لاشك أن التحالف الوطني أخذ بالظهور مجددا، ليفرض نفسه على الواقع السياسي العراقي، بعد أن هرم وشاخ، وشارف على الموت، بغياب أبرز مؤسسيه السيد عبد العزيز الحكيم عام 2010، حيث أخذت كتله السياسية المختلفة بالتسلق على خيمته، لغرض الوصول لساريته، وتبديل ملامح القيادة فيها الى ملامح جديدة، ومسميات أخرى تدعي التكتل الأكبر في البرلمان.
لكن ما لاحظناه في التصويت الأخير لقانون الحشد الشعبي، هو أن هناك روحا فتية جديدة عادت تصدح من جديد، وبالرغم تسجيل بعض الملاحظات “السلبية” على هذا الأداء “الديكتاتوري” كما يزعم بعض السنة والأكراد، الا انه تنظيميا يعتبر نجاحا معتبرا، وبفترة قياسية لقيادته الجديدة.
الخطوة الأخرى التي نستدل بها على وجود هذا التحالف الفتي، هي وثيقة التسوية الوطنية التي جاءت بخارطة جديدة للعراق الجديد، والمسمى عراق ما بعد داعش، أو عراق ما بعد 13 عام من التسويات الفاشلة السابقة.
التسوية بحد ذاتها ليست سيئة، وهي كعملية جراحية لمريض أرهقته المسكنات والوعود الزائفة، وأتعبه سهر الليالي، لكن تنفيذها ليس بالشيء السهل واليسير ، مع وجود الفرقاء السياسيين واختلاف أمزجتهم ونواياهم، وأنانيتهم المفرطة في مثل هكذا ظروف، وتأثرهم بـ “تسوناميات” دول الجوار المختلفة.
لم تكن الإمارات العربية المتحدة الحالية، قبل التسوية التاريخية للشيخ زايد، إلا مجموعة قبائل متناثرة في الصحراء، أفرادها حفاة عراة لاهم لهم إلا جمع قوتهم اليومي، ولم تكن سنغافورة إلا جزيرة صغيره قابعة في جنوب شرق آسيا، قبل أن يتخذ ابنها البار “لي كوان يو” قراره بالتسوية مع بلدها الأم ماليزيا، والاستقلال عنها والى الأبد، ليكون دولة سنغافورة، أحد أغنى دول العالم حاليا، كما لا ننسى تسوية زعيم جنوب أفريقيا “مانديلا”، وغيره الكثير من هذه الأمثلة الرائعة.
قد يعترض على هذه التسوية الوطنية المقترحة، بعض رؤساء كتل التحالف الوطني، بالرغم من أنهم أشبعوها نقدا وتعديلا خلال الأشهر الماضية، ولا بد أن يكون هناك منتقدين لها من غير التحالف الوطني، وهناك من لا يريدونها أصلا ومن كلا الطرفين، والسؤال هنا ما هو البديل عن التسوية الوطنية؟ وما هو دور التحالف الوطني -كمؤسسة تقود البلد- في إقناع جميع الأطراف بها؟قد نصل للجواب عندما نعرف بأن التحالف الوطني أقر نظامه الداخلي مؤخرا، وهناك جولات دبلوماسية داخلية وخارجية له ممثلا بكافة كتله وقياداته، ومادام هذا الحراك السياسي موجود ومستمر، فإن التحالف الوطني الجديد، أصبح مؤسسة فتية، فهل سينجح في إيجاد تسوية وطنية تاريخية تجعل من العراق بلدا موحدا وقويا؟