18 نوفمبر، 2024 3:19 ص
Search
Close this search box.

التحديات التي تواجه الاقتصاد العراقي في ظل انخفاض أسعار النفط

التحديات التي تواجه الاقتصاد العراقي في ظل انخفاض أسعار النفط

تمهيد
تميز الاقتصاد العراقي بأنه أحادي الجانب وغير منوع في موارده لاعتماده على قطاع النفط حصرا بدء من عام 1968 ولحد ألان وهذا يعكس السياسات الغبية التي انتهجت من قبل السلطة السابقة التي كانت تفتخر بان اخر برميل مخزون للنفط سيكون في العراق ولم يدركوا ان العالم  المتقدم علميا وتكنولوجيا له من السياسات والإجراءات التي تمكنه من إركاع الآخرين من خلال التحكم بالأسعار والسياسات بما فيها العسكرية وحتى ارتفاع اسعار النفط شاءت قدرة الله ان العراق لم يستفد منها لدخوله الحروب المتكررة ومن ثم الحصار الاقتصادي حتى عام 2003.
ان من المفترض ان تكون هذه الثروة الضخمة نعمة علينا بل كانت هي العكس لكونها استغلت مواردها في بناء ترسانة عسكرية كانت إحدى أدوات النظام السابق بشن حروبا دامية على جيرانه وتبديد طاقات البلد بل إزهاق ارواح الآلاف وربما ان النفط احد الأسباب الرئيسية لاحتلال العراق للسيطرة على منابع النفط  الغنية فيه.
في هذه الدراسة سنسلط الضوء على التغير في هيكلية بناء الاقتصاد العراقي سلبيا مستهدفين السنوات 1970 – 1980 لانها الفترة الذهبية التي كانت تتغنى فيها الحكومة السابقة وادعت بانها فترة تاميم النفط والخطط التنموية الكبرى واقامة المشاريع الاستتراتيجية , اما الفترة التي لحقت ذلك فكانت الحرب العراقية الإيرانية وغزو الكويت والحصار الدولي على العراق ولا يمكن لاقتصاد ان ينمو ويتعافى في مثل هكذا ظروف .
لقد وضع النظام السابق اللبنة الاولى في تدهور الاقتصاد العراقي وما الوضع الذي نعيشه ويواجه اقتصادنا بسبب انخفاض اسعار النفط ما هو الا نتيجة للسياسة المذكورة والتي جعلت من العراق بلد نفطي ليس الا ولغرض ان نفتح مائدة الحوار لا يفوتنا الا ان ننوه الى بعض المصطلحات والمسميات الاقتصادية التي لها علاقة بموضوع الدراسة :
·       معدل الناتج المحلي الإجمالي :
  هو قيمة السلع النهائية المنتجة في عموم الاقتصاد خلال فترة زمنية معينة .
·       رأس المال :
هو ناتج احدى عمليات الانتاج الذي يدخل في عملية انتاجية جديدة وهو , اما ان يكون ثابتا كالمباني والآلات او متداولا كالمواد الأولية التي تدخل في الصناعة
·       التخطيط :
        مجموعة من التنظيمات والترتيبات المحددة اتفق عليها من اجل الوصول الى اهداف   محدده  او هو التوجيه الواعي لموارد المجتمع لتحقيق الأهداف المطلوبة.
·       الخطة :
        مجموعة من القرارات التي تتخذ لتحقيق اهداف معينة بفترة زمنية قد تكون سنة  او خمس سنوات او عشر سنوات تبعا لشمولية التخطيط وحجم الوحدة .
 
 
 
 
·       النمو :
يعني الزيادة التي تحدث دون تدخل الدولة باعداد البرامج والخطط ويمكن ايجاده بالمعادلة التالية :
          د            أ
ن =  ــــــــــــ × ـــــــــــــ
          ل           ر
حيث
ن : النمو      ا : الزيادة في الدخل     د : الاستثمار      ر : الزيادة في راس المال       ل : الدخل
·       التنمية
النمو الإرادي المخطط والمقصود الذي يتم التوصل اليه بواسطة إجراءات وتدابير مناسبة تهدف الى تحقيق معدل نمو معين
 
