بعد تأزم الموقف الأمني في العراق ، خلال حزيران الجاري 2014 ، بدخول تنظيمات (داعش) الإرهابية أراض من نينوى ، لم تكن هي المفاجأة التي تعرّض إليها العراق ، فداعش ومن دعش دعشهم من العراقيين نزلوا السهل والجبل والوادي والهضاب والصحارى ، لم ينزلوها بعصا نبي الله موسى(ع) بليلة وضحاها ، ولكنهم حشّدوا وخططوا وهجموا ، بعدما تآمروا واتفقوا مع سنّة عراقيين حتى النخاع .
فتوى المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله العظمى السيد علي السيستاني جاءت بعدما طفح الكيل ، وضاق صبر العراقيين الشيعة ، بحيث أحس سماحته بأن العراقيين لن يسكتوا على ضيم .. لن يسكتوا على تهديد .. لن يسمحوا ببقيع جديد على أرض العراق .
تدافعت النخوات العراقية المجيدة .. مستمدة ً إرادتها وعزمها من مورثوهم الوطني التليد .. أجدادهم رجال الثورة العراقية الكبرى .. ثورة العشرين الخالدة .
ربّما يسأل سائل ؛ لكن ثورة العشرين كانت بين الشعب والمحتل البريطاني الغازي!!؟ نقول : نعم ؛ إنه الغزو ؛ والغزو هو الغزو ، إن كان بريطانياً ، أو كان مقنعاً بقناع داعش .. إن كان غزواً لفلسطين أو كان غزواً لجنوب لبنان .. إن كان غزواً لمشهد خراسان الإمام الرضا(ع) أو كان غزواً لوادي الغرقد في البقيع بأرض يثرب .. إنه الغزو الذي طال مرقدي الإمامين العسكريين(ع) بسامراء العراق ، الذي يجب أن لايتكرر.. إنه الغزو الذي طال أضرحة الأئمة الأطهار(ع) في المدينة المنورة،الذي يجب أن لا يتكرر !
العراقيون يتحشدون في حالتين ؛ مرّة بتعبئة صدّاميّة بالجيش الشعبي ، ومرّة يتحشدون بتعبئة سيستانية بمتطوعي الحشد الشعبي . ربّما تتشابه الأسماء والإصطلاحات ، إلا أن الفارق كبيرٌ بين التعبئتين ، فالتعبئة الصدامية بالإكراه والخوف والإجبار والقهر السياسي ، بينما في الحالة التعبوية الثانية ؛ فبالرضاء والوفاء والولاء والفداء للمذهب والوطن .
لا فرق َ بين غاز بريطاني أو غاز داعشي .. الغازي البريطاني مدعّم بالجواسيس ، والغازي الداعشي مدعّم بالحاضنات . مشكلتنا نحن العرب ؛ إننا كما وصفنا مظفر النواب بصوته الذي انطلق من دمشق العروبة والتضحيات مطلع سبعينات القرن الماضي ، وإذا كان النواب لم يستثن أحدا ، فأنا أستثني من العرب الكثير ، فلو خليت لقلبت !
المواطن العراقي الشيعي جاهد لأجل الوصول إلى هذه اللحظة الديمقراطية التي يقول فيها كلمته ، ويتحدى بها الباطل بكل شجاعة واقتدار ، لهذا ترى شيعة العراق اليوم يتدافعون لأجل العراق ، كلما نالته يد الغادرين ، فلو كان في الأنبار من يكون كافياً شعبه ويلات الحراب ، لما تناخى الشيعة من كل المحافظات لأجل الذود عن الخطر الداعشي المقيت ، ولو كان في نينوى من يكون كافياً شعبه ويلات الغزو ، لما تطوّع الشيعة للقتال. لأن الشيعة يرون الوطن يبيعه مواطنون من المحافظات الحاضنة للإرهاب لهذا لفتوى زعيمه الشيعي السيستاني استجاب.
