23 ديسمبر، 2024 2:22 ص

التحديات الخارجية لحكومة كردستان الجديدة

التحديات الخارجية لحكومة كردستان الجديدة

“لفتة طيبة” هكذا يمكن وصف بيان العزاء الذي أصدره السيد نيجرفان برزاني رئيس مجلس وزراء حكومة كردستان تجاه الشعب المصري عقب حادث المنيا الإرهابي الذي استهدف عددا من أقباط مصر بالصعيد.

وقال نيجرفان بحسب رسالة صادرة عن حكومة الإقليم نعزي ذوي وأقارب الضحايا وشعب وحكومة مصر، ونعبر لهم عن تعاطفنا ومشاركتنا إياهم الأحزان، وندعو الله تعالى أن يلهم الجميع الصبر وأن يتغمد الضحايا برحمته ونأمل الشفاء العاجل للجرحى.

كنت أتمنى على السيد نيجرفان أن يهاتف الرئيس المصري السيد عبد الفتاح السيسي مباشرة ليعبر له عن مشاعره وتعازيه للحادث الأليم، وتضامن كردستان حكومة وشعبا مع جهود مصر وإجراءتها فى مكافحة الإرهاب.

التعاون فى مجال مكافحة الإرهاب الذي أثبتت فيه مصر وكردستان نجاحا ملحوظا قياسا بدول عديدة بالشرق الأوسط ربما يمثل أول أولي خطوات التعاون بين القاهرة وأربيل خاصة فى ظل استمرار تهديدات داعش بشمال العراق وجزيرة سيناء المصرية.

تحتاج كردستان لتفعيل وتنشيط علاقتها بجمهورية مصر العربية ، بحيث يتم تبادل الزيارات على مستوى الوزراء والمسئولين، ومنظمات المجتمع المدني والوفود الشعبية ، بصورة تستعيد معها العلاقات المصرية الكردية زخمها وروابطها التاريخية.
يحتاج المصريين أن يتعرفوا على الاكراد وكردستان عن قرب، فلا أخفيكم سرا أن معلومات قطاع كبير من الشعب المصري، ومنهم مثقفون، عن الأكراد مغلوطة بشكل كبير، نتيجة الإعلام الموجه الذي نجح فى الصاق تهمة السعي لتقسيم وتفتيت الوطن العربي للأكراد، ما أوجد حاجزا نفسيا لدى المصريين تجاه اى دفاع عن القضية الكردية.

يجهل قطاع عريض من المصريين الدور الذي لعبه الأكراد فى تاريخ مصر، ولا يصدقون أن كثيرا من الزعامات التاريخية، ورموز الثقافة المصرية ترجع جذورهم لأصول كردية، وهو أمر يوجب على القيادات الكردية وعلى رأسها حكومة الإقليم، العمل على استغلال ذلك التاريخ المشترك فى الوصول لأكبر قطاع ممكن من المصريين للتعريف بالقضية الكردية، وشرح حقيقتها لمواجهة محاولات الزيف والتغييب والشبهات المثارة حولها.

تحتاج الحكومة الكردستانية الجديدة برئاسة السيد نيجرفان لوضع العلاقات مع مصر كهدف استراتيجي ضمن سياساتها الخارجية، نظرا لما تمثله القاهرة من ثقل كبير ليس فى سياسات المنطقة العربية فحسب، بل للدور الذي تلعبه فى أزمات االشرق الأوسط والعالم بشكل عام .
يجدر بحكومة كردستان الجديدة أن تشكل إدارة خاصة بوزارة الخارجية بإسم مصر مهمتها فقط تحسين العلاقات مع القاهرة، والبحث عن سبل دعم وتعزيز العلاقات المصرية الكردستانية، واتباع كل الوسائل التي تعمق تلك العلاقات بما يخدم المصلحة الكردية.

أعتقد أن السيد نيجرفان يعي جيدا محورية الدور المصري بالمنطقة، ويدرك أهمية التقارب بين القاهرة وأربيل، وسبق وأعلن خلال استقباله القنصل العام لجمهورية مصر العربية في إقليم كردستان السفير تامر المليجي أن هناك أفقًا مضيئًا فى العلاقات، وأن الأوضاع تمضي باتجاه التحسن بحيث ستتمكن شركات مصر والدول الأخرى من الاستثمار في إقليم كردستان وتعزيز العلاقات في كل القطاعات.
تقارب حكومة كردستان مع مصر سيفتح أمامها أبواب الدول العربية الكبري مثل السعودية والإمارات وقد تلعب أربيل دورا هاما فى تحالف الدول العربية ضد القوي الداعمة للإرهاب بالمنطقة.

الحكومة الجديدة المحتمل منحها الثقة خلال الساعات القادمة أمامها الكثير من التحديات على جميع الأصعدة، ويستطيع الزعيم الشاب نيجرفان برزاني بما يملكه من كاريزما سياسية وقبول دولي أن يحدث طفرة إقتصادية وسياسية ودبلوماسية لإقليم كردستان خلال فترة رئاسته الجديدة لحكومة الإقليم.

ختاما .. أتمني أن تجد تلك الكلمات صدى لدي صناع القرار بكردستان والقاهرة ، وأن يعمل الطرفان على توثيق علاقتهما واستعادة أواصر الصداقة الراسخة فى أعماق التاريخ بينهما، وهو أمر إن حدث فسيكون له تأثير كبير على مجريات الأمور بالشرق الأوسط ..
منطقة المرفقات