تدهور القطاعات الاقتصادية في العراق (عدا النفط )
لو استعرضنا حال الاقتصاد العراقي عبر فترة الخمسينات لحد بداية السبعينات التي نعتبرها نقطة تحول فيه حيث بدأت الصناعات النفطية تلعب دورها الحيوي وباستخدام لغة الأرقام الإحصائية بالنسبة لموارده سنلاحظ بكل وضوح انه بلد زراعي اولا ونفطيا ثانيا فلقد كانت مساهمة هذا القطاع ( الزراعي ) في الناتج المحلي الإجمالي 24 %  للفترة 1953 – 1959 و27 %  للفترة 1960 – 1969 ثم انخفضت الى 9% عام 1976 ثم الى 6% عام 1980.
ان هذه الارقام تعكس بوضوح التدهور الذي حصل في هذا القطاع رغم ان النظام قد اعلن سياسات التنمية الزراعية .
لم يكون التدهور في قطاع الزراعة فحسب بل شمل الصناعات التحويلية والقطاعات الاخرى عدا النفط فمثلا قطاع خدمات الماء والكهرباء عام  1970 كانت مساهمته 1.1 % انخفضت الى4, 0% عام 1976 ثم الى  3, 0%  عام 1980 ومثله قطاع الصناعات التحويلية من 9.7% الى 7.1 %  ثم الى 4.5% ونفس الشيء لقطاع الخدمات الشخصية فكانت 2.2% ثم الى 0.9% وبعد ذلك الى 0.4% في حين تعاضم مساهمة قطاع النفط من 30% الى 52% ثم الى 61% لنفس السنوات ايضا ولكن بعد الحرب العراقية الايرانية انخفضت مساهمة القطاع النفطي بسبب العمليات العسكرية الى 24.4 %  بين عامي 1981 – 1982.
صادرات العراق من السلع واستيرادا ته
لو تتبعنا الأرقام الإحصائية الخاصة بصادرات العراق من غير النفط وخلال الفترة 1950 – 1979 سنرى عدم حصول تطور ملحوظ في هذا الاتجاه وبقت الأرقام متواضعة رغم خطط التنمية في القطاع الزراعي والصناعي بالمقابل ارقام استيراد السلع تضاعفت بشكل مضطر للسنوات اعلاه وظهرالعجز الحاصل في الميزان التجاري لعموم السنوات المذكورة ولكن الحكومة في حينها لم تتخذ أي إجراء اقتصادي لحل هذه المشكلة بل لجأت الى موارد النفط الخام لسد العجز المذكور .
مساهمة القطاع الخاص في تكوين راس المال
كلنا يعرف الدور الأساسي والمهم الذي يلعبه النشاط الخاص في تطور الاقتصاد وزيادة نشاطه وفعاليته وكنا نسمع من أجهزة النظام السابق الكثير في هذا الخصوص ولم نلمس شيئا يذكر في الواقع ويمكن استعراض ذلك بلغة الأرقام ومن إحصائيات النظام نفسه فمثلا كانت مساهمة القطاع الخاص في تكوين رأس المال عام 1968 هو 43 % انخفضت الى 17 % عام 1976 ثم الى 20 % عام 1980 ولو رجعنا الى الوراء وأجرينا مقارنه سنلاحظ كانت مساهمة هذا القطاع 53 % عام 1958 ثم إلى 57 % عام 1961 وكان معدل مساهمته للفترة 1962 – 1967 هو 43.6 % وهذا الرقم بل نصفه لم تستطع الأجهزة التخطيطية للنظام السابق ان تصل اليه مطلقا مما يعكس التدهور والجمود الذي كان يعانيه الاقتصاد العراقي واعتماد تكوين رأس المال على مساهمة النشاط الحكومي بالنسبة
الكبرى .
السنوات
 
