كل الشواهد التاريخية لأسباب الحروب العالمية السابقة إقتصادية بحتة، خذ مثلاً الحرب العالمية الثانية بعد الركود الأقتصادي الذي أستمر دون أن يتعافى من ١٩٢٩ لسنة ١٩٣٩ فكان لابد من مهدي منقذ، وقد حصل بفضل الحرب العالمية الثانية، وما ترتبت عليها من تغيرات جذرية قلبت الدائن لمدين وبالعكس، وكادت تعود الحرب مرة ثانية بسبب زيف رصيد الدولار، والكل يعرف كيف تربع الدولار الأمريكي على العرش ١٩٤٤ وكيف نجى العالم، من حرب كانت على الأبواب لزيف رصيد الدولار، بفضل إتفاقية البترودولار عام ١٩٧١ مع السعودية.
كذلك الحال اليوم، فكل الدلائل الأقتصادية تشير الى إنهيار تام للإقتصاد العالمي على الأبواب.
لماذا؟
الوضع الأقتصادي العالمي في حالة ركود منذ ٢٠٠٧ – ٢٠٠٨، ولولا وباء كرونا؛ الذي بات مجازاً”المهدي المنتظر، أي كمانع ومنقذ للعالم من سيناريو حرب عالمية كانت تلوح في الأفق! وما ظهور “تفشي” المنقذ “كرونا” في الحقيقة سوى مجرد مصادفة عرضية في قلب تاريخ الركود والحرب الأقتصادية؛ أي ؛ حاله حال من قبله من أوبئة طالت البشرية عبر العصور، فتاريخ الأوبئة منذ العصر البرونزي، هو السيف القاطع على تكهنات قساوسة الفيس بوك وفقاعات تويتر، وتخريف الشيوخ من قصص لمؤامرات خلف الأبواب وعقاب الله، فمن الناحية التنبؤية بيولوجياً، أعتقد يتمكن العلماء بحسابات بيولوجية من تقدير ظهور وأنتشار فايروس معروف سابقاً في زمن معين ما، وهذا ليس وحياً وإنما علم، فلاغرابة من أن نشهد مقال أو كتاب ذكر إمكان ظهور وباء فايروس كرونا في سنة ٢٠٢٠.
لذا لا أؤيد أي تدخل بشري ولا حتى إلهي، في نشر فايروس ما، فخير مثال وباء جوستنيان ٥٤١، الذي راح ضحيته نصف سكان الأمبراطورية الرومانية الأقوى في العالم بلا منازع، وتقدر ضاحيا الوباء بأكثر من عشرة ملايين، ثم لحقه الطاعون الأنطوني الذي قضى على جيوش الأمبراطورية وعلى ١٥% من السكان عام ١٦٥- ١٨٠… م .. ثم طاعون “الموت الأسود” في القرن الرابع عشر .م. والذي التهم نصف سكان أوربا وتم قطع كافة التبادلات التجارية، وحشر الكهنوت المسيحي أنفه لجعله عقاباً من الله، فتم أتهام اليهود والأطباء وقتها وحرق الكثير منهم، وما أعفي أحد من الموت من اليهود إلا من بدل دينه وللقصة تفاصيل دقيقة. وهكذا الحال في زمن كل وباء، يتفشى بموازاته وباء غباء ، يؤشر على أرتفاع أسهم شركات الكهنوت، في أسواق بورصة الجاهلية.
طاعون الماضي القريب من عام ٢٠١٧ في مدغشقر (الطاعون الرؤي ودبلي) أنتشر في كافة مقاطعات مدغشقر ال ١١٤، ولو لاحظنا أن طاعون الماضي لم يكن مصدره الصين بل مصر أو دول شرق أسيا، كما يعتقد؛ بسبب غزوات الأمبراطورية الرومانية بما حملت جنودها وقوافل شحنها من فايروسات وأمراض فتكت بالأمبراطورية الرومانية، بالأضافة الى العامل الأيكولوجي (علاقة الكائنات الحية ببيئتها الطبيعية) في ذاك الماضي البعيد من الزمان، أو تهم لطائفة دينية أو علمية، أما طاعون مدغشقر فقد كان أمتداد لطاعون الصين في المنتصف الأول للقرن التاسع عشر، ثم حل وباء كرونا الذي أنتشر في السعودية، برحب السعة دون أية ضجة أعلامية أو أتهامات حدسية لدور دول ما تذكر!!
ما نستفاد من التاريخ : يقول أستاذ الدراسات الكلاسيكية والأدبية في جامعة أوكلاهوما وصاحب كتاب * مصير روما: التاريخ، المرض، ونهاية الامبراطورية. نقلاً عن المصدر: بروجيكت سينديكيت. عن معرض حديثه عن طاعون مدغشقر:
يقول:
(وقد يكون ذلك أعمق درس من التاريخ الطويل لهذه الآفة؛ فالتطور البيولوجي ماكر وخطير، ويمكن للطفرات الصغيرة أن تغير فوعة المُسبب في المرض أو قدرة انتقاله، لكن تطوره متواصل.
قد نستطيع السيطرة على الطاعون اليوم، على الرغم من الأحداث في شرق أفريقيا، ولكن تاريخنا الطويل مع هذا المرض يدل على أن سيطرتنا عليه واهنة، ومن المرجح أن تكون عابرة، وأن التهديدات على الصحة العامة في أي مكان تشكل تهديدا للصحة العامة في كل مكان) أنتهى.
نستخلص من قوله، أن لاوجود لأي مؤامرة وإنما تحليلات منطقية علمية، تتحدث سلالة جينية أحدثت الأوبئة في القرون الماضية ولازالت سلالتها تتطور بمكرها وليس هناك من كابح لها، كذلك الأمر لفايروس كرونا، وكرونا كلمة “لاتينية” تعني التاج. هو لايختلف في مكره وتطوره وأنتقاله عما سبق من ذكر.
ما نلمس من غياب العقلنة بإتهام اليهود والأطباء بنشر الفايروس سابقاً، نشهد ذات النهج الفكري في رمي السبب على العامل البشري أو الألهي، مما يدفع لصعود دولار وكلاء الله في الأرض، ليتصدروا اليوم المشهد، والغلبة للكهنوت الأسلامي، الذي بات كالمنشار، صاعد يأكل نازل يأكل!