في إحدى منظمات المجتمع المدني تجمع عدد من الناشطات حول فتاة أطلقت العنان لصراخها الهستيري وهي تحاول سرد حكايتها المأسوية مع مسئولها في العمل الذي يكرر محاولات مسك يدها أو أي جزء من جسمها وهو يردد عبارات التغزل الفاضحة مع تهديدها بالفصل إذا لم تتم الاستجابة إلى رغباته !!!!
هذه الشابة حسب تأكيد الناشطات المدنيات المهتمات بحقوق النساء ليست الوحيدة التي تتعرض لهكذا نوع من التحرش المنتشر ألان في المؤسسات الحكومية والأبطال هم المدراء العامون وأصحاب الدرجات الخاصة الذين يمتلكون قدرة التلويح بالإقالة أو البحث عن تهم جاهزة أخرى أو ممارسة أساليب الإقصاء والتعذيب المتعارف عليها في دوائر الدولة . ومن الملفت والجدير بالاهتمام قيام مجموعة باحثات وإعلاميات بدراسة هذه الظاهرة من خلال اللقاء بموظفات يتعرضن للتحرش في دوائرهن من قبل المسئولين ويضطررن للصمت أو ترك العمل خوفا من انتقاد المجتمع وحديث الناس الذي لا يرحم النساء وغالبا ما يلقي اللوم عليهن . الدراسة تضمنت تسليط الضوء على حالات كثيرة وتدعو للقلق لان فيها أرقام مخيفة لإعداد من المدراء ووكلاء الوزراء وضباط كبار يمارسون الضغوط على المنتسبات الشابات لأجل إجبارهن على فعل غير أخلاقي أو الخضوع إلى الحل الجاهز المتداول ألان في مؤسستنا الحكومية لكن بشيء من السرية وهو الزواج المنقطع (زواج المتعة) .
شجاعة الباحثات والناشطات المتصديات لهذه الظاهرة ذات الأبعاد غير الإنسانية والتي تتنافى مع قيم التمدن والتحضر المنشود توقفت على ما يبدو عند الاستماع لحكايات النساء المعنفات أو المتعرضات إلى شتى أنواع التحرش مع تسجيل الملاحظات وتكرار الوعود لهن بعدم ذكر الأسماء رغم وجود طموح ورغبة حقيقية في الإعلان عن الدراسة لعموم الرأي العام وتحريك الشارع والمؤسسات المدنية والبحثية للتعرف أكثر على الإحصائيات والوقوف على المسببات بل وتجنيد الطاقات لكشف المستور وازالة النقاب عن ظاهرة التحرش التي انتقلت بكل صورها البشعة والحيوانية من الشارع إلى مكاتب المسئولين .
ولعل موانع نشر الدراسة في وسائل الإعلام تكمن في ثقافة وأولويات وإرادات المجتمع الذكوري المهيمنة على الأوساط الإعلامية والثقافية والاكادمية التي لا تبتعد كثيرا في هذا المفصل بالذات عن مزاج وثقافة الشارع المثير للسخرية، هو غياب أي نوع من العقاب لمرتكبي هذه الجرائم حتى وان كشفت بل تتحول أصابع الاتهام بآلية اذلالية عجيبة نحو الضحية التي سرعان ما تطرد أو تنقل من دائرتها في أحسن الأحوال .
وفي تلك الدراسة الميدانية عشرات القصص التي تؤكد هذا النهج المتبع والتي لو قدر لها أن ترى النور لسارعت الكثير من العوائل لمنع بناتهم من العمل في تلك المؤسسات التي وصل فيها الفساد إلى اغتصاب الحريات وتجاوز كل الخطوط الحمر في التعامل الآدمي .
استطلاع قامت به إحدى الإعلاميات أوضح إن نسبة واحدة من كل عشرة موظفات يتعرضن بشكل متواصل للتحرش الذي تتفاوت أساليبه من قبل المسئولين الحكوميين بين الكلمات النابية والتلويح باستدراج الفتاة للقيام بفعل مشين وغير أخلاقي كما أوضح الاستطلاع تصدر مؤسسات ووزارات معينة سلم الدوائر الأكثر فسادا في مجال التحرش الصادر من مسئوليها المنقادين إلى غرائزهم والمنعمين بحماية أحزابهم وهي وزارات الثقافة والموارد المائية والصناعة والصحة والتجارة .
وعند العودة لجذور المشكلة يجد المتتبع لتلك السلوكيات إن مصدرها متأتي من آفة المحاصصة الحزبية والطائفية في توزيع المناصب والمغانم والامتيازات على حساب القرابة والانتماء بعيدا عن العلمية والمهنية المتوخاة في اختيار الأكثر نضجا ودراية الذي يسيطر على اهتماماته التفكير العلمي ومستوى الإنتاج وتطويريه .
واعتقد ان من المهم أن تشترك المنظمات المدنية مع المؤسسات الإعلامية ألان في نشر الوثائق التي تدين أعداد المسئولين المتهمين بالتحرش وإشراك الرأي العام في إظهار بشاعة هذا السلوك وإجبار الأحزاب المؤسسات التي تحميهم لأجل التنصل والبراءة من أفعالهم .
محررة سميراميس :
نحن بدورنا نضم صوتنا إلى أصوات هؤلاء النسوة ونتمنى على كل امرأة تمتلك شهادة تخصها أو تخص امرأة تعرفها أن تراسلنا على عنوان سميراميس ونحن نكفل السرية التامة، ونتمنى أيضا على كافة منظمات المجتمع المدني التي تعنى بشؤون المرأة ان ترسل ألينا بتقاريرها واستبياناتها بهذا الصدد أو أي موضوع آخر يختص بحقوق المرأة المسلوبة الآن في بلدنا . شكرنا وتقديرنا للكاتب عماد جاسم وسنهتم بنشر أية تفاصيل إضافية عن هذا الموضوع إن توفرت لديه .