المرجعية الشيعية قرارٌ غائبٌ لا يظهر إلا في الأزمات ، فالمراجع الشيعية في النجف الشرف وسامراء وكربلاء أطلقت الفتاوى التي دعت العراقيين إلى مواجهة الإحتلال البريطاني المحتل ، وهي ذاتها التي تتعالى أصواتها اليوم من النجف الأشرف .. قيادتها الروحية العليا ، ليتردد صداها على كل منابر الشيعة في المحافظات العراقية الشيعية . لم نسمع ولم نر موقفاً أو صوتاً يتعالى من مراجع سنّة العراق بحجم ما تجلى من مراجع الشيعة في العراق وخارجه ، وكأن الشأن ليس عراقياً ، بل ؛ شيعياً حسب ، مع الأسف الشديد ؛ لم نر أية دعوة من مراجع السنّة تدعو إلى تجييش جيش جماهيري شعبي وطني لمواجهة مسلحي داعش !!!
نعم ؛ برزت مواقف عشائرية رائعة من العراقيين السنّة ، لم تظهر بتأثير الفتاوى السنيّة ، لكنها ظهرت بسبب الروح الوطنية وحماية المكانة الذاتية العشائرية .. إنها فورة أبيّة ضد الباطل لا تأثراً بفتوى السيد السيستاني ، فلتكن ؛ المهم أن العراقيين تناخوا لأجل العراق ضد داعش ومن دعش دعشهم .
لكني هنا ؛ أتقدم بالمقترحات الآتية إلى العراقيين ، وإلى القيادات العراقية .. الحكومة .. البرلمانيين .. القيادة العامة للقوات المسلحة .. المديرية العامة للحشد الشعبي .. المراجع الدينية كافة .. مسلمين .. مسيحيين .. شيعة .. سنة .. ، وكما يلي :
1. تطويق محافظة الأنبار بقوات الجيش والمتطوعين وقطع الإمدادات الحدودية
2. تطويق محافظة نينوى بالجيش والمتطوعين وقطع الإمدادات الحدودية
3. تطويق محافظة التأميم بالجيش والمتطوعين وقطع الإمدادات الحدودية …
(مالم يكفينا البيشمركة هذا الشر بتوافق وطني وبراية عراقية)
وذلك للأسباب الآتية :
أولاً : تحفيز أهالي الأنبار على محاربة داعش ، ومن لم يحاربهم فهو منهم .
ثانياً : تحفيز أهالي نينوى على محاربة داعش ، ومن لم يحاربهم فهو منهم .
ثالثاً : تحفيز أهالي التأميم على محاربة داعش ، ومن لم يحاربهم فهو منهم .
أما المواطنون المقاومون لداعش والرافضون له ، فهم إما قادرون على إضعاف العدو الداعشي أو فارون من الأرض إلى خارجها ، وبهذا سوف لا يبقى على أرض المحافظة إلا داعشيٌّ أو حاضنٌ له ، وكلاهما إلى بئس المصير .
والحالة هذه ؛ فعندما يتم تشخيص المحافظات الموالية لداعش ، فهي تقع ضمن دائرة مخالفة القانون ، بجريمة مساعدة ومعاونة العدو بالخيانة العظمى بحق الوطن ، ومن هنا يحق للقوات المطوّقة لتلك المحافظات أن تعرّضها إلى نيران مطارق الجيش العراقي وضرباته ، وهجمات المتطوعين جوّاً وبرّاً دون عذر .
كما أن هذه الإجراءات المقترحة ستؤدي إلى عدم استنزاف الطاقات القتالية في تحرير مواطنين عراقيين هم اختاروا لأنفسهم هذا الخنوع لداعش ، فهم لايستحقون من العراقيين الشرفاء أي تضحية أو دعم كان ، وليحترقوا بويلات داعش و لبئس المصير .
إنَّ الفتوى العظيمة التي أطلقها آية الله العظمى السيد علي السيستاني في محاربة داعش ، لا يستحق معطياتها أي مواطن من المواطنين المحتضنين لداعش وإرهابه ، ومن ثم؛ هي طاقة مضمومة لحماية المقدسات الإسلامية الشيعية في سامراء وكربلاء وبغداد والنجف
الأشرف ، إذ ليس الجيش العراقي والمتطوعون الشيعة حطباً لتنور الخبز المعجون بدماء الشيعة العراقيين لأجل سنّة عراقيين اختاروا الولاء لداعش واحتضنوهم .
نعم ؛ لكل سنّي يحتضن أخاه الشيعي بحميمية وإخاء .. كلا لكل سنّي يحتضن داعشياً بخيانة وخنوع !
والله من وراء القصد ؛؛؛