفاده أن داعش أمرت بأستناف الدراسة في المناطق التي تسيطر عليها في محافظة كركوك ( التأميم سابقاً ) وجاء في الخبر انها أمرت أيضاً بألغاء بعض الدروس من المناهج المقرة مثل النشيد والموسيقى والرياضة والرسم والفنية والوطنية و بحسب ماتقوله المصادر أنها تنوي اعادة النظر في دروس الفيزياء والكيمياء وقياساً على ذلك سيشمل التعديل التاريخ والجغرافيا ضمن هذه التعديلات . من المعروف والبديهي أن للتعليم شأن كبير في حياة الامم منذ ان خلق الله البشر ولولاه لما وصلت البشرية الى ما وصلت اليه اليوم , خلق الله آدم عليه السلام وعلمه الاسماء كلها (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ( 31 ) قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ( 32 ) قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ( 33 ) ) ) الله جل وعلى هو المعلّم الاول ويقال أنه سبحانه بعث 124 ألف نبي ورسول لهداية وتعليم البشر وأنزل عدد من الكتب السماوية . الحقيقة المبهرة والعجيبة أن الله جل شأنه لم يعلم الانسان فقط بل علّم كل شيئ خلقه سبحانه , من حيوانات وطيور ونبات وحشرات وفايروسات وجراثيم . كلها تمتلك شيئ من المعرفة بحسب حاجتها والهدف الذي خُلقت من أجله . نعرف أن هناك نوعان من المعرفة والعلوم
النوع الاول علوم وجدانية . وهذه يبثها الله في المخلوق قبل ولادته بشر وغير بشر
والنوع الثاني علوم مكتسبة . وهذا مانريد الخوض فيه , فقد تعلم الانسان الكثير من العلوم والمعرفة ومستمرفي ذلك نتيجة عقله المتطور , وهناك حقيقة يدركها الجميع كلما تفوق المخلوق في معلوماته حافض على بقائه ونسله من الانقراض وكلما تضائلت معلوماته تضائلت فرص أستمرارية بقائه في الحياة .
المعنى من هذا الكلام . أن العلم حالة اساسية في حياة الانسان , فقال جل شأنه ( وهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) وأيضاً قالو , أطلب العلم من المهد الى اللحد وقالو أطلب العلم ولوفي الصين . والمقصود من القول الاول الاستمرارية والمواضبة في طلب العلم دون توقف . والقول الثاني تحمل الجهد والمشقة مهما كانت كبيرة وثقيلة في سبيل الحصول والبحث عن العلم أين ما كان , ونستشهد كذلك بقول الفيلسوف ( افلاطون ) حيث يقول العلم هوالفضيلة والجهل هو الرذيلة . ما ورد من كلام يستوجب منا أن نضع مناهج دراسية معتمدة عالمياً أساسها العلم والمعرفة قابلة للتطور غير خاضعة لهوى ورغبات الحكام في مجال العلوم الصرفة والعلوم الانسانية والحياتية . وهذا هو السائد في أغلب دول العالم المتطورة , ويختلف الحال عندنا في الوطن العربي عموماً والعراق خصوصاً . فنرى ان العلوم الانسانية في اغلبها يخضع جزء كبير منها الى هوى السياسين والحكام . اهمية التعليم والمعلم تتفاوت بحسب الزمان والمكان . الدول المتطورة بالرغم من كل الضروف التي مرت بها من صراعات وحروب وكساد ومجاعات ألا أنها تولي اهمية بالغة للتعليم وتستحوذ على أهتمام السياسين والمجتمع أوصلتهم الى مستوى عالي من المعرفة وجعلت أياديهم فوق كل الايادي . في العراق كان التعليم ألزامي , في العهد الملكي كانت الشرطة تبحث وتطارد المتخلف عن الالتحاق بالمدرسة وكانت المناهج الدراسية من ناحية الكم والنوع في غاية التطور قياساً لزمانها وزماننا هذا حتى سنة 1958 بدأ الضعف يعتريها من ناحية المضمون وفي سنة 1970 ولحد 2003 كانت هناك طفرة نوعية ضخمة أفقية وعمودية وتطور هائل في مجال التربية والتعليم من ناحية توفير وتطوير مستلزماتها من بنايات وكادر ولوازم دراسية وبعثات . لكن بقي المظمون دونه كما في العهد الملكي . أما بعد الاحتلال فهذه الطامة الكبرى أنهيار تام وتدمير شامل في مجال التربية والتعليم تدمير وتخريب ممنهج وهذا ماتقوم به وتشرف عليه كل من اميركا وأسرائيل بالدرجة الاساس ونظام الحكم في ايران , والهدف النهائي هوتخريب المجتمع . أسرائيل تصرف جهد هائل ومال كبير بغية تخريب العملية التربوية معتمدة على عملائها وعلى خلق مناخ وضروف تساهم في عملية التخريب هذه وخاصة المرحلة الابتدائية والمتوسطة وحالة التخريب