يرهق المواطن نفسه أحياناً، بالبحث عن تفاصيل علبة الطعام، تحسباً للحفاظ على حياته، ويزهد بالبحث في مشروع وطني..! يهتم بحياته وحياة الأجيال من بعده، خصوصاً وهو لم يدرك شخص تسمم قبله، بنفس العلبة، ولكن شاهد ملايين الأرواح تُقتل أمامه، بسبب غياب أو تأخر هذا المشروع، ولسببين:- أولهما: سذاجة تتملك عقول وأنفس البسطاء، وتُدرك الأمور على أشكالها لا مضامينها، أضف إليه ثانياً: الإعلام المضلل القوي، الذي بدأ يصور ذلك المشروع، شبح يهدد العراق!
مشروع التسوية الذي تبناه “التحالف الوطني” مؤخراً، ما هي بنوده؟ وما هي أسسه؟ومن هم شركاءه؟ وأنا أقرأ ذلك المشروع بكافة ما ينص عليه، وجدته هو قارب الإنقاذ، الذي يتكفل بحل الأزمة، وإخراج الجميع من التيه السياسي، وبحر الدم والفساد، الذي ضرب العراق، ومن الغريب أن أسجل لهذا المشروع، معارض واحد، ولكن أتفاجئ اليوم بكثرة المنتقدين له، في الوقت الذي لم يطلعوا على أبسط هوامش بنوده، وكيفية تطبيقها على الواقع.
جُل ما عرفت من المنتقدين، ان المشروع سيرجع بعض من صدرت عليهم مذكرات القاء قبض، بتهم القتل للحكومة! ولعلها مزحة او أكذوبة، كالتي غرسها معاوية في أذهان الشيعة، وصور لهم أن “الإمام الحسن” ترك شيعته مقابل ولاية العهد، الأمر الذي جعل من “الإمام” في موضع اللائمة، من قبل شيعته والمقربين منه! أو لعلها تشبه كذبة “المأمون” عندما صور للشيعة، أن “الإمام الرضا” باع شيعته بمنصب ولاية العهد، الأمر الذي أوصلهم الى محاولة إغتياله! اليوم الوقوف بوجه هذا المشروع، ومحاربته وإطلاق الاباطيل ضده، هي نفسها تلك التي صدقها الشيعة ضد أئمتهم.
مشروع التسوية، يهدف الى لم شمل الشركاء السياسيين، وإعادة سلسلة جديدة من المفاوضات للتفاهم، والخروج بنتيجة تخرج البلد من ضائقته، ولا صحة لرجوع المطلوبين قضائياً، ولكنها أكاذيب وأباطيل إشترك بها المطلوبين أنفسهم، وبعض الجهات المستفيدة من الوضع المزري للعراق، للحيلولة دون تطبيق المشروع، وإبقاء العراق على حاله، ومن الغريب وبعد هذا المخاض السياسي العسير، يبقى الى اليوم الشعب العراقي بهذه البساطة، التي تنطلي عليه الأكاذيب بسهولة.
المشروع، يحقن دماء العراقيين، ويوجه دفه الحكم بالإتجاه الصحيح، ليسرع بإنتشال البلد من الأزمة، من حيث تضيق فجوى الإختلاف، بين الشركاء السياسيين والحكومة، وليس إعادة للمطلوبين كما يروج بعضهم، وعلى الشعب ان يقف موقف جدي، مساند لهذا المشروع، ونحفظ ما تبقى لدينا من أرواح لم تزهق، ودماء لم تراق، وأموال لم تنهب، وسياسة لم تفنى، وليس في هذا المشروع، باب للسجال والمناكفات السياسية، وإستخدام الجماهير البسيطة، أدوات لضياع العراق الى الأخير.