18 ديسمبر، 2024 8:14 م

التحالف الوطني وحديث الرئاسة

التحالف الوطني وحديث الرئاسة

إن الحديث عن التحالف الوطني؛ ليس حديث عن كيان سياسي انتخابي, أو تجمع يراد خلاله عبور مرحلة معينة, إنما كان وريث للائتلاف الوطني, الذي حمل هموم الأمة, وكتب دستورها, وأسس دولتها, وأطر نظامها السياسي, إلا إن النزوات الشخصية والمصالح الحزبية, عطلته لسنوات عديدة, حتى بث الحكيم فيه الروح من جديد.

ستة أشهر أو يزيد قليلاً, المدة التي أصبح فيها عمار الحكيم رئيساً للتحالف, بعدما كان شبه ميت, الحكيم ليس من طلاب المناصب, ولا بحاجة للمواقع لإبراز شخصيته, على الأصعدة الوطنية والإقليمية والعالمية؛ السياسية والاجتماعية والثقافية, فيكفيه موقعه الحالي “رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي” متعدد القوى السياسية والجهادية والثقافية, إلا إن اقتتاله على توحيد التحالف الوطني, وبث الروح فيه كان لأسباب.

التحالف الوطني؛ ليس عنوان حزبي, بقدر كونه الممثل السياسي لشيعة العراق, الأمر الذي لا يريد أن يقبله البعض, أو يستسيغه آخرين, لأن المصالح الضيقة, والرؤى القاصرة تمنعهم من ذلك, فإذا ما تحدثنا عن وجود الصوت الشيعي بالسلطات, فالكل أتت عبر نافذة التحالف, وأخذت مواقعها, وإذا تحدثنا عن تمثيل الطائفة, فحتى من يدعي مستقل, وذو توجهات إسلامية, لا يمكنه تجاوز التحالف.

إن أهم الأسباب التي تعاب على التحالف الوطني, إن ما جرى ويجري يتحمله التحالف, وهذا بحد ذاته ظلم كبير, فالكل تعرف أسباب التراجع, وما أصاب العراق لم يكن بسبب التحالف, إنما السبب انتخاب الفاسدين, وعدم تسميتهم خوفاً, أو تهرباً من الحقيقة, لا يعني إلقاء التهم جزافاً, فالدمار كان بسبب تلك الأصوات, التي لم تلتزم بالمبادئ والقيم, وتبحث عن الذرائع دائماً.

كان التحالف الوطني؛ لا تعرف له هيكلية, ولا قيادة سوى شخص الرئيس, ونادراً ما يتفق على رأي معين وفي مناسبات خاصة, لكن خلال الستة أشهر الماضية, اختلف كل شيء, فأصبحت هناك اجتماعات منظمة؛ للهيئات القيادية والسياسية والعامة, ولجان فنية ممثلة بالجميع, وزيارات إقليمية ومحلية, وبرامج ومبادرات, وهذا يعني هناك عمل مؤسساتي, يدل على التنظيم العالي, والحريص على النجاح, رغم المعوقات.

ما جعل التحالف الوطني يتصدر الإخبار, دعوة رئيس التحالف لاختيار خليفة له للدورة اللاحقة, يبدو الأغلب كان غير دقيق بتناقله؛ “إن المالكي هو الرئيس القادم” إلا بعد اتضاح الحقيقة أكثر, ظهر نص الاتفاق الأساسي, هو اختيار رئيس الدورة الثانية من دولة القانون, وهذا يعني إن المرشحين؛ “المالكي, العبادي, الشهرستاني, العامري, الخزاعي” لذا وضع الحكيم أولئك أمام مسؤولية الاختيار من الآن.

إذن؛ ما أعلنه السيد الحكيم في ولادة الإمام علي “ع”, رسالة حكيمة لكل لبيب, إن المناصب والمواقع لم تعطي للرجل أدنى أهمية, إذا لم يكن أهلا لها, فإعلان الحكيم التنازل مبكراً, دليل عن زهده فيها, وإيمانه بمبدأ التنازل, والتداول السلمي للسلطة, وفسح المجال لكتل دولة القانون, اختيار من يرونه مناسب.