في تصاعد مستمر أفقياً وعمودياً . الصيانة شبه مفقودة في عموم البنايات التي تخص التربية والتعليم والبنايات المستحدثة لا تنطبق عليها ابسط المواصفات المقبولة علاوة على خطورة سقوطها في اية لحضة نتيجة الفساد المالي والاداري والكفاءات العلمية هربت الى خارج العراق تستثمرها اميركا وغيرها من دول العدوان خبرات كبيرة مجانية دون ان تصرف عليها لا مالاً ولا جهداً . والدارسين في وضع نفسي وأجتماعي مزري جداً , مليونين ونصف نازح داخل العراق ومدارسهم مشغولة من قبل النازحين الصف الواحد في الضروف الاعتيادية يحتوي على 25 طالب وكل مقعد دراسي ( رحلة ) يجلس عليه طالبين أما الآن الصف الواحد يحتوي على 65 طالب والمقعد الدراسي يجلس عليه أربعة اشخاص وقسم من الطلاب يجلسون على الارض وموضوع النظافة منعدم كلياً في المدارس التي تعلم طلابها النضافة وأغلب أدارات المدارس فاشلة وبدون خبرة وغير مؤهلة , كذلك المشرفين التربويين نتيجة فرضهم من قبل الاحزاب المتنفذة , ينبني على ذلك عدم قدرة المعلم من تأدية واجباته بالشكل الصحيح ومتابعة هذا الكم الكبير الغير الاعتيادي وايصال المعلومة المطلوبة وهذا الحال خلق حال جديد في مجال الدروس الخصوصية من ناحية الكم والسعر فقد ارتفع متوسط سعر الدرس الواحد من 200 ألف دينار بعد الاحتلال الى مليون دينار حالياً مما اثقل كاهل ذوي الطلاب , القرطاسية والكتب لا تسلّم للطلاب دفعة واحدة بل على شكل مراحل متباعدة وقسم منها قديمة والغريب توفرها في الاسواق تُسَرب من مخازن التربية والمدارس . علاوة على تسريب الطلاب وتركهم الدراسة لكلفتها العالية و بسبب بحثهم عن عمل يقيتون به عوائلهم وكذلك اليأس من حصولهم على وظيفة تتناسب وتحصيلهم الدراسي , كثير من الخريجين يبحث عن وضيفة عامل خدمات كي يعيش أو يعمل في أي مجال لا يتناسب وتحصيله العلمي مما خلق ذلك العزوف عن الاستمرار في الدراسة وعدم الاهتمام بها وهذا كله انعكس وينعكس على الجانب الثقافي بشكل عام نتيجة اليأس والاحباط وشضف العيش , فدخل متوسط الفرد لا يتناسب مع متطلبات المعيشة ويؤدي ذلك الى حالة من القلق وعدم الاستقرار علاوة على الوضع الامني المزري الذي خرّب كل شيء مما يدفع بعض الطلاب سيئي الاخلاق بالتجاوز والاعتداء على اساتذتهم وكذلك بروز ظاهرة التحزب في المعاهد والجامعات مثلاً الجامعة المستنصرية يسود فيها حزب الدعوة وكلية المأمون يسود فيها البدريين وهكذا بقية الكليات مشغولين برفع صور المراجع الدينية وأحياناً التكتل العشائري , الجوالعام تسوده الحزبية والطائفية والعشائرية. والعالم والعرب يتفرجون ويكيلون بمكيالين , عند احداث سنجار قامت القيامة لكن في غيرها الاحداث شيء آخر لا تعني أحداً. وصل التردي في مجال التربية والتعليم الى منزلق خطير جداً , التعين الوضيفي فيها وصل الى دفع مبلغ عشرة ملايين دينار رشوة مقابل التعين والوزير من كتلة صالح المطلك نائب رئيس الوزراء في عهد نوري المالكي , كيف يقودون بلد وهم بهذا الحال من الفساد والخراب , ماهو عمل الاجهزة الامنية من ذلك , وأين دور الاحزاب السياسية من هذا الفساد الم يسمع الحكيم ومقتى الصدر والنجيفي وصالح المطلك نفسه ناهيك عن الفساد الذي طال جميع دوائر الدولة أم أن هؤلاء وغيرهم من السياسين لا همَ لهم سوى جمع المال الحرام وتعيين من ينتمي لأحزابهم احزاب التخريب وأكل الثريد ولسان حالهم يقول ( قل ما تريد ولا تريد خلق الله للعلوم رجالاً ورجالاً لقصعة وثريد ) حَسبْنا أننا سنطور من مناهجنا الدراسية و وسائل تعليمها في المجال الانساني والعلمي . لكن العكس هو الذي حدث تردي رهيب وأنهيار عظيم . وهذا الحال هو السمة الاساسية للمجتمع بعد سنين قليلة وسيفقد كل القيم الاجتماعية الحميده وهذا ما يسعى اليه أعدائنا وبقوة و خاصة اميركا واسرائيل ونظام حكم الملالي . أذا استمر الحال على هذا المنوال فأقرأ على المجتمع العراقي السلام . نحن بحاجة الى ثورة ثقافية مثل التي حدثت في الصين وهذه لن تتحقق أذا لم تكن هناك ثورة شاملة على مستوى العراق تنظفه من ادران الاحتلال وعملائه .