الصادرات / مليون دينار عراقي
 
الاستيراد / مليون دينار عراقي
 
الميزان التجاري
1950 – 1968
 
بين 20 – 23
 
بين 38 – 144
 
سالب 18 – 121
1969 – 1976
 
معدل 29
 
576
 
سالب 547
1977 – 1979
 
معدل 63
 
1512
 
سالب 1449
 
التحديات :
تتمثل التحديات بل المشكلة الكبرى ان الموارد التي يفترض التي تنعش وتطور قطاعات الاقتصاد العراقي بما فيها الخدمات ستقل بفعل انخفاض أسعار النفط عالميا والركود الاقتصاد الذي يعم العالم مما سيلجأ الدولة العراقية الى اتباع الترشيد في النفقات الغير ضرورية دون نفقات التشغيل ولا نستبعد ان تشمل الأخيرة لو استمرت هذه الحالة للسنوات اللاحقة وانخفض سعر البرميل للنفط الى 20 دولارا , اذا ما علمنا ان عدد الموظفين في العراق هما مليونان واربعمائة شخصا والمتقاعدين هم مليونان ومثل هكذا ارقام ليست بيسرة على الدولة تامين دخولها ورواتبها الشهرية بعد الزيادات الكبيرة التي طرات عليها ولكن البعض يقول ممكن ان نزيد من منتوجنا الوطني النفطي ولكن يتناسى هؤلاء كلف الاستخراج العالية , لذا لابد من التفكير في الخيارات الأخرى .
الحل الامثل
ان الاساس في الحل الامثل يعتمد بتعديل بنيان الاقتصاد العراقي بشكل يقلل من اعتماده على عوائد النفط كمصدر رئيسي لايرادته من خلال زيادة الطاقة الإنتاجية لقطاعي الزراعة والصناعة في تكوين الدخل القومي كذلك استغلال الموارد المعدنية الأخرى .
فقدر تعلق الامر بالزراعة يجب ان نعتمد الامور التالية :
·   تلبية احتياجات التنمية الزراعية من الآلات والمعدات والكمائن والمبيدات والأسمدة وكذلك ما يحتاجه الري من مضخات وشبكات ري بالرش والتنقيط والتركيز على أنتاج البدائل محليا وإحلالها محل المنتجات المستوردة سواء كانت مواد غذائية او مستلزمات انتاج لتحقيق الفائض في ميزان المدفوعات .
·   التركيز على المشروعات الزراعية الخاصة بالمصانع كالطماطة والألبان لتوفير موادها الأولية والوصول الى الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستتراتجية كالحنطة والرز والشعير وعلى غرار تجربة المملكة العربية السعودية .
·       تطوير الثروة السمكية والاستفادة من المسطحات المائية والاهوار والبحيرات .
·   أجراء المسوحات الخاصة بالتربة واستكمال خرائط الملوحة لغرض رفع معدلات الإنتاج الزراعي مع ضرورة المواصلة في استصلاح الأراضي  وشق شبكات الري والبزل بالاعتماد على شركات اجنبية تكاليفها بالاجل.
·   فسح المجال امام الشركات الزراعية العراقية والعربية في مجال الاستثمار الزراعي بخطيه الانتاج النباتي والانتاج الحيواني .
·   مواصلة الجهود المكثفة لزيادة وتطوير الإنتاج الحيواني وفق برامج هادفة ودقيقة وليس كما هو معمول به في أعطاء سلف دون توجيه وضوابط مناسبة .
أما في القطاع الصناعي فيفترض اعتماد الأساليب التالية :
·   تحسين النوعية ووضع مواصفات قياسية معتمدة لمختلف السلع الصناعية وتشديد الرقابة على النوعية لتعزيز ثقة المواطن بالمنتوج الوطني كما هو حاصل حاليا في منتجات شركة عشتار للصناعات الكهربائية .
·       أنشاء وإقامة الصناعات التي تزيد من التشابك الصناعة بالزراعة .
·       التوسع في الصناعات التي تلبي حاجة المواطن كالغذائية والنسيج والأسمدة والسمنت والطابوق وحديد التسليح .
·   منع استيراد السلع الكمالية والغير ضرورية كالعطور ومواد التجميل وفرض ضرائب عالية على التبوغ والسكائر .
·   اعادة تشغيل شركات التمويل الذاتي والاستفادة من كادرها المتمرس عمليا خاصة التي كانت عاملة في مجال التصنيع العسكري سابقا .
·   تشجيع البحث العلمي والتطوير في المراكز المتخصصة واحتضان المواهب الشابة وأصحاب براءات الاختراع والكفاءات
·       التوسع في الصناعات التصديرية للحصول على العملة الاجنبية .
اصلاحات في القطاع التجاري والمالي
·   وضع ضوابط وشروط وفرض ضرائب على المستثمرين العراقين الذين يوظفون رؤوس اموالهم في مشاريع صناعية وزراعية وتجارية في المحيط العربي وبالاخص لبنان والاردن
·   منع مكاتب الصيرفة من تحويل النقد الاجنبي خارج العراق وتتولى المصارف الحكومية الرئيسة في بغداد بهذه المهمة ولتقتصر على حالات الاستيراد المعزز بفواتير السلع والمصدقة من الكمارك والحالات الدراسية والمعالجة الطبية .
·   قيام السيطرة النوعية بمنع استيراد سلع ومعدات واليات من مناشيء واسواق غير موثوق بها من امثال السيارات الصينية والايرانية التي غزت السوق العراقية ولا تستقبل هذه البضاعة اي سوق اجنبية .
·   التشديد في المنافذ الحدودية على المسافرين بعدم خروج المسوكات الذهبية والعملة الورقية العراقية والاجنبية الا بحدود حاجة المسافر .

[email protected]

أحدث المقالات