-1-
يقول أحمد أمين في كتابه ضحى الاسلام ج1 ص126
” وظلّ الأصمعيّ يتقرّب الى البرامكة ويمدحهم فلما نكبوا قال فيهم :
اذا ذُكِرَ الشركُ في مجلسٍ
أضاءت وجوهُ بني بَرمَكِ
وإنْ تُليتْ عندهم آيةٌ
أَتوْا بالأحاديثِ عن مَزْدَكِ
وهكذا انقلب الأصمعي على البرامكة بمجرد ان دالت دولتُهم، وانهارت شوكتُهم ، وغضب عليهم السلطان …!!
انّ التحول السريع من المديح الى الذمّ ، واختيار الصفات والسمات المنكرة وإلصاقها بمن كانوا بالأمس موضع التعظيم والتبجيل ، يدل على الدونية ، والجوهر الرخيص ..!!
والسؤال الذي يطرح نفسه بالحاح اذا كان المذموم بهذا الوصف الذي تصفه به ، فكيف كنت تبالغ في الثناء عليه ؟
وقديماً قيل :
من مَدَحَ وذَمَّ فقد كذب مرتين …
-2-
ان الساحة السياسية العراقية تشهد كثيراً من هذه التحولات السريعة في المواقف والعواطف ..!!
وهي تكشف بما لامجال للنقاش فيه عن ان هناك فريقاً من الناس ، لاتهمهُم (المبادئ) وانما تهمهم (المصالح) ، فهم عبيدُها المخلصون ، وجنودُها البارعون … وانا لله وانا اليه راجعون .
-3-
ونترفع عن ذكر الاسماء والأرقام لانها معروفة شائعة ، ولاننا نُعنى بنقد الظواهر السلبية ولا نتعرض للأشخاص .
-4-
واذا كان الحديث عن ” الأصمعي” وانتهازيته من التاريخ البعيد ، فاننا سنورد لكم حكاية من التاريخ القريب :
ترافع عندي اثنان من رجال الأعمال في أواخر الثمانينيات ، وأنا يومها بلندن ،في قضية ماليّة .
وحين شخصنا الطرف المقّصر ، سارع الى القول :
انّ صاحِبَه المتنازع معه ، وثيقُ الصلة بسفارة صداّم ..!!
فقلتُ له على الفور :
هذه عليك وليست لك .
أتدري لماذا ؟
لأنك انْ كنت تعلمُ أنه وثيق الصلة بسفارة صداّم فكيف تُقدم على التعامل معه دون ان تُحسب لهذه القضية حسابها ؟
ولماذا تذكرها الآن فقط ؟
فلم يحر جواباً ..!!
-5-
انّ أزمتنا الراهنة هي أزمة أخلاق قبل ان تكون شيئاً آخر والاّ فما معنى شيوع التزوير والخطف للحصول على الفدية والانخراط في صفوف الإرهابيين القتلة ..!!
وقد قال الشاعر :
وانما الامم الأخلاق ما بقيتْ
فانْ همُ ذهبتْ أخلاقُهم ذَهَبوُا
-6-
ان التدني الأخلاقي قد بلغ ذروته …
ولقد بلغ السيل الزبى، وليس ثمة من حلول ناجعهَ الاّ باذكاء الحس الأخلاقي ومع الأسف الشديد نكرّر مع الشاعر العربي قوله :
لقد أَسمعتَ لو ناديتَ حيّاً
ولكنْ لاحياةَ لمن تُنادي
[email protected]