23 أغسطس، 2025 10:17 ص

التحضير للانتخابات في العراق وسط التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط

التحضير للانتخابات في العراق وسط التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط

مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في العراق، تعود الأحزاب السياسية التقليدية إلى أساليبها المعتادة، عبر العزف على وتر الطائفية واستبعاد بعض المرشحين بحجة “اجتثاث البعث”، رغم مرور أكثر من 22 عامًا على تغيير النظام السابق.

لقد أدى غياب الهوية الوطنية الجامعة، والاستقطاب الطائفي، والاعتماد على الاقتصاد الريعي، إلى تفكيك البنية السياسية العراقية، حيث باتت السيطرة موزعة بين عائلات وأحزاب وميليشيات، لكل منها مصالح متعارضة. ولم يقدم هذا النظام أي مشروع حقيقي لبناء دولة مؤسسات، بل تكرس الفساد وتدهورت الخدمات إلى حد الانعدام شبه التام.

هذه الحالة المشحونة بالصراعات على النفوذ، والتي غالبًا ما تأخذ طابعًا طائفيًا تستغل الانتماءات المذهبية لتعبئة الجماهير وتشكيل التحالفات السياسية، على حساب الوحدة الوطنية، وهو ما جعل المواطن العراقي البسيط عرضة للتضليل والاستغلال.

ومن أبرز المفارقات أن العراق، رغم إنتاجه أكثر من أربعة ملايين برميل نفط يوميًا، ما زال يعيش أزمات معيشية خانقة، إذ ترزح نسبة كبيرة من السكان تحت خط الفقر، بينما تصل بطالة الشباب إلى نحو 40% وفقًا لصندوق النقد الدولي. وقد ولّدت سنوات الفساد منذ 2003 طبقات اجتماعية جديدة، عمّقت الهوة بين النخب المستفيدة وبقية الشعب.
وفي الوقت نفسه، يواجه العراق ضغوطًا إقليمية ودولية متزايدة، في ظل تراجع النفوذ الإيراني في بعض الساحات كلبنان وسوريا، وتحوّل العراق إلى ساحة مفتوحة للفصائل المسلحة. قد يؤدي الى فرض عقوبات أميركية جديدة، تزيد من هشاشة الوضع السياسي والاقتصادي .
أصبح الحديث عن تشكيل حكومة شاملة تضمن تمثيلًا حقيقيًا لجميع مكونات المجتمع العراقي أقرب إلى الأمنيات. ومع غياب العدالة في توزيع عائدات النفط، فإن احتمالات عودة موجات التظاهر والاضطراب تبدو حتمية، في ظل استمرار النفوذ الإيراني وشبكات الميليشيات الولائية التي تم تأسيسها بشكل منهجي خلال السنوات الماضية.

ما يبقي النظام العراقي قائمًا ليس قوة مؤسساته أو مشروعه الوطني، بل التوازن القائم بين الولايات المتحدة وإيران. غير أن هذا التوازن يبدو مهددًا مع التغيرات الدراماتيكية الجارية في المنطقة، والتصعيد المتزايد تجاه إيران، الذي تزامن مع بدء انسحاب القوات الأميركية من بعض قواعدها في بغداد والأنبار الى أربيل .

اليوم، يقف العراق في قلب أزمة مزدوجة: سياسية وأمنية، بينما يغرق أكثر فأكثر في دوامة الفساد والطائفية والديمقراطية المشوهة. يبحث العراقيون عن صيغة تضمن لهم الأمن والديمقراطية معًا، لكن المؤشرات كلها توحي بأن التغيير المقبل قد لا يأتي عبر صناديق الاقتراع، بل خارج الإطار الديمقراطي التقليدي .

أحدث المقالات

أحدث المقالات